حوار: سمر رضوان

 

وصل وفد عسكري تركي الى روسيا لبحث التطورات الأخيرة في سوريا، وخاصة ملف محافظة ادلب وإنشاء المنطقة الآمنة في الشمال، وتأتي هذه الزيارة بعد اسبوع من لقاء جمع الرئيسين التركي، رجب طيب اردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين في العاصمة موسكو، في 23 كانون الثاني/يناير 2019، ويتزامن اللقاء العسكري بين الجانبين مع استمرار ارسال أنقره مزيد من قواتها الى الحدود السورية.

عن ابعاد زيارة الوفد التركي الى موسكو، وخاصة في ظل التطورات الأخيرة واهمها خروقات في مناطق وقف التصعيد وتنامي هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً في ادلب، سأل مركز “سيتا” الأستاذ إسلام أوزكان، المحلل السياسي التركي عن تفاصيل هذا الموضوع.

مدلولات الزيارة

بما يتعلق بذهاب الوفد العسكري التركي الى موسكو، فالموضوع ليس عسكرياً فقط بل دبلوماسياً أيضاً وعلى رأس هذا الوفد، وزير الخارجية التركي، مولود جاويش اوغلو، فهذه ليست الزيارة الأولى، لقد سبقها لقاءات وزيارات عديدة مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ومسؤولين دبلوماسيين وعسكريين روس. هذه الزيارة لها مدلولات كثيرة:

الدلالة الأولى: بحكم ان الوفد مكون من مسؤولين عسكريين، هذا يعني ان الزيارة تتعلق بالعملية العسكرية المحتملة التي تريد القيام بها الحكومة والجيش التركي في شرق الفرات. برأيي وبحسب المعطيات لهذه الزيارة، ان اللقاء تركز على موضوع العمل العسكري للجيش التركي.

الدلالة الثانية: بعض التصريحات التي ادلى بها الرئيس اردوغان حول العديد من المسائل حول سوريا، لكن على وجه التحديد فيما يتعلق بعملية شرق الفرات، فهذا يعني ان تركيا تحتاج الى موافقة روسية على هذه العملية في شرق الفرات، وايضاً حول موضوع منبج بعد قرار الإنسحاب الأمريكي.

من هنا، اعتقد ان موضوع الإنسحاب الأمريكي هو محل تشكيك فيما اذا انسحاباً كاملاً ام لا، فالمعلومات حتى الآن لم تؤكد هذه النقطة. فهناك معطيات وتصريحات متضاربة حول هذا الأمر، من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، اضافة الى عدد من المسؤولين الأمريكيين، حيث يبدو بأن هناك تردداً داخل الإدارة الأمريكية، برأيي طبعاً.

رفض روسي

بالتركيز على تصريحات الوزير اوغلو بعد اللقاء مع نظيره الروسي الى جانب العديد من المسؤولين الروس، اذ يقول “نحن اتفقنا على القضاء على الإرهاب في شمال سوريا، واتفقنا على عدد من المسائل وسيستمر التعاون والتنسيق بين الطرفين.” هذا يعني الوزير اوغلو لم يؤكد على موضوع موافقة الروس على العملية العسكرية للجيش التركي في شرق الفرات، وبحكم انه لم يأتِ على ذكر هذه العملية، فذلك له دلالة ان الروس لم يوافقوا عليها. وفي حال ثبوت ذلك، فهذا يعني ان تركيا، في هذه النقطة بالذات، تواجه صعوبات كثيرة جداً حول تنفيذ العلمية، وقد تكون شبه مستحيلة. فلا الولايات المتحدة ولا روسيا توافقان عليها. لذلك، في المدى القريب هناك صعوبة لدخول الجيش التركي الى تلك المنطقة، والقيام بعمل عسكري فيها.

نقاط خلافية

هناك نقطة مهمة جداً وهي تحديد مفهوم “الإرهاب”، فما هو مقصود به عند الأتراك يختلف تماماً عما يقصده الروس. فالحكومة الروسية، بحسب قراءتي، لا تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية تنظيماً إرهابياً، وبعد لقاءات عديدة بين القادة الكرد والروس رأينا العلم الروسي جنباً الى جنب مع العلم “وحدات حماية الشعب”. لذلك، قال الوزير اوغلو قبل مدة “لم يكن هناك خلافاً بين الطرفين سوى موضوع رحيل الرئيس السوري، بشار الأسد، من الحكم.”

لكن اعتقد ان الخلاف لم يكن يقتصر على موضوع شخص الرئيس الأسد فقط، بل هناك خلاف متستر وكلا الطرفين لا يريدان التعبير عنه، وهو مسألة وحدات حماية الشعب. في المقابل، الا تريد تركيا جعل الروس خصماً لها، خاصة بعد الأزمات العديدة التي حصلت بينهما قبل ثلاث سنوات باكورتها اسقاط المقاتلة الروسية على الحدود، في لا تود الخوض في مسائل لا تستطيع التغلب عليها او ايجاد حلول لها او تجاوزها مع روسيا. فان الحكومة التركية لا يسعى الى تحويل العلاقة مع روسيا لنحو عدائي، وان حصل ذلك فهذا يعني ان حصار أنقرة من قبل الروس والأمريكيين.

حلول مؤجلة

هناك حالة صبر تركي لتجاوز العديد من الخلافات، والحكومة تعتقد ان هذه الخلافات سيتم حلها بشكل او بآخر، وروسيا سوف تتفهم الحساسيات التركية في الشمال السوري، فيما يتعلق بالوحدات الكردية. ولكن برأيي، ان روسيا لن تغير موقفها من الكرد، فهي تريد، على الأقل، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ان يكون جزءاً من الحل السياسي في سوريا. لذلك، ان وجهة نظر موسكو مختلفة تماماً عن مثيلتها في أنقره، لكن كلا الطرفين اجل حل هذه المشكلة الى مستقبل غير معلوم، وهذا الأمر لا يزال معقداً جداً بين الطرفين ولا يستطيع احد كيفية حل هذه الأزمة، اي مسألتي مصير وحدات حماية الشعب الكردية والحكم الذاتي في الشمال السوري، فهناك لاعبين كثيرين جداً في سوريا وهذا الأمر يستدعي موافقة كل الأطراف، لأن الحل طويل الأمد ولن يكون يسيراً.

مصدر الصورة: عربي 21.