بعد الكثير التطورات التي امتدت ما بين قمة سوتشي و”جنيف 8″، أو على أقل تقدير جولة “جنيف 8” لا سيما بعد إرجاء الجولة الثانية إلى 15 ديسمبر/كانون الأول، تبقى التساؤلات حول ما جرى من أحداث قد تنعكس سلباً على المباحثات الجارية لحل الأزمة السورية.

عن هذه التطورات، حاور مركز “سيتا” الباحث السياسي الأستاذ سومر صالح، نائب مدير المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية. وفي رأيه عن مدى أن يكون تعطيل “جنيف 8” هو للتخلص من نتائج قمة سوتشي، يقول الأستاذ صالح “في المعاني العميقة للسؤال يمكن الإجابة بنعم. فالتعطيل بدء من الرياض عبر السقف العالي وغير المنطقي لمؤتمر “الرياض 2″ للمعارضات السورية بخلاف التفاهمات السعودية -الروسية، والروسية -الأميركية من جهة أخرى، وإصرار روسيا على عقد مؤتمر سوتشي دفعها إلى قبول مقترحات واشنطن في فيتنام للإبقاء على جينيف كإطار عام للتسوية السياسية على الأقل لتقليل المخاوف الأميركية رغم عقم مسار جنيف.”

 

 بناء على ما سبق، يرى الكاتب صالح بأن “مخاوف واشنطن من سوتشي دفعها إلى تعطيل السياقين في آن، ريثما تتبلور تفاهمات أميركية -روسية جديدة، ويبدو أن واشنطن لم تحسب جيداً تبعات السقف العالي لبيان “الرياض 2″، إلا إذا كان تبيِّت نية تقويض مسارات التسوية السياسية والعسكرية والعودة إلى الاحتكام إلى الميادين العسكرية مجدداً. هذا السقف لن يسمح للرياض بممارسة دور تشكيل الوفد الموحد للمعارضات لاحقاً، فبلوغ السقف اللا منطقي والمخالف لنص القرار 2254 يعني أن هذا القرار ملتبس وغير صالح لبلوغ تسوية للأزمة السورية بصيغته الحالية لأنه يحمل ألغاماً كثيرة. ولذلك نستطيع القول أنّ تعطيل “جينف 8” كان أقرب إلى نسف مسار برمته أكثر منه تعطيل جزئي. أما بخصوص سوتشي، فمجرد عقد اللقاء يعني أن روسيا انتقلت إلى الخطة “ب” سياسياً، وهو ما قد يسرع المواجهة الأميركية -الروسية في سورية أو يسرع فض الاشتباك “البارد” حالياً وبلوغ نقطة وسط في الحلول وهو ما أشار إليه بيان دانانغ – فيتنام.”

وعن مدى التعويل على الانتخابات الروسية القادمة وانعكاساتها على الازمة السورية، يقول صالح “الترقب امر طبيعي، ولكن اعتقد اننا لسنا في وارد انعطافة في السلوك الاستراتيجي لروسيا سواء بقي الرئيس بوتين أم لا. فالسلوكين السياسي والاستراتيجي الروسيين تحركهما ابعاد جيوبولتيكية، وليست اهداف برغماتية او اقتصادية خالصة. لذلك، على المستوى الكلي لن تؤثر الانتخابات الروسية في مجرى العمليتين العسكرية والسياسية، ولكن بكل تأكيد ستكون الازمة السورية، ان صح التعبير، حاضرة على اجندات كل المرشحين الرئاسيين، وعلى الأرجح ان تقوم المكنات الإعلامية الدولية بإستخدام هذه المادة للضغط على أي مرشح لحزب “روسيا الموحدة”.

ويضيف صالح “هذه النقطة هي حساسة بكل تأكيد لأن لها مفاعيل عكسية. كيف؟ بمعنى قد تتجه واشنطن الى تعقيد الأمور سياسياً وعسكرياً في سورية للضغط على مرشح الحزب الحاكم الحالي، وهو ما قد يعقد الأمور وهو ما اسمية الأثر الجزئي للانتخابات الروسية على سورية. من هنا، قد يكون قرار تخفيض القوات الروسية في سورية بداية سياسة سد الذرائع تلك وقطع الطريق على الاعلام الغربي لاستغلال تلك النقطة للتأثير على الناخب الروسي.”

 وعن مدى الترابط بين بين الاعتداءات الاسرائيلية لاسيما بعد انتهاء الجولة الاولى من “جنيف 8” بإنسحاب الوفد السوري، يقول الاستاذ صالح “ان طبيعة الأهداف المستهدفة وتوقيت الاعتداءات يضفي طابعاً خاصاً على هذا الاعتداء الصهيوني. فعلى ما يبدو ان قادة كيان العدو قد اختاروا الأهداف قبيل اجتماع تيلرسون – لافروف المقرر في السابع من ديسمبر/كانون الاول الجاري (2017)، لفرض اجندات خاصة على هذا الاجتماع. لكني اعتقد ان هذه الاعتداءات ستضع اتفاق الجنوب (هامبورغ) بين خيارين؛ الخيار الاول، ان تفرض روسيا على واشنطن لجم حليفتها “إسرائيل المعادية” ويستمر هذا الاتفاق على ما هو عليه. الخيار الثاني، انهاء مفاعيل هذا الاتفاق وعودة الحسم الى الميدان جنوباً اذا لم تقم واشنطن بذلك واعتقد انها لن تقوم به، وعندها سيكون العدو حاضراً كطرف اصيل في تلك المعارك بدل ادواته على الأرض،  كما ظهر الأميركي والتركي سابقاً.”

ويختم الباحث صالح بالقول “اليوم تعطيل كل من “جنيف 8″ وسوتشي قد يتبعه تعطيل في سياق استانه وعلى ما يبدو ان اعتداءات العدو الصهيوني هي ضمن هذا التوجه الأميركي.”

مصدر الصورة: الحدث نيوز