ربى يوسف شاهين*
مع اختلاف التطورات الحاصلة على الساحات السورية والإقليمية والدولية، تبقى مسألة إدلب المحور الأساس لجميع التحولات بسبب صعوبة التفاهمات السياسية الحاصلة التي تفتعلها الولايات المتحدة بشأن الشمال السوري، وذلك عبر تصعيد أدواتها الإرهابية في مناطق خفض التصعيد والتي أخذت تركيا، التي تعد اليد الأولى لهذه الفصائل، زمام الحل في تلك المناطق لتتعدد المعوقات على المشهدين العسكري والسياسي لجهة الحل. فكل طرف، يُؤسس للحل بما يتوافق ومصالحه، وهنا نتحدث عن الأطراف التي تسعى لإطالة أمد الحرب على سوريا.
تحاول الولايات المتحدة جاهدة تعزيز وجودها العسكري عبر أدواتها الإرهابية التي تدعي حكماً انها تحاربهم وأنها مستمرة في القضاء عليهم، لكن دعم الأمريكي للكرد، وكذلك استمرار دعم تنظيم “داعش” فيما تبقى من جيوبه، يؤكد أن واشنطن لا تزال تعمل على التناقضات. فبعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عزمه على الإنسحاب من سوريا، تبددت الكثير من المعطيات وما بدى على الأرض ينفي مصداقية ما يصرح به الرئيس ترامب.
إن الدولة السورية، منذ مدة ثمان سنوات، تحاول امتصاص الإنتهاكات “السافرة” لأمريكا وتركيا وأتباعهم على الجغرافية السورية لعلها تصل الى حل يقضي بإيقاف سفك الدم السوري. لهذا، أقدمت هي وحلفاؤها، روسيا وإيران، على الموافقة على منصتي “استانا” و”سوتشي”، اللتان تؤسسان لخارطة طريق سياسية سورية، لكن واشنطن تغض النظر عما من شأنه أن يكون لصالح الدولة والشعب السوري. وبالرغم من ذلك، فإن مسار “أستانا” ماضٍ في انعقاده رغم محاولات ما يسمى المعارضة السورية وتركيا ملإفشالها من خلال أدواتهم الإرهابية على الأرض. فالإجتماع الـ 11 لمنصة “أستانا” لم يصادفه النجاح، وخصوصاً لجهة الدستور السوري بوجود المبعوث الأممي السابق، ستيفان ديمستورا. غير أنه وبوجود الحليفين الروسي والإيراني، نبقى على ثقة في مسألة ايجاد حل سياسي في سوريا، بشكل عام.
وبحسب العديد من المعطيات، سيشارك المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا، غير بيدرسون، في “أستانا” المقبل، ما بين 25 و26 أبريل/نيسان 2019، بحضور أطراف أخرى عربية كما تشير بعض المعلومات، مثل لبنان، إذ أن مسألة إدلب أخذت سنوات للحل، وهذا ما لا ترتضيه القيادة السورية لعلمها أن ما يصاغ من محاولات عبثية لإعادة الوضع إلى ما كانت عليه سوريا، قبل العام 2014، لجهة إعادة انتشار المنظمات الإرهابية على بُقع جغرافية ذات تموضع استراتيجي هام لها والدليل على ذلك قيام بعض المجموعات الإرهابية في الجنوب السوري ببعض الإنتهاكات واستهداف مواقع للجيش، وكذلك الأمر في بلدة سرايا باللاذقية، وعبر مناطق خفض التصعيد اذ لم تتوقف المجموعات الإرهابية عن القيام بالكثير من الإنتهاكات، ناهيك عن قاعدة “التنف” التي لا تزال مركزاً اساسياً لهم حيث يتم تدريبهم ونقلهم بالطائرات الأمريكية إلى معاقل خاصة سواء في الشمال السوري، حيث تواجد القوات الامريكية، او إلى الحدود العراقية، وإلى قاعدة “عين الأسد” في العراق.
إن محاولة واشنطن تأخير الحل في الشمال لا ينفصل عن الحل في إدلب، فالأطراف المتناحرة فيها، إن كان من تركيا إلى الإرهابيين إلى أمريكا أو “قسد|”، تعمل كلها على تحقيق ما صبت إليه في بداية الحرب على سوريا، لكن يبدو بأن الجيش السوري والحليفين الروسي والإيراني قد قطعوا الطريق على المخطط الأمريكي على إمتداد الجغرافية السورية.
ختاماً، سنترقب ما سيجري في “أستانا” المقبل، ونأمل أن يصل الحلفاء إلى حل لمسألة إدلب، وكما قال الرئيس السوري، بشار الأسد، في وقت سابق إن “ما نراه اليوم من حدوث اضطرابات قبل البدء بعملية تحرير إدلب يرجع إلى أن هذه العملية العسكرية هي التي سوف ترسم مصير القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة”، فالمؤشر إلى حدوث تحرك عسكري لتحرير إدلب سيكون وفقا لنتائج منصة “أستانا” لأن صبر القيادة السورية قد نفذ، ولا بد من التحرك الجدي لتحريرها، فهي جزء لا يتجزأ من الدولة السورية.
*كاتبة وإعلامية سورية
مصدر الصورة: دي دبليو.