د. ياسين العلي*
لقد باتت الحتمية بالفشل هي التي تسيطر على فكر معظم أبناء وطننا الغالي سوريا، بعد سنوات الحرب الثمانية العجاف التي مزقت الأمل والحلم بداخل كل مواطن، إلا من رحم ربي وحماه الله بإرادة حرة قادرة على التحدي وتحمل الصعاب وصولاً للتغيير الإيجابي والمساهمة الفعالة في بناء وطن.
دعونا بداية نستعرض تعريفي الحتمية والإرادة الحرة حسب آراء الفلاسفة.
فالقضية الأولى التي تنادي بها الفلسفات الحتمية أن الإرادة الحرة ما هي إلا مجرد وهم إنساني (بإستثناء إذا ما أردنا تعريفها كما في الفلسفة الإنسجامية الأصلية). ويمكن التمييز بين موقفين أو مدرستين: المدرسة القدرية ” Fatalism” والتي تقول بأن جميع الحوادث المستقبلية محددة سلفاً وستحدث ضرورة (وهي نظرة أكثر تعلقا بالميتافيزيقيا)، والحتمية التي ترتبط أساساً وتعتمد على أفكار المدرسة المادية والسببية، وهو موضوع يبحثه الفلاسفة خاصة منذ القدم أهمهم: عمر الخيام، ديفيد هيوم، إيمانويل كانت، بارون دي هولباخ وأخيراً جون سيرل.
أما القضية الثانية، حرية الإرادة، فيعرفها البعض على أنها القدرة على الإختيار دون تحديد النتائج من خلال أحداث ماضية. تقترح الحتمية أنه لا يوجد سوى مسار واحد ممكن للأحداث، والذي يتناقض مع وجود حرية الإرادة. فحرية الإرادة، هي القدرة على الإختيار بين تسلسلات مختلفة من الأحداث بحُرية، وترتبط حرية الإرادة بقوة مع مفاهيم المسؤولية والمدح والجُرم والذنب، والأحكام الأخرى التي تنطبق فقط على الأفعال المختارة بحرية. وترتبط حرية الإرادة أيضاً بمفاهيم النصيحة والإقناع والقصد والمنع.
ولإسقاط هذا المفهوم الفلسفي على واقعنا الإجتماعي المعاش، لا بد من الوصول لتوافقية تجعل من اقتران الحتمية بالإرادة الحرة أمراً ممكناً وقابلاً للتطبيق.
فلن نقف مكتوفي الأيدي، منكسي الرؤوس قبالة سنبلة تحتضر، أو وردة تسقط من غير سابق إنذار. فلنبادر لفعل شيئاً ما، شيئاً يشبه النشيد الغامض للأشجار قبل سقوطها أمام أقدام الحطابين، ولننقل عدوى المبادرة للفتيان، للضواحي، وللقرى المهجورة، حسبنا أن المبادرة، طعنة رحيمة في خاصرة الوجع.
هذه مناشدة شفيفة مثل ريشة تقاوم عاصفة وناي يقاوم وحشة جارحة ودعوة تساهم في تغيير أقدار الألم بقدر الأمل!
ولتكن مبادرتنا الفردية والجماعية هي أنشودة العائدين، لنجعل من مبادراتنا رصاصة في عين العاصفة! ولتكن بلسم لخاصرة الوجع.
*رئيس اللجنة الإقتصادية في حزب التنمية الوطني السوري
مصدر الصورة: روسيا اليوم.