حوار: سمر رضوان*

إن اهتمام الدول التي تقع على سواحل البحر المتوسط، خلق حالة من التنافس، إذ لا يخلو ذلك من مخاطر سياسية وتنافس إقليمي قد يهدد آمال الإستثمار في أكبر مصادر الطاقة القريبة من أوروبا. هذا الإستثمار قد يغير المناخ السياسي والإقتصادي في المنطقة، لكن في الوقت نفسه من المحتمل أن يفاقم النزاعات الحدودية التي تعود لعقود ويولد توترات جديدة.

عن هذا الموضوع تواصل مركز “سيتا” مع اللواء إسماعيل حقي بكين، رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية التركي سابقاً، للوقوف حول حقائق الصراع والمخاطر والحلول.

ضرورة التعاون

إن كل من تركيا وسوريا يكملان بعضهما البعض في الشرق الأوسط، بمعنى أن شرط بقاء واحدة مرتبط بالأخرى وبشكل كبير وعميق. فعلاوة على المشكلة الكردية المشتركة التي تعاني منها الدولتان خصوصاً سوريا في منطقة الشمال والشمال الشرقي، هناك مشكلة اللاجئين السوريين في تركيا والذي يحتاج إلى الكثير من التعاون من أجل إنجاز هذا الملف، ناهيك عن مسألة التجارة المتبادلة بين البلدين وأهميتها. برأيي، أننا نركز فقط على الناحية السلبية من العلاقات ونبني جميع استراتيجياتنا وخطاباتنا على أساسها.

الملاحة والطاقة

تعتبر مياه شرق المتوسط إحدى أهم المجالات ذات الإهتمام والتعاون المشترك بين البلدين، في الفترة المقبلة، خصوصاً لجهة الملاحة أو الطاقة بسبب التغيير الجيو – سياسي الذي أحدثته اكتشافات النفط والغاز الطبيعي. فمصادر الطاقة تلك قد أسالت لعاب العديد من دول المنطقة، لا سيما إسرائيل والإدارة القبرصية – اليونانية (قبرص اليونانية)، حيث عقدت اتفاقيات ثنائية لترسيم وتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة لكل دولة من دون حفظ حقوق الدول الأخرى، كتركيا وجمهورية قبرص الشمالية.

وفي هذا الشأن، إن المبادرات والشراكات بين كل من إسرائيل والإدارة القبرصية اليونانية، التي تدعمها اليونان والإتحاد الأوروبي، جديرة بالملاحظة. فالجميع يعلم أن تلك الإدارة أبرمت اتفاقات ثنائية مع كل من مصر، 17 فبراير/شباط 2003، ولبنان، 17 يناير/كانون الثاني 2007، وإسرائيل، 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بما يخص تحديد المناطق الإقتصادية الخالصة. هنا، تجدر الإشارة إلى أن البرلمان اللبناني لم يصادق ويوافق على هذا الإتفاق خوفاً من أي رد تركي قاسي.

حلف مشترك

بناء على هذه الاتفاقيات، بدأت تلك الدول بالتنقيب في تلك المناطق، خصوصاً الإدارة القبرصية وإسرائيل، مدعومين من قبل الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي، فيما بقيت مصالح أنقرة مهددة. من هنا، كانت الحاجة التركية لإتخاذ تدابير حمائية لحفظ حقوقها ومصالحها، ومعها قبرص الشمالية.

أبرز تلك الإجراءات تتمثلت في ضرورة ايجاد تعاون مع سوريا من أجل تعطيل ألاعيب الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي. لهذا، نحن بحاجة إلى التعاون مع سوريا في شرق البحر المتوسط؛ فبعد تدهور العلاقات التركية – الإسرائيلية، تطور الخلاف بين تركيا واليونان والهدف إبعاد أنقرة عن شرق المتوسط.

من هنا تأتي أهمية التعاون مع سوريا وضرورة إيجاد حوار مشترك. وما يعزز ذلك مستقبلاً، انضمام روسيا، بل وحتى الصين، لهذا الخط ما يحقق توازناً مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المنطقة.

مقاومة المخططات

يعد شرق البحر المتوسط نقطة الإتصال والتجارة بين القارات الثلاث، فهذه النقطة تكفي لشرح الأهمية الجيو – سياسية له من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل، وازدادت أهميته مع الإكتشافات النفطية الضخمة.

من هنا، يجب على كل من تركيا وقبرص الشمالية مقاومة كل عمليات إبعادهما عن تلك المنطقة من خلال التحالف مع سوريا، وضم روسيا وبلدان المنطقة إليه، بهدف تعطيل مشاريع الإدارة القبرصية – اليونانية ومن معها، أي اليونان وإسرائيل، إذ سيكون التحالف مع دمشق بداية مهمة لإيقاف تلك المخططات.

*شكر خاص للأستاذ دنيز البستاني على الترجمة.

مصدر الصورة: وكالة نيوز.