سمر رضوان

لم يمضِ على ضرب الناقلات النفطية في الخليج الكثير من الوقت، ليتبع ذلك إسقاط طائرة تجسسية أمريكية مسيّرة من قبل الإيرانيين، ليقوم بعدها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإستثمار هذه الحوادث مجتمعةً عبر المنصة “الرسمية” لإصدار القرارات الأمريكية، أي “تويتر”، معلناً أن على الدول حماية ناقلاتها أو “دفع الأموال” مقابل تلك الحماية مسمياً دولا بعينها، مثل الصين واليابان.

حول التصريح الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بخصوص أن على الدول الأخرى حماية ناقلاتها النفطية في الشرق الأوسط، وأسبابه ومدى ارتباطه بالحرب التجارية الأمريكية – الصينية، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ محمود ريا، الخبير في الشؤون الصينية ومدير موقع “الصين بعيون عربية”، عن هذا الموضوع.

حاميها “حراميها”

يبدو من المضحك أن يدعو الرئيس ترامب الدول الأخرى إلى حماية سفنها وناقلاتها النفطية التي تمر في الخليج، لأن الواقع هو أن من يهدد السفن هو السياسة الأمريكية نفسها. هذه السياسة التي تفرض نفسها كظل ثقيل على الوضع في تلك المنطقة، لا سيما مضيق هرمز وبحر عُمان، بما يؤدي إلى خلق التوترات للدول المطلة على الخليج، وبالتالي إلى تهديد الأمن النفطي للعالم كله.

أن تتراجع الولايات المتحدة عن سياساتها الإستفزازية وعن إجراءاتها القمعية، بحق إيران مثلاً، هو أمر كافٍ لكي يجعل الإقتصاد العالمي منتعشاً، وأن تسير ناقلات النفط بهدوء ودون أية مشاكل كما كانت تسير عليه الأمور خلال السنوات العشر الماضية، بإستثناء بعض الفترات القليلة جداً التي كان للتدخل الأمريكي الأثر السلبي على مسار هذه الناقلات.

إنعكاسات خطيرة

المسألة في البداية تتعلق بالانعكاس الخطير للسياسات الأمريكية على أمن النفط في العالم، وعلى المسار الآمن للناقلات النفطية في منطقة الخليج، بما يعني أن ما “يتبجح” به الرئيس ترامب من حماية قافلات النفط هو كلام غير صحيح، بل هو نوع من الإستفزاز والإدعاء الكاذب والزعم غير الصحيح للدور الأمريكي الذي هو في الأساس دور سلبي.

بالتالي، لا يمكن للدول الأخرى أن تدفع للولايات المتحدة ثمن استفزازاتها وثمن إبتزازها وثمن الإجراءات السلبية التي تقوم بها في العالم من باب كونها دولة “بلطجية”، تقوم بتخريب الأمن وطلب ثمن إعادته إلى نصابه الصحيح.

إدّعاءات فارغة

لا أتصور أن الولايات المتحدة قادرة الآن على إتخاذ خطوة جذرية بمستوى ضرب الناقلات النفطية الصينية، لأن هذه الخطوة تعد مسّاً بالأمن الإقتصادي وبالكرامة الوطنية الصينية، وهذا أمر لا يمكن للصين أن تتجاوزه.

إلى ذلك، إن الطرف الآخر، أي إيران المعنية بأمن الخليج، لن تضرب السفن الصينية بأية حالة من الأحوال؛ وفي حال حصلت حرب نفطية، أو حرب على ناقلات النفط، فهي ستختار أهدافها بعناية.

يبقى أن الطرف الأمريكي هو الذي سيقوم بإستهداف ناقلات النفط، وهذا يجر العالم إلى حرب خطيرة جداً على المستوى العسكري، ولا أظن أن الولايات المتحدة قادرة على لعب هذا الدور، والقيام بهذه المهمة، وأن تستهدف الصين وناقلاتها النفطية.

وبكل الأحوال، الصين لا تخضع للإبتزاز ولا تدفع كما قلنا “للبلطجيين” و”للفتوات”، وللذين يعملون على تهديد الأمن من أجل الحصول على قوات من الأطراف الأخرى. فالصين هي طرف عالمي كبير، ولها القدرة على أن تحمي ناقلاتها دون حاجة إلى التدخل الأمريكي.

حصانة كبرى

لدى الصين الكثير من الوسائل لحماية نفطها وناقلاتها يقع أهمها في الإتفاقيات والمواقف الصينية الرصينة والموزونة التي تتخذها من القضايا العالمية، وهذا ما يجعل لناقلاتها حصانة كبرى، حصانة معنوية قبل المادية، في حال حصول أية مشاكل أو أي توتر أو أي تدهور للوضع في منطقة الخليج.

من أجل ذلك، لسيت الصين مستهدفة حتى تفكر بحماية ناقلاتها، إلا من الطرف الأمريكي؛ وبالتالي، الصين لديها أسطولها الكبير الذي يجوب البحار العالية، والذي يقوم برحلات طويلة وواسعة جداً من أجل حماية الأمن البحري على مستوى منطقة المحيطين الهندي والهادئ وكل المنطقة المشمولة بالتهديدات الموجودة.

أما البحرية الصينية فتقوم، وعلى مدى سنوات سابقة، بمرافقة الناقلات النفطية والسفن التجارية لحمايتها من القراصنة سواءً في مضيق باب المندب أو في منطقة الخليج وبحر العرب، والمحيط الهندي، كل هذه المناطق دوريات البحرية الصينية موجودة دائما، وهذه الدوريات تعد بالآلاف سنوياً.

لذلك، لدى الصين كامل القدرة على حماية حاملاتها وناقلاتها وسفنها، ولا تحتاج لحماية الولايات المتحدة لكي تكون الحامي البديل عنها.

مصدر الصورة: فرانس 24.