حوار: سمر رضوان

رافق أحمد داوود أوغلو، أو “الخوجا” كما يحلو لرفاقه مناداته، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في بناء حزب “العدالة والتنمية” بصورته الحالية، وكان مُنظراً لبعض أفكاره الإيديولوجية ورسم سياساته. فهل هل جاء قرار قيادة حزب “العدالة والتنمية” إحالة رئيس الوزراء السابق إلى مجلس تأديبي خاتمة لعلاقة صعبة بين رجلين تعاونا في بناء الحزب الحاكم في تركيا؟

عن أسباب تصاعد الخلافات داخل البيت التركي الواحد وتداعيات ذلك على أسس وبنية الحزب الحاكم، سأل مركز “سيتا” الأستاذ تورغوت أوغلو، المحلل السياسي التركي في لندن، حول هذا الموضوع.

تصدّع البيت الداخلي

هناك أزمة عميقة داخل حزب “العدالة والتنمية”، وهذه الأزمة حالياً عبارة عن مشكلتين؛ المشكلة الأولى، تتعلق بأحمد أوغلو. أما المشكلة الثانية، فتتمثل في علي باباجان، أحد الشخصيات السياسية البارزة في الحزب، حيث أن الأخير يختلف عن أوغلو. غير أن الرئيس أردوغان عزلهمها من منصبيهما في الوقت الذي يخشى منهما فيه.

ففي إستفتاء رأي شعبي داخل الحزب الحاكم بشأن قيام أوغلو وباباجان بتأسيس حزب جديد، فمن الممكن جداً أن يحصل أوغلو، من قلب حزب “العدالة والتنمية”، على نسبة اصوات تتراوح ما بين 2% إلى 3%. في المقابل، سيحصل باباجان على نسبة أعلى من تلك التي سيحصل عليها أوغلو قد تصل إلى حدود الـ 8% تقريباً. وإذا ما أسسا حزبا سوياً، فستصبح النسبة بين 11% و12%، وهذا الأمر يعتبر شيئاً خطيراً بالنسبة للرئيس أردوغان.

أما بالنسبة للخلاف العميق ما بين الرئيس أردوغان وأغلو، يمكن القول بأن أساسه شخصي. فمن خلال مصادري لمعرفة أسباب الخلاف، كانت “شتيمة” الرئيس أردوغان لأوغلو. فكل موجات “الإنتقام” الموجودة اليوم يعود أساسها إلى هذه المشكلة الشخصية بينهما. برأيي، إن شخصية الرئيس أردوغان البراغماتية تستطيع إيجاد طريقة ما لترميم هذا الخلاف لا بل حتى الإتفاق مجدداً مع أوغلو خصوصاً إذا ما شعر الأول بأن الخطر كبير وسيطيح بالجميع.

خطر محدق

هدد الرئيس أردوغان بفتح ملفات قديمة لأوغلو والأخير يتوعده بالأمر نفسه، لكن المشكلة تكمن في أن من يفتح أوغلو تلك الملفات. فبالنسبة للرئيس أردوغان وكوادر حزب “العدالة والتنمية”، يعتبر هذا الموضوع أمراً خطيراً خصوصاً بعد الأزمات الكبيرة التي حدثت قبل الإنتخابات التركية الأخيرة، وتلويح أوغلو يفتح تلك الملفات يصب في هذا الإتجاه.

من هنا، إن إقالة 5 أو 7 من كوادر حزب “العدالة والتنمية” ليست مشكلة مهمة أو كبيرة، فهذا القرار يعود أساسا للرئيس أردوغان، ومن نفذ هو حزبه. اما المهم هنا، أن لا ينقلب الرئيس أردوغان على رفاقه، فعندما يستشعر بخطرهم في الإنقلاب سيقوم بالإطاحة بهم.

في هذه اللحظات بالذات، يجب الإنتظار لنرى ماذا سيحدث خصوصاً وأنه لم يتم الإعلان بعد عن تأسيس حركة أو حزب أو ما شابه ذلك. لكن من الممكن في آخر هذا العام (2019) أو الصيف المقبل (2020) أن يتم تأسيس حزب جديد، على الرغم تصريحات باباجان وأوغلو بضرورة إنشاء حزب جديد، ولكن بإعتقادي أن يحدث ذلك في فترة لاحقة.

أزمات وإنتخابات مبكرة

في أواخر هذا العام (2019) وبحسب الإحصائية، انفصل أكثر من مليون شخص عن حزب “العدالة والتنمية” ورأينا ذلك جلياً في انتخابات بلدية إسطنبول حيث كان فارق الأصوات حوالي مليون ناخب تقريباً. من هنا، يمكن القول بأن المشكلة ليست إقتصادية فقط، بل هناك أيضاً أزمة سياسية، فالشعب التركي، الليبرالي أو الإسلامي أو المحافظ، لديه خلافات كثيرة، ناهيك عن المشكلة ما بين الكرد والأتراك.

إضافة إلى ذلك، إن معظم الشعب التركي يحمل الرئيس أردوغان مسؤولية تلك الخلافات. أما بخصوص الأزمة الاقتصادية، فإن الشعب، وخاصة أنصار حزب “العدالة والتنمية”، يحملون المسؤولية لوزير المالية، براءت البيرق. هذه التصاعدات المتسارعة في الأحداث، من الممكن أن تجعل من الرئيس أردوغان الخاسر الأكبر في الإنتخابات المقبلة.

أما بالنسبة إلى مسألة الإنتخابات المبكرة، إن حصولها أمر ممكن جداً، لكن هناك مشكلة رسمية تتمثل في أن الرئيس أردوغان تولى منصب الرئاسة لمرتين في وقت صدر فيه قانون جديد يمنع من تولى الرئاسة لولايتين من الترشح لمرة ثالثة. فلو أراد الترشح لمرة الثالثة، عليه إبطال القانون القديم وتجهيز آخر بديل يتيح له ذلك.

فلو قام كل من أوغلو وباباجان بتأسيس حزب جديد، ستكون هناك إنتخابات مبكرة ومن الممكن أن تجرى خلال العام 2020 أو بداية العام 2021.

مصدر الصور: الميادين.