إعداد: مركز سيتا

تبدأ إيطاليا الدخول في مرحلة حاسمةً حول مستقبل حكومة جوزيبي كونتي المهددة بالسقوط منذ أن خرج زعيم رابطة اليمين المتطرف، ماتيو سالفيني، من تحالفه مع شريكه في الائتلاف الحاكم ودفعاً بإتجاه إجراء انتخابات مبكرة في الخريف. لكن هذه الخطوة قوبلت برفض غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الإيطالي بالتصويت على حجب الثقة عن حكومة كونتي داعين الأخير إلى إلقاء كلمة أمام المجلس لسماع وجهة نظره بشأن الأزمة الحالية في 20 أغسطس/آب الحالي (2019).

يأتي ذلك في وقت حذر سياسيون إيطاليون من مساعي سالفيني إلى إخراج البلاد من الإتحاد الأوروبي في وقت يتخبط إقتصادها بين نمو ضعيف ودين عام متصاعد.

الدوافع والأسباب

يشير سالفيني إلى أن مبادرة إجراء انتخابات مبكرة يعود سببها إلى أنه “لم يعد يريد سلطة تنفيذية تشهد شجارات متواصلة، إننا بحاجة إلى حكومة مستقرة لخمس سنوات”، منتقداً حركة “الخمس نجوم” في رفضها المستمر للمشاريع الكبرى والتخفيضات الضريبية، الأمر الذي دفع به للقيام بجولة على الشواطئ لكسب تأييد ناخبي الجنوب المناصرين لحركة خمس نجوم، شريكته في الحكومة، إلا أنه رغم ذلك، واجه اعتراضات في بازيليكاتا وصقلية حيث ذكره البعض بإنتقاداته السابقة لـ “الجنوب الذي يعيش على المساعدات”.

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة “جورنالي” اليمينية، أكد سالفيني أنه في حال تقررت انتخابات مبكرة فهو لن يخوضها منفرداً معلناً أنه سيلتقي “في الساعات المقبلة (رئيس الوزراء السابق سيلفيو ) برلسكوني و(زعيمة حزب “فراتيلي ديتاليا” جورجيا) ميلوني” لكي “أقترح عليهما اتفاقاً” انتخابياً، إذ من شأن تحالف سالفيني مع برلسكوني وميلوني أن يؤمن له غالبية وازنة.

الأهداف والمبررات

يسعى سالفيني إلى تشديد الضغوط على الحكومة وصولاً إلى التصويت على مذكرة بحجب الثقة عن حكومة كونتي، في مهلة أقصاها 20 أغسطس/آب الحالي، مراهناً على استطلاعات للرأي تمنحه 36 إلى 38% من الاصوات، والتي انعكست عما كانت عليه في العام 2018، بانتظار تحديد مجلس الشيوخ لموعد جلسة التصويت على حجب الثقة عن الحكومة هذا الأسبوع، ليحقق الغاء 345 مقعد من أصل 950 مقعد حالي، من أجل إعادة الاستثمار في المدارس والطرقات والمستشفيات.

ولتسريع سقوط حكومة كونتي، أكد سالفيني استعداده لتقديم استقالة وزراء الرابطة السبعة، ما يقوض موقف المعارضين لإنتخابات مبكرة ويمكنه من تفادي فشل مذكرة حجب الثقة التي طرحتها الرابطة في حين لا تملك سوى 58 مقعداً من أصل 319 في مجلس الشيوخ.

إنهيار وشيك

تشير توقعات الإقتصاديين، إلى أن إنفراد سالفيني بالسلطة قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في الإقتصاد الإيطالي الضعيف أصلاً، والذي يتوقّع أن تكون نسبة نموه هذا العام (2019) شبه معدومة، وإلى زيادة الدين العام الذي تخطى الـ 130% من إجمالي الناتج المحلي وهو ما أشار إليه وزير الإقتصاد السابق، بيار كارلو بادوان.

إضافة إلى ذلك وبرغم تصريحاته المتكررة حول إبقاء إيطاليا ضمن الإتحاد الأوروبي، إلا أن خصومه تشكك أنه في حال حصوله على الغالبية المطلقة في البرلمان، فسوف يدفع البلاد نحو الخروج من أوروبا.

معسكر معارض

بدأ المعسكر المعارض لسالفيني بحشد صفوفه بعدما تخطى صدمة فك التحالف بينه وبين لويجي دي مايو، زعيم حركة “خمس نجوم”، الذي دعا القوى السياسية الإيطالية إلى التصويت على التخفيض المقرر لعدد البرلمانيين قبل العودة إلى صناديق الاقتراع، قائلاً “دعونا نلغي 345 مقعداً (من أصل 950 مقعداً حالياً تعتبر عدداً قياسياً) ورواتبها” من أجل إعادة الاستثمار في “المدارس والطرقات والمستشفيات”، بينما خرج مؤسس الحركة، الممثل الهزلي بيبي غريلو، عن صمته ليساند دي مايو مقترحاً تشكيل “جبهة جمهورية” قادرة على منع “الهمجيين” من السيطرة على السلطة.

في هذا الوقت، أعرب رئيس الوزراء الأسبق، إنريكو ليتا، عن “قلقه الكبير” حيال صعود سالفيني، محذراً من أن زعيم حزب الرابطة قد يحصل على “الغالبية المطلقة” في البرلمان، بحيث سيشكل فوز سالفيني خطراً كبيراً على البلاد من خلال حبه للسلطة الذي قد يدفع بإيطاليا إلى الخروج من أوروبا.

إلا أن التطور المهم هو رفض مجلس الشيوخ الإيطالي يوم الثلاثاء الفائت، دعوة الزعيم اليميني المتطرف ماتيو سالفيني للتصويت العاجل بحجب الثقة عن الحكومة، وقرر بدلاً من ذلك أن يدلي رئيس الوزراء جوسيبي كونتي بكلمة أمام المجلس في 20 أغسطس/آب (2019)، إذ تم قطع إجازات أعضاء المجلس وإستدعائهم بعد أن فشل زعماء التجمعات السياسية في المجلس في الإتفاق على جدول زمني للتصويت على حجب الثقة عن الحكومة طالب به سالفيني.

من هنا، يبدو أن حكومة كونتي ينتظرها مصير حاسم إذ بدأت في العد التنازلي لتحديد وجودها بعد أن باتت مهددة بالسقوط. فلولا مجلس الشيوخ، لسقطت عند طلب حجب الثقة.

لا شك أن الحكومة الإيطالية باتت على مفترق طرق إذ تداهمها العديد من الملفات المصيرية، أكبرها الخروج من الإتحاد الأوروبي، والإنهيار المتزايد في الوضع الإقتصادي الذي يزيد من النقمة عليها في ظل أوضاع هشة. لذلك، يجب على كونتي أن يبعث الأمل، في كلمته، عبر إيجاد حلول ترضي الخصوم لتقطع الطريق أمام سلبيات المستقبل القادم على عموم البلاد.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: أخبار ليبيا – رويترز.