إعداد: يارا انبيعة
حتى الآن لم يتم تحديد تاريخ معين لبدء الحرب. كثيرون يرون، بما فيهم التحالف وحكومته الشرعية، بأنها قد بدأت فعلياً، يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014 عندما، اجتاح الحوثيون صنعاء؛ وآخرون بما فيها وثائق الكونغرس الأمريكي تقول بأنها بدأت، يوم 26 مارس/آذار2015، عندما أعلنت السعودية عن تحالف ضد الحوثيين، “عاصفة الحزم”، دعماً لحكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، التي تهدف لإستعادة سلطته.
على أن هناك فريق ثالث يرى بأنها لم تبدأ في أيٍ من التاريخين السابقين اللذين يمكن اعتبارهما “مرحلتين تابعتين” من مراحل الحرب التي بدأت في 9 يوليو/تموز 2014، عندما سيطر الحوثيون على مقر اللواء 310، وقوات الأمن الخاصة، وإدارة الأمن، وإدارة شرطة المرور في محافظة عمران، التي تقع فيها المنشآت الأمنية للحكومة اليمنية، وهو ما عرف بـ “سقوط عمران”.
على بداية الطريق
أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، عن انطلاق محادثات السلام اليمنية في السويد برعاية الأمم المتحدة، بعدما توقفت لعامين، وقال “إن الأيام المقبلة ستكون فارقة في الأزمة اليمنية”، مشيراً إلى أن العملية السياسية ستستأنف و”نأمل أن نتمكن خلال الأيام المقبلة من حل العديد من المشاكل لتخفيف المعاناة عن اليمنيين.”
ورأى غريفيث أن هناك جهداً دولياً كبيراً لإنهاء الحرب في اليمن، إذ قال “إنه ما من شك في أن مستقبل اليمن بيد المشاركين في المشاورات” التي تهدف إلى وضع إطار عمل سياسي، محذراً من أن نصف سكان اليمن قد يعانون من مجاعة إذا لم يتم التوصل لحل، حيث يعاني حوالي 20 مليون شخص من الجوع بينهم حوالي 1.8 مليون طفل حالتهم صعبة بسبب “سوء التغذية الحاد”، ولذك وفقاً لتقرير صدر عن الحكومة اليمنية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، برنامج الأغذية العالمي (WFP) والشركاء في المجال الإنساني.
إلى ذلك، رفض غريفيث “افتراضات البعض بأن الأمم المتحدة تحاول إنقاذ الحوثيين في إطار هذه العملية السياسية.”
إتفاق وهدنة
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، أن الأطراف المتحاربة في اليمن اتفقت على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الإستراتيجية، حيث قال “لقد توصلنا إلى اتفاق حول ميناء ومدينة الحديدة سيشهد إعادة انتشار متبادل للقوات ووقف لإطلاق النار على مستوى المحافظة”، مضيفاً “ستلعب الأمم المتحدة دوراً رائداً في الميناء، وهذا سيسهل وصول المساعدات الإنسانية.”
كما أشار الأمين العام إلى أن الطرفان توصلا أيضاً إلى تفاهم متبادل لتخفيف الوضع في تعز “واعتقد أن هذا سيؤدي إلى فتح ممرات إنسانية وتسهيل إزالة الألغام”، كما أعلن أنهما قد توصلا إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار في ميناء مدينة الحديدة، وتبادل الأسرى، والسماح بفتح الممرات إنسانية، مع وضع إطار للمفاوضات المستقبلية.
وأضاف غوتيريش “قبل مجيئنا إلى هنا، اتفقنا بالفعل على تبادل الأسرى، وقد اتفقنا الآن على جدول زمني لتنفيذ تبادل الآلاف للم شمل اليمنيين بعائلاتهم”، متابعاً “وأخيرا، خطوة مهمة جدا لعملية السلام: اتفقنا على المشاركة في المناقشات حول إطار التفاوض في الإجتماع المقبل، هذا عنصر حاسم لمستقبل التسوية السياسية من أجل إنهاء الصراع… وبناء على مشاركتكم البناءة في السويد، لدينا فهم أفضل لمواقف الأطراف.”
وعلى صعيد متصل، قال الوزير اليماني “نأسف لتعنت الحوثيين في الملف الإقتصادي بمشاورات السويد”، بينما كان رد عبد السلام “قدمنا تنازلات كبيرة من أجل الشعب اليمني فيما يخص الحديدة.”
مصير الحديدة
في تطرقه إلى ما تم الإتفاق عليه حول التهدئة في مدينة وميناء الحديدة اليمنية، وصف عبد السلام الأمر بأنه “اتفاق مهم للإنسانية وهو انتصار للمواطن اليمني والإنسانية.” مع ذلك، صرح عبد السلام بأن الطرف الذي يمثله وافق على الإطار التفاوضي للحل السياسي الذي قدمه المبعوث الدولي لليمن، لكن الحكومة اليمنية رفضت النقاش حوله في الوقت الحالي.
وحول الإتفاق، قال عبد السلام إن “السلطات المحلية القائمة حالياً ستكون هي السلطات الرسمية في الحديدة بالتنسيق مع الأمم المتحدة”، مؤكداً أن الخط الواصل بين صنعاء والحديدة، والخطوط الأخرى إلى تعز وصعدة، يجب أن تكون آمنة وغير مستهدفة اطلاقاً.
من خلال ما سبق، يرى عبد السلام أن وفده قدم تنازلات كبيرة، إلا أن الحكومة اليمنية رفضت أن تقدم تنازلات في مطار صنعاء الدولي، معلناً عن استعداد سلطات صنعاء للسماح بدور لوجيستي للأمم المتحدة في هذا المطار، كما أن رفع الحصار عن المطار هو “مهمة إنسانية بحتة” أيضاً.
“الجثة” والأسرى
قال وزير الإعلام اليمني في حكومة الرئيس هادي، معمرالإرياني، إن كشف الحكومة للأسرى والمعتقلين شمل الجميع بمن فيهم أقارب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وتسليم جثمانه، مشيراً إلى أنه و”بناء على توجيهات الرئيس هادي فقد شمل كشف تبادل الأسرى المقدم من الوفد الحكومي في مشاورات السويد جميع المختطفين والمعتقلين والمخفيين قسرياً من كل الأطراف والمكونات السياسية، بمن فيهم أقارب الرئيس السابق وتسليم جثمانه والإفراج عن قيادات وكوادر (حزب) المؤتمر في سجون الحوثيين.”
وأضاف الوزير، في موضوع قوائم تبادل الأسرى، أن الحكومة الشرعية سلمت 8576 اسماً تضم سياسيين وإعلاميين وحقوقيين وناشطين ونساء، فيما ضمت القوائم الحوثية 7487 اسماً من “أسرى الحرب” وقعوا في قبضة الجيش الوطني وهم يقاتلون في صفوفها، هذه القائمة مفتوحة لإضافة أية قوائم جديدة.
في هذا الشأن، يقول عبد السلام إنها “لا تمثل انتصاراً لأحد”، مؤكداً أن لجنة الأسرى بذلت جهوداً كبيرة في هذا الإتجاه وكانت تملك كل المعلومات والقوائم فيما يخص عملية التبادل، كما أعرب عن تمني سلطات صنعاء أن تجري عملية تبادل أسرى بشكل كامل.
تدخل أمريكي
أيد مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون ينهي الدعم العسكري الأمريكي للحرب في اليمن في تحدٍ للرئيس، دونالد ترامب، ضمن تصويت تاريخي يعكس غضب المشرعين من قضية الصحافي السعودي، جمال خاشقجي.
وبالرغم من أن هذا الإجراء عليه اجتياز عقبات أخرى حتى يصبح قانوناً نافذاً، إلا أن التصويت بموافقة 56 واعتراض 41 عضواً يعد أول إجراء من نوعه يؤيد فيه أي من مجلس الكونغرس خطوة لسحب قوات أمريكية من المشاركة في عمل عسكري أجنبي وفقاً لقانون “سلطات الحرب”. فلقد حد هذا القانون، الذي سن في فترة حرب فيتنام، من قدرة الرئيس على إبقاء قوات أمريكية أمام أعمال عدائية محتملة دون موافقة الكونغرس.
هل إنتهت الحرب؟
في هذا الخصوص، يقول محمد عبد السلام “لا توجد مؤشرات لوقف الحرب في اليمن”، داعياً أبناء الشعب اليمني إلى اليقظة العالية والحذر وتحديداً في جبهات الحديدة وتعز، معتبراً بأنه “لا مؤشرات على ذهاب دول العدوان لوقف الحرب.”
من هنا، يمكن الفهم بأن النجاح في تطبيق تفاهمات السويد سيبقى مرتبطاً بالضغوط الدولية على طرفي الصراع، الحوثيين من جهة، والحكومة اليمنية، ومعها التحالف الخليجي من جهة أخرى، خصوصاً أن المشاورات ما كانت لتنجح بالتوصل إلى هذه التفاهمات لولا وجود ضغوط أممية من المجتمع الدولي على الطرفين.
ختاماً، كان لافتاً تجنب الأمين العام للأمم المتحدة الحديث عن مصير مقترح الإتفاق بشأن إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، والملف الإقتصادي، والإطار السياسي المقترح للحل، والذي تقول مصادر قريبة من المفاوضين إنه كان المفترض الإتفاق على خطوطه العريضة على الأقل في ختام مشاورات السويد، لتبدأ المفاوضات في تفاصيله في يناير/كانون الثاني 2019.
فعلى الرغم من الإخفاق بعدد من الملفات، إلا أن الاتفاق حول الحديدة يعد إنجازاً محورياً يمثل المؤشر الحقيقي لتحقيق التقدم في السويد من عدمه، على أمل أن تحل بقية الملفات الأخرى لإخراج هذا الشعب الفقير من معاناته وأزماته التي دفع ثمنها من حياته وأولاده وقوته ومستقبله.
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصور: سي.إن.إن عربية – مونتي كارلو الدولية.