إعداد: مركز سيتا
أُنشئت المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة في العام 1975 بموجب اتفاقيات بين الدولتين، بحيث تمتد بمحاذاة الحدود المشتركة وتحديداً بين منطقتي جابر ونصيب. غير أن العمل فيها توقف تماماً، في العام 2015، لأسباب أمنية تتمثل في سيطرة التنظيمات الإرهابية على الجهة السورية منها، إلى أن تحررت المنطقة وتعود إلى العمل عبر معبر جابر – نصيب لتعود وتتوقف عن العمل بسبب إغلاق المعبر مرة جديدة من اجل تضييق الخناق على الطرف السوري.
حماس أردني
بعد توقف دام قرابة الأربع سنوات، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية موافقتها على إعادة تفعيل وتشغيل المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة، وعند التشغيل الفعلي أمام حركتي التصدير والإستيراد، إذ أنه من شأن ذلك تطوير القطاعات كافة بين الجانبين الأردني والسوري، حيث أن المنطقة تتعامل مع بضائع تتصل بالعديد من المواد، ككتل الحجر والرخام والتسليح والأخشاب والأعلاف والفحم والكبريت والمواد الكيماوية والسيارات.
هنا، يشار إلى أن 60% من الشاحنات تدخل عبر الباب السوري، و40% من الباب الأردني في حالتي التحميل والتنزيل، كما أن عدد الشاحنات الداخلة والمغادرة للبابين قبل توقف العمل بلغ 1200 شاحنة، منها 500 شاحنة أردنية، حيث يبلغ رأسمال الشركة المسجل مليون دينار أردني بحصتين متساويتين بين البلدين، في حين ان الجمعية العمومية للشركة تتكون من البلدين، إضافة إلى عضوية وزيري الصناعة والتجارة والتموين الأردني والإقتصاد السوري، علماً أن مبدأ عمل الشركة يقوم على تطوير وتوفير بنية تحتية والعمل على تأخير الأراضي لمدد تصل إلى 25 عاماً للقطاع الصناعي، و15 عاماً للقطاع التجاري، ومساحة المنطقة الحرة تصل إلى 6500 دونم.
سعي مشترك
باشرت دمشق وعمان، في وقت سابق من العام 2019، بإعداد خطة لإعادة تشغيل المنطقة الحرة السورية – الأردنية وفتحها أمام المستثمرين، إذ يجري العمل على إعادة تأهيلها مجدداً، خاصة بنيتها التحتية، ما يضمن إعادة فتحها مجدداً حيث يوجد أكثر من 550 عقداً مبرماً بين المنطقة ومستثمرين، ولكن من غير المعلوم بعد إمكانية عودتهم جميعاً من عدمها نظراً لمرور فترة زمنية ليست قليلة على إغلاقها.
وفي 27 مارس/آذار العام 2019، كان هناك 65 موظفاً، منهم 31 أردنياً و34 سورياً، يعملون على تفقد المنشآت في المنطقة لصيانتها وإعادة تأهيلها، وبتمويلٍ ذاتي من شركة المنطقة الحرة نفسها، دون تحميل حكومتي البلدين أية تكاليف، وتم ترجيح عودتها للعمل خلال العام الجاري (2019).
في هذا السياق، صرح مدير عام شركة المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة، خالد الرحاحلة، أن المستثمرين والصناعيين الأردنيين يشكلون 90% داخل المنطقة، وسيستفيدون من إعادة العمل بها إلى جانب مستثمرين من جنسيات عراقية وسورية وليبية وأخرى مختلفة، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري للبضائع ضمن المنطقة بلغ ذروته، في العام 2010، حيث بلغ 5 ملايين طن بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار أميركي.
من جهته، أوضح رئيس غرفة صناعة إربد، هاني أبو حسان، أن إعادة تشغيل المنطقة سيسهم بتطوير القطاعات كافة التي تتطلبها الصناعات الأردنية والسورية على حد سواء.
وفي وقت سابق، رفع النائب الأردني، طارق سامي خوري، كتاباً إلى رئيس الوزراء الأردني، بتاريخ 27 مايو/أيار 2019، يشير فيه إلى أهمية هذه المنطقة و”ضرورة الإسراع بإعادة تأهيلها وفتح أبوابها أمام المستثمرين وتشغيلها بما ينعكس على الإقتصاد الأردني بشكل خاص وعلى اشقائنا في كل من سوريا ولبنان والعراق والذين يمثلون عمقنا الإستراتيجي الحقيقي.”
الضغوط على سوريا
من جانبه أوضح الدكتور حيان سلمان، الخبير الإقتصادي السوري ومعاون وزير الكهرباء، في تصريح خاص لمركز “سيتا” أن لمعبر جابر – نصيب “أهمية خاصة بالنسبة لكل دول العالم، لكن بشكل خاص على سوريا والأردن ولبنان وتركيا”، فهذا المعبر الذي سيطرت عليه التنظيمات الإرهابية منذ قرابة الأربع سنوات “حُرر من قبل رجال الجيش السوري، وبدأت الدولة السورية في الحقيقية تقوم بأعمال الترميم والإصلاح بعد أن تم تخريبها من قبل تلك التنظيمات المدعومة خارجياً”
ويضيف سليمان “بعد التحرير، بذلت الدولة السورية كل جهودها لعودة المنطقة للعمل، وأنا شخصياً زرت المنطقة ورأيت مئات الشاحنات التي تنقل البضائع من الأردن ولبنان وسوريا ومنها إلى دول العالم، إذ تعتبر المنطقة من أهم معابر الترانزيت لا أقول فقط في دول المنطقة بل في كل الشرق الأوسط والعالم.”
ويشير سليمان “في مقابل ذلك سمعنا بعض الأصوات داخل الأردن المنادية بفتح المنطقة، بعد عملية تقييد حركة عبور السلع عبرها من الأردن إلى سوريا في ظل الإرهاب الإقتصادي المتضمن عقوبات وحصار إقتصادي. فهذه المعابر تشكل الرافد الأساسي للإقتصاد الأردني، ومن خلاله يتم تأمين أكثر الإحتياجات سواء كان في المجالات الغذائية أو الإنتاجية. لكن وضع بعض العراقيل من قبل البعض خصوصاً من قِبل الملحق التجاري الأمريكي في السفارة الأمريكية في الأردن عند إجتماعه مع كبار الشخصيات المعنية في الجانب الإقتصادي وتهديدها، في تصرف أقل ما يقال فيه أنه تصرف وقح، حيث قال بأن كل من يتعامل مع سوريا سيخضع للعقوبات الأمريكية وسيكون على القائمة السوداء.”
وعما حدث في الأردن، يقول سليمان “علت أصوات نشاز من الحكومة الأردنية افضت إلى توقيف عمل المعابر. لكن من الجهة السورية، واقول ذلك بصدق، كانت هناك جهود غير طبيعية من قبل كل الوزارات المعنية، وأخص بالذكر هنا وزرات الخارجية والكهرباء والنقل والتجارة الخارجية والإقتصاد، لإعادة المنطقة والمعابر من أجل عودة العمل بها. لكن، كما ذكرت، وضعت الكثير من العراقيل من قبل الجانب الأردني. هنا، أنا أذكر جيداً انه ومع عودة المعبر إلى حضن الدولة السورية، إنطلق العمل به إنطلاقة سريعة ثم توقف بسبب تلك التهديدات الأمريكية التي وجهت للأردن.”
دعوات رسمية
دعا رئيس غرفة صناعة إربد، هاني أبو حسان، إلى ضرورة الاسراع في إعادة تأهيل المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة لإعادة العمل بها من جديد وعودة المستثمرين إليها، حيث أن إعادة فتح المنطقة يعد خطوة لإستقطاب المستثمرين إليها خصوصاً مع البدء بمشاريع إعادة الاعمار في المنطقة، إضافة إلى الإستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط الأردن مع مختلف دول العالم. فهذه المنطقة، تمهد الطريق لتعزيز التعاون بين البلدين خصوصاً في مجال زيادة التبادل التجاري وإقامة مشاريع مشتركة على مستوى القطاع الخاص، في وقت خسر فيه الأردن نحو 82% من حجم صادراته إلى سوريا، خلال السنوات الست الماضية، وفق قراءة رقمية لبيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.
من هنا، أكد الخبير الإقتصادي، ابراهيم عواد سالم، أن إعادة تشغيل المنطقة ستسهم بتطوير القطاعات كافة التي تتطلبها الصناعات الأردنية والسورية على حد سواء، فالمنطقة الحرة تعد إحدى ثمار التعاون الإقتصادي المشترك بين البلدين وأسهمت منذ ممارستها لعملها الفعلي، في العام 2000، بجذب الإستثمارات من البلدين، ومن الدول الشقيقة والصديقة في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والخدمية وتنشيط دور القطاعات المساندة للعملية الاستثمارية، مثل النقل والتخليص.
بدوره، قال الأستاذ الأكاديمي المتخصص بالإقتصاد، الدكتور أحمد خزاعله، إن إعادة فتح وتشغيل المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة سيعزز فرص التعاون الإقتصادي بين البلدين في مختلف المجالات، ويفتح المجال لإقامة استثمارات جديدة.
أخيراً، بعد أن أعادت السلطات الأردنية العمل في معبر نصيب – جابر الحدودي بين سوريا والأردن، في 15 من تشرين الأول/أكتوبر2015 أي بعد ثلاثة أشهر من سيطرة الدولة السورية على الجنوب السوري، تم توقيف العمل به، الأمر الذي يدلل على أن هناك حاجة إقتصادية أردنية أكثر منها سورية، إذ يبقى الأردن المستفيد الأكبر منها، وعليه تذليل العقبات من مصلحة خاصة قبل سوريا التي ستستفيد هي أيضاً، خصوصاً على الجانب السياسي من إعادة الإنفتاح وفك الحصار عنها، وقد يلقي هذا الوضع بظلاله على العلاقات السياسية أيضاً. إلا أن الأردن، حتى اللحظة، لا يرى مصالحه الاقتصادية، عبر التجارة مع سوريا، إلا من خلال حل الملف السياسي.
مصدر الأخبار: سيتا+ وكالات.
مصدر الصور: الإقتصاد والإعمار – أرشيف سيتا.