فشل مجلس الأمن في جلسته المخصّصة لتمديد مهمة اللجنة المشتركة للتحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، حيث ظهرت التجاذبات الكبرى بين كل من الاتحاد الروسي، من جهة، والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، من جهة أخرى.
للوقوف حول أبعاد ما حدث في تلك الجلسة، تحدّث الدكتور نواف ابراهيم، الكاتب السياسي، الخبير والمتخصص في الشؤون العربية والروسية، في مقابلة خاصة لمركز “سيتا”.

أشار الدكتور ابراهيم بأن ما يحدث اليوم على الساحة الدولية هو بمثابة “حرب عالمية ثالثة لم ولا يريد احد أن يعترف بها قبل أن يضمن النتائج التي يرنوا إليها سواء أكان الطرف الذي نظّم وخطّط لهذه الحرب أم الطرف الآخر الذي وجد نفسه فجأة أمام خيار لا خيار فيه سوى المواجهة لمنع سقوط العالم كله إلى الهاوية وهنا نقصد بشكل دقيق غير قابل للنقاش التساؤل الأساس الذي يبحث لنفسه عن جواب والذي هو ماذا يجري، ومن يحكم العالم؟”

وأضاف الخبير ابراهيم أنّ الحرب الدائرة هي “حرب من وجهين ظاهر وباطن. الوجه الظاهر هي الحرب القائمة والمفتعلة حالياً في كل أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تم اختيارها منذ بداية هذه المئوية لتكون منطقة الصراع العالمي المفتعل بين الحكومات والدول. وبالشكل الباطن نراها حرباً حقيقة تدور بين قوى خفية يطلق عليها الخبراء أسماء مختلفة أو يربطونها بمصطلحات متعددة تختلف تسمياتها بإختلاف الأحداث الجارية زماناً ومكاناً، وهذه الحرب ليست جديدة ولا القائمين عليها جدد. عمر هؤلاء ما يفوق على 300 عام، يتوارثون حكم العالم ويورّثون الشعوب الذل والموت والاستعباد. هناك دولة عميقة تحكم العالم، يقابلها غياب أي مقدرة مضادة تقوم بالمواجهة والرفض سواء على المستويات الرسمية والشخصية والشركات والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.”

في المقابل، يرى الدكتور إبراهيم أن “لكل قاعدة ما يخالفها أو يعاكسها وهنا نقطة الاختلاف بين ما جرى على مر السنين وما يجري في الفترة الأخيرة. نعم، لقد تفاجأت هذه الطبقة الحاكمة بقوة دول المنطقة وشعوبها وخاصة في سوريا، على مستوى الإقليم، وروسيا، على المستوى الدولي هذا المارد الذي خرج مزمجراً معلناً العصيان على أنظمة الحكم السرية في العالم. اضافة الى ذلك، يمكن ان ننسى هنا باقي الدول العربية خاصة في العراق واليمن ولبنان وقدرتهم على تدمير أهم أداة من أدوات هذه القوى الخفية من إرهاب ظاهر أو ما هو مزروع في مفاصل هذه الدول أو غيرها.”

وعن قناعة الولايات المتحدة بمسؤولية الجيش السوري عن حادثة خان شيخون، يقول الدكتور ابراهيم بأن الامر عائد إلى “وظيفة الطبقة الحاكمة المرحلية في الولايات المتحدة، ومن معها من دول وتابعة اقليمية كانت ام دولية، لا تريد الاقتناع بأي شيء يقبله العقل، لا بل ان وظيفتهم القبول بكل ما هو لا منطق ولا معقول، وهذا في حقيقة الأمر هو أسلوب وعامل ضغط سيكولوجي فيزيولوجي على الطرف الأخر بكل مكوناته سواء العليا أو الدنيا وصولاً للتأثير على نفسية الشعوب التي يجب أن تصل إلى مرحلة قبول ما كان يحير العقل سابقاً وما كان بعيداً عن المنطق ليصبح المخالف هو الصحيح والسليم. هذه هي الحقيقة وهذه حالة موضوع الملف الكيماوي.”

وعن هذا الملف، يقول الخبير إبراهيم أن الضغط “سيستمر حتى آخر لحظة على سوريا وحلفائها أمام الخسارات الكبرى التي انتابت جميع القوى الإقليمية والمحلية ومن يتبعها من جيوش إرهابية بديلة في تحقيق أي هدف من الأهداف العليا للقوى الخفية. نعم لقد حققوا الكثير من القتل والدمار وسفك الدماء وهذا بالنسبة لهم يعتبر خطوة نحو النجاح في تقليص عدد سكان الأرض لعدد مدروس ومتفق عليه بعناية ودقة بما ينعكس على كل اتجاهاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب المعلنة – الخفية بنفس الوقت.”

في اطار وجود تجاذبات روسية – اميركية، اشار الخبير إبراهيم الى “أنّه لا يوجد أي تجاذبات أمريكية روسية. هذه مصطلحات فقط تستخدم من أجل السياسة والتحليل واستقراء ما وراء الواقع السائد وهذا أمر طبيعي، وفي حقيقة الأمر إن وجدت هذه التجاذبات، بالمعنى المستخدم لهذه المصطلحات بما يتفق أو لا يتفق مع ما يجري، فالولايات المتحدة الأمريكية هي من يحاول تطبيق هذا المصطلح لتبقى سيدة العالم كما تحب أن تسمّي نفسها أو شرطي العالم. المهم ما يجري هي حرب حقيقة بين قوى الشر العالمي، وقوى الخير المحبة للسلام والاستقرار في العالم.”

ويختم الدكتور ابراهيم بالقول “أنّ مثل هذه التمثيليات والمسرحيات سيتم محاولة استثمارها إلى اقصى حد ممكن من اجل إحراج روسيا وحلفائها او حتى ابتزازها وهو أمر تاريخي اعتادت واشنطن القيام، لكن الاختلاف قائم فقط الادوات التنفيذية وهو ما يمكن أن يدخل ضمن إطار العولمة، حضارات بلا حدود، وثقافات بلا حدود، وكل شيء بلا حدود حتى الحروب لم يعد لها لا حدود. سنرى تلك المشاهد في كل محفل، من محافل ما يسمى زوراً وبهتاناً بالمجتمع الدولي، مبيّناً أنه وبالمحصلة سوف تفشل هذه الأفلام الهوليودية كما فشلت سابقاتها.”

مصدر الصورة: سبوتنيك