حوار: سمر رضوان
غمر الشعور بنشوة الإنتصار المتظاهرين على إمتداد لبنان بعدما اعتبروا أن صمودهم، لنحو أسبوعين في الشارع، أثمر إستقالة رئيس الحكومة، سعد الحريري، في ظل تكهنات حول طبيعة مشهد السلطة التنفيذية المستقبلية وإذا ما ستكون مُصغرة أم موسعة، أو أنها ستكون مناصفة بين شخصيات تكنوقراط وسياسيين أم تكنوقراط بشكل كامل.
حول آخر تطورات الإحتجاجات الشعبية في لبنان، بعد إستقالة الحكومة وطبيعة المرحلة القادمة، سأل مركز “سيتا“، الدكتور رائد المصري، أستاذ العلاقات الدولية، عن هذا الموضوع.
حكومة إختصاصيين
من الآن وصاعداً، على قوى للحراك البقاء في ساحات معينة، والضغط من أجل تشكيل حكومة إنقاذ وطني سريعة، في وقت بقي الشارع حاضرا ومستنفراً كـ “سيف مسلط” على هذه السلطة السياسية لمنع الفراغ والتسويف.
إن تركبية البلد الطائفية والمذهبية لم تعد تنطلي على الجماهير التي خرجت إلى الشارع، لمدة 15 يوماً، بشكل موحد عابر للمذاهب والمناطق حيث بات خطابها خطاباً قديماً ومستهلكاً ولا يعبر عن طموحات الشعب.
بالتالي، إن الذهاب إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطنية، تكنوقراط بالتحديد، أمر ممكن في لبنان لأننا أمام مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عن الطائفية السياسية. فإذا كنا نريد حقاً الذهاب إلى تغيير الواقع السياسي الحالي، لا بد أولاً من تغيير المفاهيم والأساليب المعتمدة في نظام الحكم؛ نحن اليوم أمام تغيير حقيقي للنظام السياسي ويشكل كامل هدفه محاسبة الفاسدين وإقرار قانون إنتخابي نسبي عصري للبنان دائرة إنتخابية واحدة خارج القيد الطائفي الذي يعتبر المدخل الرئيسي لأية عملية إصلاح حقيقية.
إعادة هيكلة
يبدو أن حزب الله، وبعد خطابات أمينه العام السيد حسن نصر الله، في وضع محرج كبير، لبنانياً، لا سيما بعد أن وضع نفسه بمواجهة الشارع البائس والفقير. بالتالي، هناك معلومات عن عملية لإعادة تنظيم وهيكلة قيادة الحزب داخلياً لناحية القرار الحقيقي، ولقد بدأ النقاش حوله من خلال التواصل مع أغلبية الأفرقاء الذين خرجوا عن قرار السيد نصر الله، الذي لا يحسد عليه لأن سقوط الحكومة يعتبر هزيمة مدوية. من هنا، نستشف بأن هناك قصوراً في بعض القيادات التي تلتف حول السيد نصر الله.
من الآن وصاعداً، يجب على حزب الله إقامة تحالفات وتسويات لبنانية لحماية المقاومة، ومحاسبة الفاسدين، وقمع أدوات البنك الدولي المسلطة على الشعب اللبناني لإمتصاص عرقه وجيوبه. فالمنطق يقول بأنه لا يمكن القيام بأية تسوية بين المقامة والقوى الطائفية الأخرى على حساب الناس والفقراء.
وعي شعبي
لقد أصبح الشعب أكثر وعياً ويعلم ما يحاك ضده؛ بالتالي، جميع القوى السياسية تعرف الأهداف والمطالب الحقيقية ولا يستطيع أحد أن يبرر أو يرهب الناس في هذا الخصوص.
لذلك، كلما أسرعت القوى السياسية وتحملت مسؤوليتها كلما ساهمت في إنقاذ لبنان بشكل اسرع. في المقابل، إن التأخير في ذلك سيفتح الباب أمام التدخلات الخارجية بشكل أوسع. من هنا، إن الأمر بيد السياسيين لكن وبنفس الوقت هو بيد المحتجين الواعين الواقفين عند قضاياهم بشكل كامل.
لبنان أمام مرحلة مفصلية في تاريخه؛ فإما أن تتكون وتتبلور مفاهيم ونظام سياسي جديد، أو أننا سندخل في صراعات وأتون حروب. برأيي، لا أعتقد أن هذا ممكن لأن الناس قد إكتسبت خبرة كبيرة جراء ممارستها النضالية، وأيضاً تعلُّمها وتفتُّحها على كافة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ناهيك عن الإستفادة مما حدث في الإقليم والدول المجاورة.
مصدر الصور: أرشيف سيتا.
موضوع ذو صلة: زغيب: التدخلات المشبوهة لا تلغي وجع اللبنانيين
موضوع ذو صلة: القطان: الأوطان أولاً ومن ثم السياسات الحاكمة