إعداد: مركز سيتا
في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي (2019)، نفذت القوات البحرية الروسية والسورية تدريبات مشتركة في البحر المتوسط إنطلاقاً من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، يأتي ذلك تأكيداً على الإتفاقية المشتركة التي صادق الدوما، في العام 2017، حول تعزيز الوجود العسكري الروسي جوياً وبحرياً ضمن قواعد عسكرية على الأراضي السورية.
ميدان للتدريب
أنشأت قاعدة طرطوس بناء على إتفاق أبرم في العام 1971، في الفترة التي كان فيها الإتحاد السوفياتي يفتخر بأن لديه أسطولاً في البحر الأبيض المتوسط لكنه انتهى مع انهيار الإتحاد، العام 1991، بينما احتفظت موسكو بطرطوس وعدّتها نقطة إمدادات ومساعدة تقنية ذات أهمية إستراتيجية.
تعتبر قاعدة طرطوس واحدة من عدة قواعد بحرية سبق للإتحاد السوفياتي السابق وأن نشر فيها قطع من أسطوله البحري، والتي امتدت من كوبا غرباً إلى فيتنام شرقاً. ومع إنهياره وإنتهاء الحقبة الشيوعية في العالم، أغلقت روسيا معظم القواعد البحرية التي تقع خارج حدودها، وأبقت على بعض منها مثل قاعدة سيفاستوبول، على البحر الأسود والواقعة في الأراضي الأوكرانية، وقاعدة طرطوس، التي استأجرتها من سوريا خلال زمن الرئيس السـوري الراحل حافظ الأسد.
ويعد ميناء طرطوس السوري، القاعدة البحرية الروسية الوحيدة على البحر المتوسط، وتقع على مسافة 220 كلم شمال غرب دمشق، مجهزة بثكنات ومباني تخزين ومستودعات عائمة وباخرة صيانة وتشغل خمسين بحاراً روسياً.
نقطة إمدادات
أوضح مركز القاعدة البحرية الروسية أن إختيار ميناء طرطوس كميدان للتدريبات لم يتم بالصدفة، إذ تقدم السفن الحربية الروسية قبالة سواحل سوريا مساهمة كبيرة في مكافحة الإرهاب الدولي، كما أن الصواريخ المجنحة الروسية، من طراز “كاليبر”، كانت عاملاً أساسياً في تدمير أهداف الإرهابيين في سوريا أكثر من مرة.
ويضيف المركز أن العتاد البحري الروسي المشارك في المناورات، السفن السطحية الروسية والطائرات من قاعدة “حميميم” الجوية وقوارب الصواريخ وكاسحات الألغام التابعة لقوات البحرية السورية.
كما أفاد قائد التدريبات، اللواء بحري ألكسندر يولداشيف، بأن “المناورات أقيمت على خلفية عملياتية واحدة، يتم خلالها حل العديد من المشاهد التكتيكية”، مشيراً إلى أن “المجموعات التكتيكية للسفن التابعة للبحرية الروسية والبحرية السورية في البحر تقوم بإطلاق نيران المدفعية، وإجراء مناورات مشتركة. وعلى الشاطئ تعمل وحدات الحراسة والدفاع على معالجة قضايا مكافحة الطيارات بدون طيار، ومكافحة التشكيلات المسلحة غير الشرعية”.
أهمية القاعدة
إن إختيار روسيا الساحل السوري كنقطة تمركز دائمة في المياه الدافئة لم تأتِ من فراغ، فلموقع سوريا أهمية إستراتيجية عالية بالنسبة لموسكو يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
1. قاعدة طرطوس هامة من حيث المستوى التقني والتكتيكي كونها تمثل طموحات موسكو على الصعيد العالمي، خصوصاً في منطقة حيوية من العالم مثل منطقة الشرق الأوسط.
2.تعد القاعدة نقطة انتشار روسيا الوحيدة في البحر المتوسط ورفع علمها فيها هام من وجهة النظر السياسية إزاء التحديات الغربية للتطلعات الروسية.
3.تشكل القاعدة نقطة “وثوب” استراتيجية إلى ممرات ومضائق بحرية حيوية، مثل مضيق البوسفور وقناة السويس.
4.تتيح القاعدة إمكانية مراقبة تحركات قوات حلف شمال الأطلسي – الناتو على المحور الجنوبي، والذي تشكل تركيا ذراعه القوي فيه حيث تنتشر على أراضيها وفي موانئها عدة قواعد برية وبحرية.
5.من خلال هذه القاعدة أيضاً، يمكن للأسطول الروسي القيام بعمليات أوسع في المحيط الأطلسي، كإرسال الغواصات نووية والقطع البحرية الأخرى، ما يعطي لموسكو مساحة أكبر لمسرح العمليات.
6.يشكل ميناء طرطوس نقطة إرتكاز بعيدة عن الأتراك، ومن هنا جاء تحديث الميناء لكي يستطيع إستقبال أكبر القطع البحرية الروسية بما فيها حاملات الطائرات.
7.إن إرتباط طرطوس بميناء اللاذقية، عبر خط سكك حديدة إضافة إلى إرتباطه بشبكة طرق سريعة مع كل المحافظات السورية، يجعل منه محطة تجارية مهمة، إلى جنب العسكرية، وهو ما تؤكده المعلومات حول تخصيص مبلغ يصل غلى حدود النصف مليار دولار لتحديث القسم التجاري من الميناء التجاري، إلى جانب عدد من المشروعات الكبرى في إطار التوجه لإعادة بناء الإقتصاد السوري.
أخيراً، تحاول موسكو ترجمة علاقاتها الخارجية، على أساس الشراكة، على أرض الواقع بشكل يرضي جميع الأطراف؛ فعلى صعيدها الخاص، تحتاج إلى التوسع “الناعم” في الخارج نظراً لتغير معالم الأحداث السياسية الدولة وقدرتها على الإستفادة منها. أما على الصعيد السوري، فلقد كان للعامل الروسي أثراً مهماً في الحرب على الإرهاب، من خلال المساعدة العسكرية الروسية، إضافة إلى أنها باتت في خندق احد مشترك في مواجهة الغرب ولكن مع حليف وشريك قوي تستطيع من خلاله الوقوف مجدداً بعد الأزمة الطويلة التي مرت بها.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: الحرة – سبوتنيك.
موضوع ذو صلة: المناورات الروسية: العودة إلى “المياه الدافئة”