إعداد: مركز سيتا

في خضم التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران عقب إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الفريق قاسم سليماني، نشطت جهود وساطة إقليمية، كقطر وسلطنة عمان، ومن خلال رسائل بعض الدول الأوروبية، كسويسرا وبريطانيا وألمانيا، لتدارك الموقف والحؤول دون تطورالنزاع إلى حرب في المنطقة.

حسن الجوار

عبرت دول المنطقة عن قلقها من حدوث حرب شاملة بين الدولتين، خاصة الدول الجارة لإيران وعلى رأسها تركيا، التي قال رئيسها، رجب طيب أردوغان، إن خبر مقتل سليماني تسبب له بـ “صدمة”، على حد تعبيره.

ومع ارتفاع نبرة التهديد بين أمريكا وإيران، يبرز التساؤل عن موقف تركيا حال نشوب حرب شاملة بين الدولتين، وكيف سيكون هذا الموقف؟ ومع من ستصطف أنقرة؟

يرى المحلل السياسي التركي، مصطفى أوزجان، أن “تركيا ستتخذ موقف الحياد في حال نشبت حرب بين الطرفين”، مضيفاً “تركيا شريك تجاري مهم لإيران، وهي أيضاً شريكة لواشنطن في حلف شمال الأطلسي، ولهذا لن تنحاز لأي طرف على حساب الآخر، وستلتزم الهدوء.”

على المقلب الآخر، رفضت تركيا التدخلات الأجنبية في دول المنطقة وتطبيق مبدأ الإغتيالات، وفق بيان الخارجية التركية. من هذا المنطلق، ستحاول أنقرة، قدر الإمكان، تقديم وساطة سياسية أو حلول وسطى حيث تسعى الدبلوماسية التركية الآن إلى بذل جهود في هذا الإتجاه من خلال التواصل مع عدد من الدول المؤثرة، فضلاً عن التواصل المباشر مع كل من إيران والولايات المتحدة.

في حال المواجهة

في حال قررت الولايات المتحدة رد الإستهداف على طهران من خلال قوات شمال حلف الأطلسي – الناتو، خاصة من قاعدة أنجرليك التركية، فهل تسمح تركيا بإستخدام مجالها الجوي للإعتداء على دولة جارة وشريك إقتصادي هام مثل إيران؟

تعد قاعدة إنجرليك الجوية إحدى أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، التي استخدمتها الولايات المتحدة في الغارات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، في كل من سوريا والعراق؛ بالإضافة إلى القاعدة، يوجد على الأراضي التركية محطة الرادار الأمريكية “كيوراجيك”.

لقد سبق وأن هددت إيران بضرب القواعد الأمريكية إن تماهت الدول التي تحويها مع العدوان عليها، وتركيا ليست خارجة عن هذا التهديد. لكن على ما يبدو لن تكون أنقرة معنية لأنها ستكون رافضة، نوعاً ما، لإستخدام قاعدة إنجرليك في أية مواجهة مفترضة بين الطرفين لأن ذلك سيدخلها كطرف غير مباشر في النزاع، وهي لا تريد أن تتحول أراضيها إلى ساحة لتصفية حسابات بين الدولتين، كما حصل في سوريا والعراق، لا سيما وأن هناك قواعد أخرى للناتو على الأراضي التركية.

دور وسيط

فيما يبدو أن هناك تنسيقاً تركياً – روسياً لوساطة بين طهران واشنطن جاء عقب زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أنقرة مؤخراً، حيث ستسخر البلدين جميع جهودهما في درء أية تطورات بين الجانبين، والسعي ربما للجلوس إلى طاولة المفاوضات، فلقد حذر الرئيس أردوغان من العواقب الخطيرة لإغتيال الجنرال سليماني، داعياً كافة الأطراف إلى ضبط النفس، ومؤكداً أن بلاده “بذلت وتبذل ما بوسعها من أجل خفض التوتر الأمريكي – الإيراني.”

وتأكيداً على هذه المساعي، بدأ وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، جولة إلى الدول المنخرطة في هذا النزاع في المنطقة لحل المشكلة بين الطرفين، حيث توجه إلى العاصمة العراقية بغداد، لإجراء مباحثات رسمية من بينها نظيره العراقي، محمد علي الحكيم، وإتفاقهما للعمل معاً على تخفيف حدة التوتر الحاصل في المطقة وتجنيب المنطقة خطر حرب مدمرة فتركيا لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الأزمة فهي بدأت تحركاً فعلياً لتهدئة الأوضاع في وقت اشارت بعض المعلومات عن أن لا أفق للوساطات حتى الآن بسبب المستوى العالي من التوتر.

عمل مشترك

في حال تم قبول الوساطة الروسية – التركية لدى الطرفين، ستعمل روسيا مع الشريك التركي على خفض تلك التوترات، حيث تعول أنقرة على دور موسكو المحتمل لدعمها في هذه المهمة.

على الجانب الآخر، وصفت وكالات الأنباء الإيرانية زيارة وزير الخارجية القطري إلى طهران، للتوسط بينها وبين أمريكا، بـ “المفاجئة” لكونه أول مسؤول أجنبي يزور إيران عقب عملية الإغتيال وذلك لمعرفة حدود الرد الإيراني لأن الدوحة تمتلك علاقات مع كلا الطرفين في وقت تسعى فيه إلى إنجاح الوساطة بين الجانبين.

أخيراً، تقود تركيا تحركاً دبلوماسياً نشطاً في محاولة لإحتواء التوتر على أمل أن تنجح في إعادتهم إلى طاولة المفاوضات مجدداً متسلحة بمدى القبول الذي تتمتع به عند الطرفين سيما وأن واشنطن كانت قد سبق وصرحت بأنها مستعدة للإنخراط، بدون شروط مسبقة، في مفاوضات جادة مع طهران.

والسؤال المطروح هنا: هل تنجح أنقرة في التوسط لإعادة واشنطن وطهران إلى طاولة المفاوضات مجدداً، بالتعاون مع روسيا؟ أم ستبقى إيران مصممة على تنفيذ المرحلة الثانية من الإنتقام أي خروج القوات الأمريكية من المنطقة؟ الأجوبة على هذه التساؤلات يحددها القادم من الأيام.

مصدر الأخبار: سيتا+ وكالات.

مصدر الصور: روسيا اليوم – مونتي كارلو الدولية

موضوع ذو صلةالزمن الأمريكي بات على مفترق طرق في الشرق الأوسط