د. نواف إبراهيم*
أرادوه هدف العالم، فأصبح العالم كله يُبنى على نتائج العدوان على سوريا. الحق يقال وللتاريخ، بضعة سطور تُبنى عليها كتب ومؤلفات كاملة. إن كل ما يجري في المنطقة والعالم من مكاشفات وإنزياحات وتغيير في الإستراتيجيات والتحالفات والتشابكات والتقاطعات، التي يبني على أساسها الجميع حالياً على المستويين الإقليمي والدولي مصالحهم، سببها شخص واحد هو الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما بات مثبتاً بالحجة والمنطق.
إن الطريقة والمنهج التي تعاطى بها الرئيس الأسد، على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية، عرت ما لم يمكن له أن يعرى ولو في أفران صهر الحديد حتى يظهر اللب الحقيقي والنواة الخبيثة لكل ما جرى منذ بداية الحرب على المنطقة، وذلك دون الدخول في التفاصيل التي باتت واضحة للجميع كعين الشمس في كل دول المنطقة والعالم لجهة وطريقة التعاطي والمواجهة لهذه الحرب الكونية على المنطقة وخاصة على الدولة السورية، وما خفي كان أعظم، وسيأتي اليوم الذي تتكشف فيه كل حقائق وما كان يدار في الكواليس.
بالمختصر، إن الرئيس الأسد قال وفعل، ولم يساوم ولم يقبل أية عروض ولم ولم ولم إلى ما لا نهاية. ولا أقول هنا إنه لم يهرب ولم يستسلم ولم يبيع لأنه من المعيب حتى لو بالكلام الحديث عنه بهذا المنطق لأنه رجل سوري من نوع الصوان المحلي المنشأ، وما جرى لمن رهن نفسه للمخطط المحاك خير دليل.
لو لم يكن الرئيس الأسد مؤمناً إيماناً لا ريب فيه بالله وبنفسه وبشعبه، الذي صبر وصابر وقدم الغالي والنفيس وسكت عن عظيم الألم والعوز بناء على ثقته بالله وبنفسه وبرئيسه بالدرجة الأولى، لما خطى خطوة واحدة في كل ما قام به خلال السنوات التي خلت منذ بدء الحرب الكونية على سوريا والمنطقة ككل، لأن ما كان يقوم به أثار على مدى هذه السنوات الكثير من الجدل، عند العدو والصديق والحليف وحتى عند الشعب السوري.
الرئيس بشار الأسد بشعبه وجيشه، بالدرجة الأولى، وحلفائه، بالدرجة الأولى مكررة، وقدرته في الإستشعار عن بعد وفهم المخطط إستطاع أن يقلب موازين العالم الجديد لصالح الحفاظ على وحدة وكيان الدولة السورية، وفتح بصيرة المنطقة كلها على حقيقة ما كان يخطط لها، والذي لم تستطع جهابذة السياسة والإستراتيجيا أن تقرأ على الأقل عناوينه لتبني عليه مقتضاه.
إذاً، كان هناك بعد إنساني سماوي روحاني كوَّن ثالوث الصمود في تناغم الإدراك الجمعي للشعب والقائد والذي أعطاه أريحية كاملة وهدوء مليء بالثقة بالنفس بالمتابعة دون النظر إلى الخلف خوفاً من خيانة كبرى، أو على الأقل نسميها سوء تقدير، يترتب عليها الإنهيار لأن الشعب السوري لم يخن نفسه في تاريخه الحافل بالتضحيات.
ما نراه اليوم من تكشف للحقائق حول ماهية ما يجري وما سيجري في حقيقة الأمر، لا سيما التراجعات الإقليمية والدولية للهرب من تحمل المسؤولية وجنون البعض وإنكماش البعض الآخر، ما هو إلا جزء بسيط مما ترتب على ذلك من نتائج، وقادمات الأيام والتاريخ لن تكون قادرة على إخفاء هذا الواقع.
بالنتيجة إن التحالفات الإقليمية والدولية التي إستطاع الرئيس الأسد حياكتها مع حلفائه، الروس والإيرانيين والقوى الإقليمية والدولية الأخرى، ستغير وجه العالم بما يعطي خريطة جديدة للعلاقات الإستراتيجية ولهيمنة التعددية القطبية وتهميش القطبية الآحادية، التي دمرت وما تزال تدمر، وبالنظر لحجم الصراعات الممتدة، إلا أنها ترسم مفاعيلها بالدم والصبر، بعد تغيير النظام العالمي الذي إستمر لعقود؛ وبالتالي، سيتم البناء على الأوضاع الراهنة عبر تمتين التحالفات، ودخول أطراف دولية لها ثقلها حيث لن يستطيع القطب الواحد الوقوف طويلاً في وجهها، ورغم كل ما حيك ويحاك لكن التغيير قادم لا محالة.
*إعلامي وكاتب سياسي سوري
مصدر الصور: فرانس 24
موضوع ذو صلة: سوريا: عنوان المشهدين الإقليمي والدولي