نبيل المقدم*
أنا لست من حزب الله ولكنني لم أجد حتى الآن ما يدعوني للخلاف معه، بل على العكس. إن مقاومته للإحتلال، تدعوني للتمسك بالمقاومة أكثر حتى يزول الخطر الإسرائيلي نهائياً عن لبنان، فهو ما زال قائماً ومحدقاً على الرغم من الإنسحاب الذي حصل في العام 2000.
يعكس ذلك تصريح رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، رفائيل إيتان في 6 يونيو/حزيران من العام 1982، عندما قال “إن حربنا في لبنان هي جزء من حرب عمرها مئة عام لإمتلاك أرض إسرائيل”. تصريح يشير بوضوح إلى العقيدة التوراتية التي تقول بأن “أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل”، ووقوع لبنان في دائرتها الجغرافية تلك يشكل محور العداء الإسرائيلي له. من هنا، نرى بأن الجيش اللبناني محروم، بقرار داخلي وخارجي، من السلاح الكاسر للتوازن الإستراتيجي مع العدو، في حين ترى قيادته بأن التنسيق مع المقاومة هو الحل الأمثل، حالياً، لحماية لبنان من أطماع العدو.
غريب أمر الذين يخوفننا ويهولون علينا بـ “ولاية الفقيه”. ما الهدف من تلك الشعارات إلا إثارة استقطاب طائفي حاد ليس إلا؟ لم أجد حتى الآن، ومعي شريحة كبيرة من اللبنانيين، في ممارسات حزب الله ما يشير أنه عازم أو أنه يخطط لفرض هويته الدينية والثقافية على بقية مكونات الشعب. من يقول بغير ذلك، فليقدم لنا دليلاً. إن قيادة حزب الله هي على قدر كبير من الذكاء والمعرفة لإدراك هذا الأمر جيداً، فالإقدام على هذه الخطوة ستكون نتيجته خسارة الحزب لقاعدة شعبيه عريضه من اللبنانيين، من كل الطوائف، شكلت، وما زالت تشكل، له سوراً واقياً من محاولات كثيرة يجري الإعداد لها لجر لبنان إلى حرب طائفية وتحميل حزب الله مسؤوليتها بهدف التسريع في إستقطاب التدخل الدولي الهادف إلى محاصرة المقاومة والحد من قدراتها، بما يتيح للعدو امتلاك زمام المبادرة من جديد.
في الإحتجاجات الشعبية للحَراك الأخير، شهدنا بعضاً من هذا التوجه خصوصاً ضمن حملات العديد من الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي وفي ساحات الإعتصام ضد حزب الله، والتي جاءت متناغمة تماماً مع المواقف الأميركية التي إعتبرت أن ثورة الشعب اللبناني هي “ثورة ضد حزب الله”؛ وليست الحملة على الحكومة المشكلة حديثاً، وهي التي لم تباشر عملها بعد، إلا تكملة لهذا السياق لا سيما مع ترداد العبارة المعتادة بأنها حكومة حزب االله.
لا أفهم ماذا يقصد هولاء بحكومة حزب الله غير إثارة الحساسيات والغزائز الطائفية لدى الشعب اللبناني. فبعض الذين يتصدرون الحَراك، كانوا على تواصل مع الحزب، عبر أقنية معينة، لتسويق أسمائهم من أجل المشاركة في الحكومة، وهذا يعكس إنتهازية البعض في التصويب على المقاومة، وإستعدادهم للمساومة على موقفهم.
ختاماً، على الحَراك أن يبقى مطلبياً فقط يحاكي وجع الناس، لا أن يوجعهم أكثر في معيشتهم عبر إغلاق الطرق في وجههم، وتكسير محلاتهم، واعطاء الحجة للولايات المتحدة بالتدخل في شؤوننا من خلال تشديد الحصار المالي علينا أكثر. علينا أن نعلم جيداً بأننا نعيش في مرحلة إقليمية حساسة، ولبنان يشكل إحدى ساحات الضغط في هذا الصراع.
*كاتب وصحفي لبناني
مصدر الصورة: قناة الغد.
موضوع ذا صلة: تكليف وتأليف الحكومات اللبنانية: بين النصوص والأعراف