بينما يواصل الجيش السوري تقدمه في محيط محافظة إدلب السورية محرراً عدداً من المدن البلدات والمناطق الإستراتيجية، تتصاعد تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من خلال إعطاء مهلة، حتى نهاية فبراير/شباط الحالي (2020)، يطلب فيها إنسحاب القوات السورية من محيط نقاط المراقبة التركية مهدداً بخيار بديل وهو عمل ميداني واسع. فهل تلجأ أنقرة إلى هذا الحل العسكري في ضوء هزائم كثيرة وخسارة مناطق أكثر؟
للإجابة عن هذه التساؤلات وحول آخر التطورات الميدانية لتقدم الجيش السوري في إدلب وريفها شمال غرب سوريا، سأل مركز “سيتا“ الدكتور فراس شبول، المحلل والخبير العسكري عن هذا الموضوع.
تأجيل سياسي
في الشمال السوري، وتحديداً إدلب ومحيطها من أرياف حلب وحماة واللاذقية، يبدو أن العمليات العسكرية للجيش السوري مفتوحة ضد عشرات أصناف وألوان التنظيمات الإرهابية، ورعاتهم الدوليين والإقليميين. هذه العمليات تعد الأعنف والأقوى والأقصر زمناً بنتائجها، وهذا يعود إلى عدة أسباب، أبرزها:
– خداع وكذب ومراوغة الجانب التركي، ومن معه، لكسب الوقت وإعادة التموضع السياسي والعسكري عبر محادثات “أستانا” و”سوتشي”.
– انتظار الدولة السورية طويلاً قبل الإقدام على خطوة تحرير إدلب على أمل سحب وترحيل الإرهاب من المنطقة ولكن دون أية جدوى ولا نتيجة.
– باتت المنطقة تضم عشرات الفصائل المتطرفة ومن جنسيات كثيرة جداً، والمدعومة بكافة صنوف الأسلحة المتطورة حتى الطيران المسيَّر.
– إنهاك أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين، ومنعهم من الخروج بإتجاه الأراضي الواقعة تحت السيطرة السورية.
– زيادة نسبة القذائف الصاروخية على المدنيين، خصوصاً مدينة حلب وريفي حماة واللاذقية.
– أخيراً والأهم هو قطع الطرق الإقتصادية وعقد المواصلات البرية والجوية من وإلى العاصمة الصناعية للدولة السورية، أي حلب.
من خلال ما سبق، كان القرار العسكري، المتخذ منذ زمن طويل والمؤجل للأسباب السياسية، بتحرير تلك المنطقة وفتح الشريان الحيوي من حلب إلى كافة المحافظات براً وجواً حيث جاءت نتائجه عظيمة وقصيرة المدى، إذ دلت على قدرة وعظمة الجيش العربي السوري، والحلفاء، على دحر الإرهاب إذا ما تم أخد القرار.
ثلاثة إحتمالات
ميدانياً، بدأت قوات الجيش بالهجوم على محوري أرياف حماة ومحيط حلب مع تمركز متين في أرياف اللاذقية، وكانت النتائج التي أبهرت العالم عبر تهاوي دعائم الإرهاب وداعميه أمام جبروت الجيش إلى أن وصل إلى مناطق جبل الزاوية بعد فتح الطريق الدولي “M4″، الرابط ما بين حماة – حلب ومطارها الدولي، إضافة إلى تلك الجبال ذات الطبيعة المعقدة والشاهقة الإرتفاع والمتعددة المناطق حيث منطقة جبل الزاوية، وهي عبارة عن عقدة وصل جغرافية بين محافظات ثلاث حماة – إدلب – اللاذقية، ابتداءً من سهل الغاب إلى ريف اللاذقية وصولاً إلى جبل الأربعين وأريحا؛ بالتالي، عند استكمال السيطرة على تلك المنطقة حكماً سيتم فتح الطريق الدولي “M5″، وفتح شريان دولي ثالث في تلك المنطقة.
من هنا، عند فتح ذلك الطريق يصبح الإرهاب المتمترس في إدلب محصوراً ما بين احتمالات ثلاثة لا رابع لها؛ الإحتمال الأول الإستسلام، والإحتمال الثاني الهروب عبر الحدود التركية، الإحتمال الثالث الموت بنيران الجيش السوري؛ بالتالي، يمكن القول بأن حلقات “المسلسل التركي” الطويل قد إنتهت، إذ أن خطوات قليلة ما زالت تفصل الدولة السورية إحكام السيطرة على تلك المنطقة، خصوصاً وأن الجيش في طريق تحرير سريع من ضمنه محاصرة النقاط المتبقية للجيش التركي بعدما تمت محاصرة غالبيتها ووضع عناصرها تحت الإقامة الجبرية.
عقبات غير متوقعة
نحن في حرب واسعة معقدة ولا بد من بعض العقبات غير المتوقعة من هنا وهناك، لكن النتيجة الحتمية هي انتصار الجيش السوري، الذي يتبع تكتيكات عسكرية واضحة في كيفية القضم المتقدم والحصار والالتفاف. بالتالي، إن إسقاط مناطق عسكرية تعج بالإرهاب، عبر قطع طرق الإمداد عنها، هو ضمن تلك التكتيكات من حيث أن السيطرة وفتح الطريق الدولية، خصوصاً بين أريحا واللاذقية، هو حتماً إلتفاف وحصار للجغرافية الموجود عليها الإرهاب في تلك المنطقة.
لذلك، يمكن القول إنها باتت بحكم الساقطة عسكرياً؛ فإما هروب تلك العناصر أو ترحيلها عبر ضربات الجيش السوري والحلفاء. إن مسألة تحرير إدلب باتت قريبة جداً إذ لا عقبات تذكر فيما عدا محاولة تخفيف جهد وخسائر الجيش، إضافة إلى محاولات فصل المدنيين، المتواجدين في تلك المناطق، عن الإرهابيين خوفاً على حياتهم ومنع تعرضهم للأذى.
مصدر الصورة: ch23.
موضوع ذا صلة: هل ستكون إدلب معركة الجيش السوري الأخيرة؟!