محمود أبو حوش*
من الجدير ذكره أن الصين ليست المرة الأولى التي تواجه فيها فيروساً كحالة فيروس “كورونا” المستجد، فلديها تجربة مسبقة مع وباء “السارس”، في العام 2003، لكن الفارق بين الفيروسين أن تداعيات الأول لا تقارن بالثاني؛ فبالنسبة للأول؛ لم تكن الصين قد حققت بعد هذه الطفرة الهائلة في إقتصادها حينها، وبالتالي كانت تأثيرات الوباء محدودة إلى حد ما.
لكن نحن الآن في نهاية العقد الثاني من الألفية الثالثة نتحدث عن الصين التي أضحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة بناتج محلي إجمالي يصل إلى 13.6 تريليون دولار وفقاً، لإحصائيات العام 2018، وعليه؛ فإنها مهما حاولت إحتواء الأزمة من خلال تطبيقها لإجراءات صارمة للحد من تفشي الفيروس، فإنها لن تتمكن على أي حال من تلافي الأضرار الإقتصادية الناجمة عنه، إذ تضررت قطاعات اقتصادية مهمة تمثل عصب بنية الإقتصاد الصيني. وبالحديث عن معدل النمو الصيني قبل فيروس كورونا المستجد فقد بلغ نسبة 5.6%، لكن الوكالة الدولية ترجح إنخفاضه إلى 4%، وفقاً لتوقعات الربع الأول من العام الحالي (2020).
وفي سياق الحديث عن الصراع الاقتصادي القائم بين كل من الولايات المتحدة وجمهورية الصين فإنه حتماً سوف يلقي بظلاله على الإقتصاد العالمي ككل وليس فقط على الإقتصاد الصيني وحسب، إذ يبدو أن تأثيرات تفشي فيروس “كورونا” المستجد ستكون التحدي الأصعب الذي يواجه الإقتصاد العالمي في المرحلة القادمة.
فحسب منظمة “أونكتاد”، إن الأزمة التي تسبب بها فيروس “كوفيد-19” ستؤدي إلى ركود شامل في الإقتصاد العالمي، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض النمو السنوي للإقتصاد العالمي إلى ما يقارب من 2.5%، وهذه الحالة تشبه أزمة الركود العالمي، في العام 1929، حيث كان تأثير تلك الأزمة مدمراً على كل الدول حول العالم.
إن تداعيات إجراءات الحجر الصحي التي اتخذتها الصين، بهدف مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، كان لها تأثيرات كبيرة على قطاعات اقتصادية عدة لا سيما قطاع الطيران والسياحة وأسواق الأسهم والنفط وعلى الإقتصاد الصيني بشـكل كبير، فنتيجة لتفشي الوباء فيها، وهي التي تشكل نسبة 20% من التجارة العالمية في المنتجات الوسطية والتي تؤثر بذلك على نحو 75 دولة في العالم، حيث يعد الإتحاد الأوروبي أكبر المتضررين من ذلك، حسب منظمة “الأونكاد”.
لكن السؤال الأهم في هذا الصدد يبقى: هل تستغل الصين سرعة تعافيها من حالة الإصابة بهذا الوباء لتغطية تداعيات أضراره على اقتصادها ومحاولة التأثير على بنية النظام العالمي الحالي بالتزامن مع انشغال العالم بمواجهة هذا الفيروس الخطير؟
*كاتب سياسي مصري.
مصدر الصورة: واشنطن بوست.
موضوع ذا صلة: إتجاهات الإقتصاد السوداني ما بعد الثورة