سمر رضوان*

تعددت الآراء حول سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في معركة إحتواء جائحة “كورونا” في الولايات المتحدة، إلا أن الغالبية رأت فيها أنها تميل إلى المصلحة الإقتصادية على حساب حياة المواطن الأمريكي، وسط خلافات كبيرة بين الرئيس ترامب وحكام الكثير من الولايات الأمريكية.

حمل الرئيس الأمريكي الصين مسؤولية إنتشار الوباء في بلاده نتيجة إخفائها لمعلومات إعتبرأنها كانت لتحد من إنتشاره بهذا الشكل الكبير في عموم الولايات الأمريكية، إلا أن الإقتصاد الأمريكي كان هو المهم بالنسبة للحاكم، الذي يغلب عليه الطابع الإقتصادي والرأسمالي، التجارة والأرباح التي تعد “الحياة” بالنسبة له. وما إن قال إنه سيعمل على إعادة إحياء الإقتصاد جزئياً في البلاد، حتى خرجت منظمة الصحة العالمية لتعارض هذا التصرف لما له من مخاطر على مسألة إنتشار الوباء. فكانت النتيجة، أن أصدر الرئيس ترامب أمراً بتعليق الدعم للمنظمة في سابقة لم تحدث من قبل، مما هز عرش المنظمات جميعاً حتى باتت كلها محكومة بعقلية رئيس جعل الصفحة الرسمية للأخبار الأمريكية منصة تواصل إجتماعي، “تويتر”.

المريب أن إنتشار الوباء في أمريكا يعدأمراً غير مسبوق لا بل وخطير جداً إذ قفزت أعداد الوفيات والمصابين لتكون لتحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم. لكن هناك من ينقد التجربة الأمريكية، وحتى الأوروبية، في أنها ليست كتجربة الصين في عملية إحتواء الوباء، وهذا يوسع دائرة الإتهامات ويبعد الحقيقة. فبحسب شهادات أطباء أمريكيين وأوروبيين، إن الخطأ هو المفاجأة الكبيرة التي إنتشر فيها الوباء دون معرفة كيفية التعامل مع هذه الأرقام الكبيرة، فمن المستحيل لدولة ما أن تحضر لجائحة عالمية في زمن إنتشار كبير، فكل ما قامت به الصين هو بناء مشفى لإحتواء المصابين. لكن السؤال هنا: إن لم تغلق الصين مقاطعة ووهان، هل كانت لتستطيع إحتواء الفيروس كما يحدث في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية؟

هذا التدبير، أعطى هامشاً من الوقت للحكومة الصينية لتتصرف بحكمة أكثر نتيجة الإغلاق، على عكس الدول الأخرى، التي خانها إتخاذ خطوة مماثلة، مما أتاح لعملية إنتشار الفيروس فرصة مؤاتية ليعم مدن رئيسية ومقاطعات كثيرة، كالحالة الإيطالية على سبيل المثال لا الحصر. أيضاً، من الممكن أيضاً إضافة المملكة المتحدة التي إتخذ رئيس وزرائها، بوريس جونسون، الذي أصيب بـ “كورونا” سياسة “القطيع” التي لم تثبت نجاعتها في ظل عدم معرفة طبيعة هذا الفيروس وكيفية التعافي منه، فكان الإنتشار كبيراً.

أما أمريكياً، فعندما حظر الرئيس الأمريكي السفر إلى أوروبا وعلقه لمدة 30 يوماً، قامت قائمة الدول الأوروبية منتقدة ومعترضة على قراره، الذي وصفه البعض بـ “الديكتاتورية الأمريكية”، لتقوم الدول تباعاً بتعليق السفر في جميع دول العالم نتيجة إنتقال الفيروس مع حقائب المسافرين، وهو في الحقيقة السبب الرئيس بإنتشاره في معظم دول العالم، فكان قرار الرئيس ترامب صائباً في هذا الخصوص، لنقل للمرة الأولى إلى حد ما.

من هنا، قد تكون بعض الدول إستفادت من تجارب دول أخرى في إحتواء الفيروس، إلا أن المؤكد أن لا أحد كان جاهزاً لمثل هذه الجائحة التي تتمخض أبرز إيجابياتها في أنها جعلت الجميع بحالة متساوية على كافة الصعد. فلم ينفع تطور الغرب ولا التقدم والتطور لديه من وقف الإنتشار، ولم تستطع عقلية الرئيس ترامب التجارية والربحية، التي حصدها خلال ولايته، أن تكون سبباً في منع الإنتشار، كما لم تستطع منظمة الصحة العالمية نفسها، إلى الآن وبعد أشهر من إنتشار الوباء، من التوصل إلى علاج ناجع أو لقاح على الرغم من وجود معلومات تتحدث عن تجربة ثلاثة لقاحات سريرياً من المحتمل أن تبصر النور في شهر يوليو/تموز القادم، 2020، وهناك 70 لقاحاً آخراً قيد التطوير.

ختاماً، يبقى السؤال: أين أخطأ حكام الغرب وأين أصابوا؟ هذا ليس مهماً بل ما يهم الآن هو وضع حد لهذا الفيروس ومن ثم سيكون هناك تحولات وتبدلات حتمية على صعيد العالم ككل، لكن المؤكد أن الولايات المتحدة لم ولن تخسر كما يحلم البعض، أي أن تحل التعددية القطبية مكان الآحادية القطبية.

*المدير التنفيذي في مركز سيتا.

المصدر: رياليست.

مصدر الصورة: الحرة.