يأتي لقاء رئيس حركة المقاومة الإسلامية – “حماس” الفلسطينية، خالد مشعل، الشعب الفلسطيني في لبنان – بعد 12 عاماً – ضمن حملة “حماس حدّك” لإغاثة الفلسطينيين، ولكي تقول الحركة كلمتها بأن الشعب الفلسطيني ليس وحده، خاصة بعد الظروف الصعبة التي يعانون منها في لبنان إلى جانب إخوتهم اللبنانيين، وذلك بعد أن أصبحت التهجير السمة الأبرز التي يقومون بها.
هذه الزيارة تأتي – في المقام الأول وهذا ليس سراً – لتحييد الفلسطينيين عن الأوضاع المتأزمة في لبنان، ومنع انفجار المخيمات الفلسطينية؛ لذلك، لاقت زيارة مشعل الكثير من الارتياح داخلياً وخارجياً، وتصدّر وسم #مشعل_يمثلنا مواقع التواصل الاجتماعي، حيث زيارة حملت الكثير من الدلالات لكن أقربها هي عون الشعب الفلسطيني ومساعدته، والقول له بأنه فعلاً ليس وحيداً كما يعتقد البعض.
إن المقاومة كلها مجتمعة، بالإضفاة إلى حركة “الجهاد الإسلامي” وبقية الفصائل الفلسطينية المقاوِمة الأخرى، تأكد بأن الحركة تعتبر ركيزة أساسية فيها، والجميع رأى ما كانت فاعلة خلال العدوان الأخير على غزة وما سطّرته من بطولات تجعل منها رقماً صعباً يُحسب له ألف حساب. أما لجهة التوتر الحاصل مع دمشق، فهو موضوع قديم لكن – ووفقاً لمصادري الخاصة – تم حله عبر قيادات لبنانية، لكنه لا يزال معلقاً إعلامياً ولم يُبصر النور بعد لتهيئة الأجواء المناسبة، لكن الإعلان المباشر سيكون قريباً.
وفيما يتعلق بعشرات التحليلات التي تعبّر عن وجهات نظر كتّابها، بعضها صائب وبعضها غير صحيح من وجهة نظري، ولكلٍّ بالطبع وجهة نظره التي يملك ويحلل على أساسها، خاصة مسألة المقابلة غير المعلنة بين مشعل وحزب الله، والتي تندرج تحت نوع من أنواع المناورات السياسية. ولعل الأمر الذي جعلها غير معلنة هو أن العاصمة القطرية – الدوحة تعتبر المقر الحالي للسيد خالد مشعل، وإن وضعية الحزب في الخليج سيئة جداً، ما يعني أن الأخير لا يريد وضع الحركة أمام تجاذبات سياسية ستتخذ منحىً تصعيدياً؛ وبالتالي، تصبح من “المغضوب عليهم”. الكلام كثير لكن الاستهلاكي منه أكثر، ومن يريد سرد الأسباب ليقولها صراحةً، لأن الحقيقة لا تحتاج غلى تجميل إن كانت واضحة.
برأيي، كل الكتابات الإعلامية عن هذا الموضوع نسيت أو تناست أن ما من أمر يحدث إلا بتنسيق بين الفصائل جميعها، ولا يوجد أي انقسام داخل حركة “حماس”، وهذا تحديداً عارٍ عن الصحة، لكن الإخوة في الحركة لهم أكثر من وجهة نظر وورقة سياسية، ويناورون في أكثر من جهة. هكذا هي السياسة، وهذه هي بديهياتها؛ بالتالي، إن القيادة السورية في دمشق والمقاومتان اللبنانية والفلسطينية كلهم ينسقون معاً، لكن يعلم الأطراف الثلاثة بأن هناك عدة اعتبارات أبرزها أن الخليج اليوم بات يعد لاعباً رئيساً في المنطقة، بالإضافة إلى دور بعض دوله في دعم القضية الفلسطينية، ناهيك عن مسألة ترنُح الاقتصاد الإيراني المرتبط بما ستؤول إليه نتائج محادثات فيينا.
وكما جاء في بيان السيد مشعل، ستظل بوصلة القوى الفلسطينية متجهة نحو القدس وفلسطين، حيث توجد أهم وأبرز الملفات في فلسطين، كالقدس والأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية وكسر الحصار عن غزة ودعم المقاومة التي تسعى لطرد الاحتلال وتحرير الأرض وتحقيق حق العودة.
أخيراً، في ظل موجة التطبيع التي شهدتها المنطقة مؤخراً لا سيما التطبيع الاقتصادي والسياسي والفني وغيرها، نتمنى خروج بعض الأصوات المقاومة طالما أن قضية فلسطين توحدنا رغم اختلافنا في ملفات أخرى، وهذا من أجل أن لا يزيد التصدع الحاصل حيث توجد حاجة ملحة للأمة اليوم كي تعيد لم الشمل وتتوحد. فمن يقول إنه مع فلسطين لا يطعن بقيادات المقاومة، لأن الأمل الوحيد المتبقي هو المقاومة الفلسطينية، وفتح ملفات جانبية تؤثر على التوجه العام هو “صيد في الماء العكر”، فالأمل يبقى بوحدة الصف لا الفرقة التي يرعاها رُعاة الفتن هنا وهناك.
مصدر الصورة: المدن.
موضوع ذا صلة: زيارة هنية إلى لبنان: دلالات وتداعيات التوقيت
كاتب ومفكر – الكويت