خاص_ سيتا

د. عمرو الديب*

بعد عبور الأزمة السورية مرحلة الخطر، وبعد نجاحات الجيش العربي السوري فى القضاء على الجماعات الإرهابية واسترجاع حوالي 98% من كامل الأراضي السورية، أصبح الحديث عن مستقبل سوريا السياسي القريب أمر حتمي. وأصبحت تحركات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر حدة ونشاط في هذا الاتجاه.
والأسبوع قبل الأخير من شهر نوفمبر 2017 سيكون تاريخيا بمعنى الكلمة نتيجة كمّ التحركات على مستويات مختلفة من القيادات. وهذا الأسبوع رأينا زيارة الرئيس بشار الأسد لروسيا والتي كانت لها رسالة قوية لكل الدول الفاعلة في الأزمة السورية، مفادها أن الرئيس بشار الأسد سيكون أي تحرك لرسم مستقبل سوريا السياسي من خلاله، وأن الدول التي ما زالت تطالب برحيله كالولايات المتحدة وبريطانيا لا تستطيع فعل شيء حيال ذلك.
وقيام الرئيس فلاديمير بوتين بعمل مكالمات هاتفية بكل من أمير قطر والملك السعودي، الرئيس المصري، رئيس الوزراء الإسرائيلي ودونالد ترامب بعد زيارة الرئيس السوري لسوتشي يأتي كمحاولة منه لوضع كل هذه الدول في صورة الحل الذي سيتم الاتفاق عليه في مؤتمر جينيف 28 من الشهر الحالي.
ولكن رغبة الرئيس بوتين وحدها لا تستطيع بسط الحل السياسي فى سوريا، لأن هذه الأزمة تتداخل فيها مصالح قوى إقليمية كبيرة. إن حل الأزمة السورية يجب أن يكون على ثلاث محاور:

المحور الأول: سن دستور جديد للبلاد يحدد فيه بشكل واضح:

1-الحفاظ على وحدة الأراضي السورية
2-إقامة نظام حكم ديموقراطي
3-إقامة إنتخابات تشريعية ورئاسية تحت إشراف كامل من جانب الأمم المتحدة لكي يختار الشعب السوري بنفسه من يحكمه ولكي يطمئن العالم وأولهم الشعب السوري على نتيجة هذه الإنتخابات.

المحور الثاني: الإتفاق على خروج القوات التركية من الشمال السوري بشكل كامل، مع العمل بشكل مستمر لوأد أي فكرة انفصال من جانب أكراد سوريا. والأهم خروج القوات الأمريكية من الشمال السوري لأنه تواجد غير قانوني ولا ننسى أن عدد القوات الأمريكية زاد بنسبة غير قليلة في الثلاثة أشهر الماضية في مناطق الأكراد. إن أي حل سياسي في سوريا يجب أن يسبقه خروج القوات التابعة سواء للولايات المتحدة أو التابعة لتركيا من الأراضي السورية.

المحور الثالث: الوصول لحل بخصوص التواجد الإيراني في سوريا، وهذا المحور هو من أصعب المحاور الثلاث. إسرائيل والمملكة السعودية لن يهدأ لهم بال سوى بخروج القوات الإيرانية من الأراضي السورية وحتى الأراضي اللبنانية، لذلك رأينا محاولة السعودية بإرغام سعد الحريري بتقديم إستقالته من الرياض لكي تضم لبنان لمفاوضات حل الأزمة السورية، وهذه المحاولة طبعا فشلت كما رأينا. و إذا لم تخرج القوات الإيرانية ستستمر الأزمة السورية بشكل أو بآخر.
كلمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي وضح فيها بأن على الأطراف الفاعلة فى الأزمة السورية أن تقدم تنازلات لا يمكن أن تفيد فى الأزمة. فلا إسرائيل سترضى بحل سوى خروج القوات الإيرانية، ولا سوريا سترضى سوى بخروج القوات التركية من أراضيها. سيتبقى أمامنا فقط فرصة الوصول لحل للمستقبل السياسي بكتابة دستور جديد وإقامة انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وهذا لن يفيد.

توصيات
– يجب على القيادة السورية العمل على ربط خروج القوات التركية والأمريكية بأي خطة لحل سياسي فى سوريا.
– يجب على القيادة الروسية ألا تثق بإدارة دونالد ترامب فيما يخص الشرق الأوسط، فزيادة عدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط في الربع الأخير من هذا العام بنسبة 30% عما كانت عليه فى الربع الثاني من العام نفسه يعطي إنطباع بأن الولايات المتحدة تحضر لأمر ما في هذه المنطقة، فالحرب لم تنتهي.
– فيما يخص أزمة تواجد القوات الإيرانية فى سوريا يجب على القيادة السورية أن تعمل على خروج هذه القوات بشكل أو بآخر فتواجد القوات التركية والأمريكية وتأهب إسرائيل متصل بتواجد القوات الإيرانية. ويجب على القيادة الإيرانية تفهم ذلك. وعلى الأقل يجب أن يكون تواجد القوات الإيرانية مؤسس على إتفاقية دولية وأن تكون هذه القوات متواجدة داخل قواعد عسكرية مغلقة وبعيدة عن الحدود السورية-الإسرائيلية.
– يجب على القيادة السورية أن تطالب بإعادة إعمار سوريا من خلال الدول الخليجية وعلى رأسها قطر، فهناك اعترافات رسمية قطرية بدعم جماعات إرهابية أثناء الحرب السورية 2011-2017.
– يجب التساهل فيما يخص سن دستور سوري قوي يشترك فيه جميع طوائف الشعب السوري ويكون هذا الدستور فرصة للشعب السوري أن يختار قياداته وممثليه بشكل ديموقراطي وبضمان الأمم المتحدة.

*باحث في شؤون الشرق الأوسط – موسكو

مصدر الصور: سبوتنيك