إعداد: مركز سيتا
كان العام 2019 إيجابياً بشأن سعر الذهب، في ظل الارتفاع التدريجي لسعر الذهب من 1280 دولاراً في يناير/كانون الثاني إلى أن كسر حاجز 1560 دولارا للسبيكة الواحدة في الأيام الأولى من سبتمبر/أيلول، لتعود وتثير توقعات ارتفاع أسعار المعدن الأصفر، اهتمام السوق مع بداية العام الجديد “2020”.
إن التوقعات لعام 2020 بشأن سعر الذهب ارتكزت على تحليل جميع الجوانب الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تؤثر على سعر المعدن الأصفر خلال السنة المقبلة، إستناداً إلى الحرب التجارية والسياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى في العالم، فضلاً عن النمو الاقتصادي، وقعت غربلتها بهدف وضع توقعات جيّدة حول سعر الذهب في العام “2020”.
تحليل السوق العالمي
لا يمكن للخبراء تجاهل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في توقعاتهم لسعر الذهب، ورغم توصل البلدين إلى اتفاق أولي فإن ذلك لا يعد كافياً بالنسبة للأسواق لبناء موقف أكثر إيجابية، ووفقاً للخبراء ستدفع انتخابات 2020 الأميركية بدونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق نهائي مع بكين، الأمر الذي سيزيل المخاوف والشكوك، ويدفع إلى مزيد من الرغبة في المخاطرة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تأثر الذهب.
وخلال العام 2019، كانت عبارة “الاقتصاد والركود” تستخدم في الكثير من الأحيان في الجملة نفسها، إلا أن المخاوف من حدوث تباطؤ، حثت البنوك المركزية على عكس مسار التصرف بشكل طبيعي واعتماد سياسة نقدية أكثر ملاءمة، وفي نهاية العام “2019”، تحسنت الأمور وابتعد شبح الركود، مما جعل العديد من المراقبين في السوق يتوقعون حدوث انتعاش خلال العام الجاري.
إن العام 2019 كان إيجابياً لسعر الذهب. وتعتبر السياسة الجديدة للبنوك المركزية، وتحديدا السياسة التي سيتبعها البنك المركزي الأميركي جيدة، حيث عادت إلى خفض أسعار الفائدة بعد الزيادات الأربع في العام 2018. ومع حلول فصل الصيف، عاد سعر الذهب إلى 1500 دولار، لكن منذ بداية سبتمبر/أيلول، انخفض السعر إلى نحو 1450 دولارا مرة أخرى. ويذكر أن توقعات عام 2020 بشأن سعر الذهب تواصل تذبذبها، تماما كما حدث خلال السنوات الأخيرة.
مخاوف عديدة
لم يكن إنتشار الجائحة هو السبب الأساس في صعود أو هبوط في أسعار صرف العملات أو أسعار المعادن ومنها الذهب، حيث أن أسعار الذهب كانت تمر بانهيار حاد في أولى فترات انتشار الوباء، إلا أن فيروس “كورونا” أطلق عدداً كبيراً من القوى التي تسعى لزيادة الطلب على الذهب الذي يعد من الأصول الآمنة خلال الأزمات.
وفي تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” الأمريكي، جاء فيه، “جائحة كورونا كانت القوة الدافعة وراء أحد أكثر الانتعاشات شراسة التي شهدها سوق الذهب على الإطلاق”، وإثر ذلك، تجلت مخاوف عدة من أهمها فرض عمليات الإغلاق من قبل الحكومة الأمريكية، وقرار السياسيين تمرير حزم التحفيز غير المسبوقة، وقرار محافظي البنوك المركزية طباعة النقود بشكل أسرع من أي وقت مضى لتمويل هذا الإنفاق.
ومن تلك المخاوف أيضا تراجع عائدات السندات الأميركية المعدلة حسب التضخم لتصبح في المنطقة السلبية، هذا بالإضافة إلى تراجع الدولار المفاجئ مقابل اليورو والين وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
وحسب إدوارد مويا كبير محللي السوق في شركة أواندا فإن المحرك الرئيسي وراء الارتفاع الأخير للذهب كان “المعدلات الحقيقية التي تستمر في الهبوط ولا يبدو أنها ستستقر في أي وقت قريب”.
تصاعد المخاطر
صعد المعدن الأصفر إلى أعلى مستوياته في تسع سنوات اليوم مع نمو الطلب الكبير على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد التوترات الأميركية – الصينية والتي وصلت إلى أوجها مع إمهال الولايات المتحدة، الصين 72 ساعة لإغلاق قنصليتها في ولاية هيوستن، بذريعة حماية الملكية الفكرية للشركات الأميركية. ورأت فيه الصين “استفزازاً سياسياً” قد يدفعها إلى اتخاذ خطوة مماثلة، في ظل تحضيرات لاحتمالات مواجهة عسكرية بين أكبير اقتصادين في العالم في بحر الصين الجنوبي مما سيؤثر في الاقتصاد العالمي ويدفع المستثمرين بقوة نحو الملاذات الأمنة وعلى رأسها الذهب.
فلقد حدد بنك لومبارد أودير السويسري الخاص سبب الاحتفاظ بالمعدن الأصفر الثمين في المحافظ. وشكلت رؤية البنك منعطفاً آخر في الجدل الدائر حول الدور الذي يجب أن يلعبه الذهب في إدارة الثروات. وبحسب البنك، غالباً ما تنشأ قضية الذهب عندما تبدو المخاطر أعلى من المعتاد، أو عندما تندلع المخاوف من تآكل قيمة الأموال “الورقية” الحكومية.
ارتفعت قيمة المعدن النفيس في الآونة الأخيرة عبر جميع العملات الرئيسية مع نمو الطلب العالمي على الاستثمار في المعدن الأصفر كأحد أفضل الملاذات الآمنة خلال تفشي أزمة “كورونا”، ودعا البنك السويسري الخاص، المستثمرين إلى عدم إيلاء الكثير من الاهتمام للتغيرات في إنتاج الذهب والعرض. على عكس سوق النفط، وبخاصة في غياب وجود نقص في الذهب، فهناك ما يعادل حوالي 60 عاماً من الإمدادات فوق الأرض بالفعل، وهناك سوق كبير للذهب المعاد تدويره، وبالتالي، سعى المستثمرون إلى السيولة، وارتبطت أسعار الذهب مؤقتاً بأصول أخرى وهبطت. بمجرد أن اتضح للمستثمرين أن العالم يواجه جائحة عالمية، ارتفعت الأسعار تماشياً مع برامج شراء الأصول المالية الضخمة للبنوك المركزية. تاريخياً، وقد يرتفع سعر الذهب عندما تنخفض قيمة الدولار.
مستقبل الأصول
حدد تقرير حديث ثلاثة سيناريوهات لمستقبل سوق الأصول والملاذات الآمنة خلال العام الحالي، مؤكداً أن السوق ستواصل الاستفادة من الأزمات القائمة في سوق الأصول الخطرة، التقرير، الذي رصد تحركات الذهب يشير إلى أسعار وشيكة للأوقية تتراوح ما بين 1805 وما يقرب من 2300 دولار في وقت قريب، بدعم استمرار هروب المستثمرين من أسواق الأسهم وتقليص المخاطرة بعد الخسائر العنيفة التي تكبدتها أسواق الأسهم العالمية منذ ظهور جائحة “كورونا” حتى الآن.
وارتفع المعدن النفيس 1.4 في المئة مؤخراً، إذ استولى الملاذ الآمن المنافس الدولار الأميركي على بعض التألق الذي يتمتع به المعدن النفيس في ظل تزايد حالات الإصابة بفيروس “كورونا”، وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد صعد البلاديوم 1.5 في المئة إلى 1869.24 دولار للأوقية، لكنه يتجه صوب تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي أول مايو (أيار). فيما نزل البلاتين بنحو 1.4 في المئة إلى 792 دولاراً للأوقية، وهبطت الفضة 0.3 في المئة إلى 17.82 دولار.
أخيراً، يتوقع الخبراء الإقتصاديين، أن تظل أسعار الذهب مدعومة، وأن يتم تداول حوالي 1600 دولار أميركي/ أوقية سنوياً من الآن، مع تحسن التوقعات للاقتصاد العالمي. سيكون الخطر على ذلك تعافياً اقتصادياً أقوى من المتوقع، ما يُقنع البنوك المركزية على مستوى العالم بأنها تستطيع أن تخفّض أو توقف إنفاقها التحفيزي الاستثنائي على الأصول بأمان. وهذا يعني أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون مستعداً عندئذ لزيادة أسعار الفائدة، على الرغم من أنه في عام الانتخابات، والظروف الحالية، لا يزال من الصعب تخيل مدى تأثيراتها المحتملة في هذا القطاع.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: الجزيرة + موقع الإقتصادي.
موضوع ذا صلة: الألماس.. “القاتل اللامع”