حوار: سمر رضوان

تعتبر صربيا من الحلفاء الرئيسيين لروسيا في البلقان. إضافة إلى ذلك، يمكن متابعة الدعم السياسي الروسي، لا سيما في ملف كوسوفو، والعسكري، بعد القيام بمناورات مشتركة، لبلغراد وهو ما يعد بمثابة رسالة روسية إلى كل من الغرب وحلف شمال الأطلسي – الناتو، لا سيما مع “مهارة” موسكو باللعب أوروبياً على ورقتي “العِرق والدين” لترسيخ تحالفاتها “وقائياً” تفادياً لأية أخطار مستقبلية على أمنها القومي.

حول مسألة إحياء روسيا لنهج التحالف العرقي – الديني (السلافي – الأرثوذكسي) ونجاعته في الوقوف ضد أية أخطار محتملة، سأل مركز “سيتا” الدكتور ساركيس تساتوريان، خبير العلوم التاريخية ورئيس تحرير وكالة أنباء “رياليست” – القسم الروسي، عن هذا الموضوع.

المساعدة “بطلب”

من أجل قبول كوسوفو كدولة مستقلة ضمن الأمم المتحدة، يلزم موافقة جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة. إذا عارضت روسيا، فإن البيان المتعلق بقبولها لن يمر عبر المجلس. بمعنى، لن يتم النظر في البيان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تتخذ قراراً بأغلبية بسيطة من الأصوات. لذلك تستطيع موسكو وستقدم مثل هذا الدعم إلى بلغراد إذا طلب الصرب ذلك.

إتفاقية تجارة حرة

لا يمكن لروسيا التأثير على صربيا بالشكل الذي كانت عليه الأمور إبان الإتحاد السوفياتي السابق ويوغسلافيا، في ذلك الوقت، لا سيما لجهة الرغبة الكبيرة في موارد الطاقة. أعتقد أن موسكو ستكون سعيدة تماماً بخيار صربيا للعضوية في كل من الإتحاد الإقتصادي الأوراسي والإتحاد الأوروبي.

ففي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وقعت بلغراد بالفعل إتفاقية حول منطقة تجارة حرة مع الإتحاد الإقتصادي الأوراسي، وهو ما لا يتناقض مع إنضمامها إلى الإتحاد الأوروبي، إذ أن الشيء الرئيس هنا يكمن بضرورة التفكير وبشكل صحيح في الجزء القانوني، من أجل تجنب تضارب المصالح بين الإتحادين.

بإعتقادي، أن بروكسل لن تعترض أيضاً على مشاركة صربيا في منظمتين للتكامل الإقتصادي في آن واحد. واقعاً وبالنسبة للحلفاء الأوروبيين في بلغراد، فإن هذا الخيار قد يكون خياراً جيداً في مسألة نقل الغاز الطبيعي.

مشروع بديل

روسيا هي وريثة الأرثوذكسية اليونانية، والأكثر نفوذاً سلافياً على هذا الكوكب. مثل هذا الإرث ليس مشرفاً فحسب، بل هو مسؤولية أيضاً. إنه عبء ثقيل لكنه يقع في نطاق سلطة الشعب الروسي، الذي تحاول قوى خارجية استعباده وإبادته جسدياً منذ ألف سنة. إن الله يساعد الشعب الروسي على البقاء على قيد الحياة، لأن هناك مهمة يجب على موسكو نقلها إلى العالم. وهنا، أقصد الحقيقة التي يجب على روسيا أن تخبر العالم بها عن نفسها، وأن تساعده كي يصبح أفضل من أجل إيجاد مبادئ أخلاقية جديدة، هو ما يعد التحدي الأكبر لتاريخنا.

في القرن العشرين، أظهرت روسيا السوفياتية للعالم حقيقة الرأسمالية، حيث أعطت الشعوب بديلاً عنها في شكل مشروع إشتراكي. وفي القرن الحادي والعشرين، يتعين على روسيا أن تقدم للعالم علماً اجتماعياً جديداً، وتعاليم أخلاقية جديدة “علمانية” تعتمد على الأرثوذكسية.

ولكن قبل أن يحدث كل ذلك، يجب على روسيا أن تطهِّر ذاتها، وأن تكفَّر عن خطاياها عبر محاسبة نفسها، وأن تبين خطأ الرأسمالية الوحشية ليس من أجلها فقط، ولكن من أجل بقية الدول الأخرى أيضاً. وإلى أن تشْرع روسيا في سلك طريق الحقيقة، سيتم إختبارها عبر أنواع مختلفة من الإنشقاقات الدينية، والنزاعات المسلحة الحدودية، والسعي إلى إفساد الشباب الروسي وجعلهم عبيداً في مجتمع استهلاكي. من هنا نقول بأن مراقبة ومحاسبة أنفسنا ستساعدنا كثيراً وتجعلنا أقوى.

مصدر الصور: روسيا اليوم.

موضوع ذو صلةصربيا: بين النفوذ الروسي والإستقطاب الأوروبي