مركز سيتا

وصف خبراء أمنيون قرار الحكومة العراقية بضبط سلاح العشائر بالشائك، وذلك في الوقت الذي لم تستطع أجهزة الأمن السيطرة على نزاع بين عشيرتين إلا بعد الإستعانة بقوات كبيرة من الجيش. وأكد الخبراء أن غالبية العشائر تعتبر سلاحها سلاحاً مرخصاً، لأن غالبية أبنائها منتمون للفصائل المسلحة، مبينين أن هذا الإرتباط بين العشائر والفصائل المسلحة هي “عقدة الملف”، وأنها ستصعِّب من إمكانية سحب السلاح، طبقاً للمعلومات.

توقيت خاطئ؟

مع إستلام رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لمنصبه وبدئه لزيارات مكوكية مع دول إقليمية ودولية وإستقبال رؤساء دول غربية وعقد مؤتمرات حوارية مع الولايات المتحدة والإعلان عن مشروع “الشرق الجديد”، وكل هذه الأمور تشي بتغييرات جذرية في طبيعة الحياة السياسية للعراق ودورها الإقليمي بعد جمود لعقود.

فتوجيه الكاظمي للقوات المسلحة العراقية بحصر السلاح بيد الدولة ومطاردة المخالفين والممتنعين تحت القانون، يعني الضرب بيد من حديد للفصائل التي ترفض تسليم سلاحها، وهذا من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً، في ظل معاناة العراق من عجز كبير؛ فحيث أن الموازنة هي 3 مليار دولار، بلغت المصاريف أكثر من 7 مليار دولار، وهذا الأمر لوحده يخلق مشاكل ضمن الطبقة السياسية نفسها، في وقت لا تزال جائحة “كورونا” منتشرة بقوة داخل البلاد والمنظومة الصحية متآكلة جزئياً، ليأتي أمر سحب السلاح في توقيت غير موفق لكثرة التقسيمات العشائرية واالتبعيات والولاءات.

تحولات جذرية

إن عودة الكاظمي من واشنطن ولقائه بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قبل أيام، كلها عوامل وضعت تساؤلات عديدة منها، هل لواشنطن وباريس أية صلة أو علاقة بطلب الكاظمي حول حصر السلاح بيد الدولة؟

مؤشرات كثيرة توحي بأن التحالفات القادمة للعراق هي غربية، والإنطلاقة ستكون أمريكية – فرنسية على حساب الثقل الإيراني في العراق، وهذا إن دل على شيء، يدل على نهج أمريكي واضح في سحب البساط من تحت أرجل كل من يعارضها. ومن أجل كسب ود العراق ممثلة بالكاظمي، رأينا مسألة إمكانية تخفيض الولايات المتحدة لعدد قواتها في العراق، وسحب ما يقارب على الـ 2000 جندي من أصل 5500.

من هنا، إن السياسة الأمريكية إستطاعت أخيراً ضبط العراق لصالحها دونما إفتعال حروب أو إنتفاضات أو ثورات كباقي الدول العربية، بل إستطاعت السيطرة بعد عقود طويلة خاصة وأن إسقاط نظام صدام حسين، الرئيس الراحل، كان هدفاً أمريكياً بإمتياز. اليوم، تعتبر واشنطن أن بغداد تشكل ثمرة جهودها القديمة وعليها قطاف ما جاءت لأجله؛ وبالتالي، العمل على إزاحة إيران سياسياَ لتبقى العقبة الدينية قائمة حتى تجد مفتاحاً لها.

على المقلب الآخر، تمتلك إيران الكثير من القوة في الإقليم، وخصوصاً العراق، ولن يكون الأمر سهلاً ما إن تم قرار تحريك الشارع في وجه أي مخطط أمريكي محتمل، بل في وجه أي خطر قادم جراء قرارات غير مدروسة وخاطئة التوقيت، على الرغم من أن الكاظمي يسعى جاهداً لإعادة العراق على الطريق الصحيح وتفعيل دوره إن إستطاع ذلك ويبقى هذا حلماً مستحيلاً على الأقل في المدى المنظور.

مصدر الصورة: الميادين.

موضوع ذا صلة: في العراق.. لا خيار إلا الدولة