عادت الإحتجاجات إلى الشارع الجزائري مجدداً في ظل معلومات عن وجود جهات خارجية داعمة ومخططة لها، كما حدث من قبل، في حين أن الشعب الجزائري بغالبيته يؤيد حالة الإستقرار والحفاظ على المسار الدستوري للبلاد، لكن الرهان على نتائج هذه الإحتجاجات سيتبين في الأيام القادمة.
عن آخر التطورات في الشارع الجزائري لجهة الإحتجاجات الحالية والتقلبات العامة لمزاج الشارع الجزائري، سأل مركز “سيتا“، الدكتور أحمد كروش، الخبير الأمني، ومراقب دولي سابق في بعثة الأمم المتحدة للسلام، حول هذا الموضوع.
لا للتمديد
الاحتجاج الوحيد في رأيي هو الذي خرج إليه الشعب بجميع أطيافه وتوجهاته مطالباً بصوت واحد “لا للعهدة الخامسة” لما أراد الرئيس الراحل، عبد العزيز بو تفليقه، ترشيح نفسه للمرة الخامسة وهو مقعد على كرسي متحرك. أما باقي الإحتجاجات، في رأيي، دائماً ما تكون من أجل فرض أمر واقع على غالبية الشعب الجزائري، لكنها غالباً تنتهي بفشل لأنها لا تلقى دعماً شعبياً كاملاً.
حقق الشعب بحراكه السلمي أهدافه وذلك بالضغط على الرئيس السابق وتقديم استقالته، حيث ظهرت مجموعة كانت تطالب بمرحلة انتقالية وأخرى بمجلس تأسيسي، بينما أغلبية الشعب كانت متمسكة بالدستور والذهاب لإنتخابات رئاسية. فلقد إستطاع الشعب، مؤيداً من الجيش الوطني الشعبي، بالحفاظ على المسار الدستوري، وتمكنت الجزائر من إجتياز أكبر عقبة وأجرت إنتخابات رئاسية، وأصبح للجزائر رئيس شرعي جاء عن طريق الإرادة الشعبية وبقيت مجموعات متفرقة هنا وهناك تعاند وتريد زرع الفوضى في الشارع الجزائري.
دعوات للتظاهر
كلما كانت الجزائر مقبلة على إستحقاقات مصيرية نجد أن هناك دعوة للتظاهر والعمل على ضرب استقرار البلاد. فالجزائر، كما هو معلوم، مقبلة على إستفتاء لمسودة الدستور. من هنا، إتخذت بعض المجموعات ذكرى مظاهرات 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 للتشويش على العملية الدستورية، فهم يعتقدون أن جر البلاد إلى حالة من العنف قد يعيدنا للمربع الأول وتحقق لهم أمنياتهم بالدخول في المرحلة الإنتقالية، التي تسمح بالتدخلات الأجنبية لا محالة وتجعل الجزائر أرضاً لتصفية الحسابات بين الدول الإقليمية والكبرى خاصة وأن البلاد قد إستعادت دورها الريادي ضمن المجموعة الدولية، وإستقل قرارها السياسي السيادي.
إن جزائر “العهد الجديد” أعلنت على مسامع كل العالم أن كلمتها يجب أن تحترم وتؤخذ بالحسبان في كل الملفات الإقليمية التي تؤثر على مصالحها الحيوية والإستراتيجية.
ضد التطبيع
سبق وأن أعلنت الجزائر بصريح العبارة أنها لا توافق ولا تبارك الهرولة للتطبيع مع العدو الصهيوني، وأنها مع فلسطين كانت ظالمة أم مظلومة كل هذه الأمور. بإعتقادي، هذا الموقف جعل جهات إقليمية ودولية غير مرتاحة وتريد اللعب على وتر الإستقرار. أيضاً، إن عدم تحقيق برنامج الرئيس، والأحداث السابقة التي وقعت في البلاد، برهنت بما لا يدع مجالاً للشك على وجود أطراف أجنبية تعمل على فك البنية الإجتماعية الداخلية وضرب الأمن والإستقرار، وأحداث غرداية شاهدة على ذلك حيث ألقي القبض حينها على شبكة من أشخاص أجانب يقودهم جهاز الموساد الإسرائيلي، كما تم القبض على أشخاص أجانب حاولوا اختراق الحراك الذي قاده الشعب الجزائري من أجل التغيير السلمي.
لذا، أعتقد أن هناك جهات أجنبية لا تريد للجزائر الذهاب إلى التغيير بطريقة سلسة وديموقراطية وبإرادة شعبية. فكل الطرق جربت مع الجزائر وفشلوا في تطبيقها، لذلك هم يريدون تفجيرها من الداخل. من هنا، أظن أن الدولة قادرة على احتواء هذه التظاهرات خصوصاً وأن أغلبية المواطنين يريدون الإستقرار والعمل من أجل التغيير السلمي خارج عن أية فوضى، ناهيك عن الوعي والحس الأمني الذي تمتع به الشعب الجزائري الذي أظهره طيلة هذه المدة، وهو ما سيفوت الفرصة عن كل متربص بأمن الجزائر واستقرارها.
مصدر الصورة: البيان.
موضوع ذا صلة: ملاح: تحديات جمَّة بإنتظار الرئيس الجزائري المقبل