لا شك في أن اغتيال العالم الإيراني حدث كبير لجهة مركز الشخصية وثقلها العلمي والسياسي، والذي بحسب المعلومات كان يشغل منصباً في وزارة الدفاع الإيرانية؛ وبالتالي، هذا يدفع للقول بأن عصب الصناعة العسكرية الإيرانية، للشهيد دور فيها من خلال تطوير قدرات إيران العسكرية والنووية على حدٍّ سواء.
الأيدي الإسرائيلية
تأتي عملية الإغتيال هذه كما عادة الموساد الإسرائيلي، الذي لم يُبقِ على عالم يستطيع الوصول إليه، ولقد رأينا ذلك في الحرب السورية حيث أُغتيلت عشرات الشخصيات مثل العقل الأساسي في البرنامج الصاروخي السوري، الشهيد طارق زغيب، والعقل الرئيسي في الملف الكيميائي، العالم السوري عزيز إسبر، وغيرهما الكثير.
هذا الأمر من المؤكد أنه سيرخي بثقله على الواقع الإقليمي خاصة لدول المحور، وتحضيرات كبيرة للجم الكيان الصهيوني، سواء في سوريا أو لبنان واليمن وحتى العراق، لجهة الرد الميداني على أدوات الكيان الصهيوني مبدئياً، مع الجزم بتأكيد الرد الإيراني، لكن في الزمان والمكان المناسبين.
الموقف الدولي
إن التعاطي الدولي، وكما تعودنا عليه في صراعات الشرق الأوسط، سيدعو إلى ضبط النفس، ظاهرياً، لكن من تحت الطاولة، الجميع يريد تدمير كل الدول التي تخالف سياسات الولايات المتحدة. فلو كانت هناك قيمة حقيقية للمجتمع الدولي، لكان له دور مركزي في مسألة رفع العقوبات الجائرة، عن إيران وسوريا، في ظل تفشي جائحة “كورونا”، ولكان إنتهج موقفاً حازماً من التمدد التركي، الذي وصل إلى أعتاب القارة الأوروبية من بوابة قبرص الشمالية، ولكان نسَّق بشكل واضح مع سوريا وإيران حول الإرهاب الذي يضرب بلادهم بين الفينة والأخرى.
من هنا، ستلقى حادثة الإغتيال تنديدات شعبية أكثر منها رسمية، إذا ما ربطنا ذلك بأن القرار الغربي في مجمله مسيطر عليه من قبل واشنطن، فلا حول لهم ولا قوة، وتُبين ترهل هذا المجتمع في تعامله مع جائحة “كورونا”، ليتبين أن الكذبة الكبرى في العالم اليوم هي وجود مجتمع دولي وإتحادات دولية وقانون دولي، لا دور لها إلا تمرير سياسات واشنطن وتل أبيب؛ بالتالي، هم على يقين من أن الرد الإيراني سيكون قاسياً، أما ردهم فسيكون بتأمين محيط سفاراتهم في المنطقة خوفاً من هجمات عليها. عدا ذلك، لا يمكن التعويل على من دمر أوطاناً وشرد شعوباً، ولم يرف له جفن.
آخر الحلول
إن الحرب آخر ما تريده إيران والمنطقة، وحادثة الإغتيال بحد ذاتها، هي محاولة توريط طهران بحرب يعتقدون أنهم سيربحونها، فالإستفزازات الصهيونية التي يمارسوها سواء عملية الإغتيال هذه أو الإعتداءات المتكررة على سوريا، كلها تأتي في سياسة إطالة أمد الحرب والضغط على دول الخليج ليكون التطبيع أمر واقع.
لكن من المتوقع أن يستغل الكيان الصهيوني وأميركا هذه الحادثة للضغط على دول الخليج، خاصة السعودية، لجهة تخويفها من إحتمالية رد طهران على بلادهم؛ بالتالي، الإسراع نحو التطبيع ونقله من الحالة الإقتصادية إلى العسكرية حيث أن المستفيد الأكبر هنا هم الولايات المتحدة وكيان الإحتلال وكبرى شركات السلاح. فلولا هذه الذريعة، لما رأينا أميركياً واحداً في المنطقة. وبالخديعة، بعد الغزو العراقي للكويت، إستغلوا الحرب لزرع قواعدهم، ومع انقضاء الحرب وإسقاط الأنظمة العربية تالياً بالقوة، كان لا بد من إيجاد “شماعة”، أي إيران، خاصة أن المطالبة بالإنسحاب الأميركي من المنطقة أخذ بالإرتفاع. فكيف سيبقى إن انتفت الذرائع؟!
أخيراً، إن حادثة إغتيال العالم الإيراني هي عمل جبان، سيقوي إيران ولن يضعفها، وسيقوي جهاز الإستخبارات لعلاج موطن الخلل الذي حدث، فالشهيد خرج أجيالاً من المهندسين والعقول الفذة، فهل تستطيع إسرائيل إغتيال كل الشعب الإيراني؟
*المدير التنفيذي في مركز سيتا.
المصدر: موقع حرمون.
مصدر الصورة: الإندبندنت.
موضوع ذا صلة: هل توجِّه إدارة ترامب ضربة إلى إيران؟*