أكد الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، أن الهجوم الإلكتروني الواسع، الذي نسب إلى روسيا وإستهدف وكالات حكومية في الولايات المتحدة ومسؤولين كباراً، لا يمكن أن يبقى “من دون رد”، مطالباً باتخاذ “قرارات مهمة” بحق المسؤولين عما حصل بهدف “محاسبتهم”، طبقاً للمعلومات.
إستغلال للوقت
مع إقتراب مغادرة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، البيت الأبيض يرغب في أن يتملص وإداراته من أية عواقب محتملة بخصوص التسريبات التي رافقته طيلة فترة رئاسته حيال دعم روسيا له في الإنتخابات الرئاسية، فالخطة الأمريكية للإدارة الحالية هي إستغلال الوقت، قبيل مغادرتها لتأكدها من إستمرار الدعاوى القضائية إن لم يكن بين الرئيس الجديد بايدن ضد ترامب شخصياً، ستكون بين الحزب الديمقراطي ضد الجمهوري.
يأتي ذلك في وقت تنسب فيه كل الأمور السلبية الحاصلة في الولايات المتحدة إلى أول ثلاث، الصين وروسيا وإيران. لكن الهجمات السيبرانية القوية، التي طالت على الأقل ستة مراكز حكومية أمريكية بحسب المصادر الأمريكية، لا يمكن أن تخرج إلا عن متمكنين ويتبعون حماية دولية عالية وقوية. فمسألة التهديدات الأمريكية وإتهام روسيا، ليست إلا “ذراً للرماد في العيون” من أجل التغطية على الترهل الكبير في جسد الإدارة الأمريكية أمنياً، وللتغطية أيضاً على الكثير غير ذلك، مثل إحتوائها لأزمة فيروس “كورونا” خاصة بعد تخطي الإصابات حاجز الـ 18 مليوناً.
كل ذلك، أضعف الولايات المتحدة وسبَّب لها الكساد وبعض الركود الإقتصادي، فيما تنامت قوة الصين الإقتصادية والتي إرتفعت بمعدل نسبته 2% خلال العام الجاري (2020)، رغم الظروف الوبائية المستجدة.
تصاعد الإقتصاد الصيني
إن ما تقوم به الولايات المتحدة ناجم عن قلق عميق من تطور الدول الأخرى، وفي مقدمتها الصين يليها الإتحاد الأوروبي الذي يعد المستورد الأكبر للغاز والنفط الروسيين إضافة إلى سوقه الصناعية وحجم المستوردات من الصين.
من هنا، تعمل واشنطن على إضعاف كل الخصوم بنفس الوقت، فهي ترى في روسيا عدواً لها من الناحية الإقتصادية لأسباب طاقوية بالتحديد، بحيث أنها تريد الإطباق على كل الأسواق العالمية، الصين ضمناً، بغية أخذ دور موسكو في هذا المجال ناهيك عن أخذ دور الصين فيما يخص قطاع الصناعة.
من هنا، يرى العديد من المراقبين بأن أمريكا، اليوم، تريد إيجاد ذريعة كي تحمّل غيرها المسؤولية بعد كل الأخطاء التي أوصلتها إلى “حافة الهاوية “، فهي التي إعتادت أن تأخذ لا أن تعطي إضافة إلى سياستها القائمة على التصرف بعقلية الدولة القوية الوحيدة على وجه الأرض؛ وبالتالي يبقى من الصعب أن تقبل فشلها مع صعود “التنين الصيني” على الرغم من أنهما يتشاركان ذات الظروف.
لكن الولايات المتحدة لا تملك إدارة القلب الواحد والدولة الواحدة، كما أن سياساتها ولَّدت الكثير من الأعداء الضمنيين. لذا، يمكن وضع مسألة الهجمات الإلكترونية ضمن خانة “الذريعة” كي تقوم من خلالها بفرض المزيد من العقوبات الإقتصادية على القوى التي حققت نمواً في الأعوام الأخيرة، ومنها روسيا، لتؤثر على عمليات تصدير الغاز والنفط إلى السوق الأوروبية فترتاح من خصم قوي، لتبتدع أمراً جديداً يتعلق بالصين للحد من نشاطها الصناعي المتنامي.
أخيراً، إن الخلافات الكبيرة، التي تعصف بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل البيت الأمريكي، بيّنت حجم الهوة الكبيرة التي تتوسع يومياً في الداخل الأمريكي. ففي الوقت الذي يريد فيه بايدن تحميل الرئيس ترامب كل الخلل الحاصل لعدم قدرته إغلاق كل الملفات التي سيرثها عن سلفه، على ما يبدو إن سياسة التنمية التي ينوي القيام بها لن تؤتي ثمارها بسبب عمق الوضع المترهل والفشل الكبير خاصة من الناحية الإقتصادية، فسلاح العقوبات سيؤثر على واشنطن أيضاً كما يؤثر على الدول التي تفرض عليها، ولو لم تكن النسبة ذاتها.
مصدر الصورة: يورو نيوز.
موضوع ذا صلة: بين الحربين السيبرانية والبيولوجية.. ما حصل في بريطانيا؟