جاءت زيارة وفد عسكري تركي كبير إلى العاصمة الليبية طرابلس الآن لتطرح الكثير من التساؤلات والتكهنات، حول رسائل وأهداف الخطوة وتوقيتها وعلاقتها بتصريحات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الأخيرة حول طرد القوات التركية من ليبيا.
ترأس الوفد وزير الدفاع، خلوصي أكار، كما يضم رئيس الأركان، يشار غولر، وقادة القوات في الجيش لإجراء عدة لقاءات مع قادة حكومة “الوفاق” العسكريين، لا سيما وزيري دفاع وداخلية ورئيس أركان وكذلك رئيس الحكومة ورئيس مجلس الدولة.
زيارة كيدية
تأتي زيارة الوزير أكار في وقت تتوقع بعض الأوساط فشل المفاوضات السياسية فيما يتعلق بالحوار الوطني الليبي، وتتزامن مع عيد الإستقلال الليبي الـ 69، ما يعطي إنطباعات كثيرة لعل أبرزها بقاء القوات التركية وتتمددها “رغم أنف” الرافضين لوجودها على الأراضي الليبية.
خلال مؤتمر صحافي أمام جنوده، توجه الوزير أكار للمشير حفتر بألفاظ بذيئة ناعتاً إياه بـ”المجرم”، في وقت يشكك فيه العديد من المراقبين بأن ممارسات بلاد الوزير نفسه لا تمت إلى السلام بصلة خصوصاً موضوع إرسالها للعناصر المرتزقة.
من هنا، يعتبر الكثير من المحللين بأن هذه الزيارة هي تعبير عن “وقاحة” الدور التركي الهادف إلى تعطيل الحلول السياسية، خصوصاً وأن قوات المنطقة الشرقية أعدت العدة للدفاع مجدداً عن ليبيا وطرد المحتل الأجنبي، ما يعني أن تطورات كثيرة ستشهدها الساحة الليبية في القادم من الأيام.
وبالتالي، يبدو بأن هذه الزيارة لن تظهر إلا تأكيد النوايا التركية حيال ما سيحدث لاحقاً، وهي المواجهة المباشرة ما بين الجيش الوطني الليبي والقوات التركية، أي مع الأصيل بشكلٍ مباشر.
رهانات المشير
خلال الذكرة الـ 69 للإستقلال، كان خطاب المشير حفتر عالي النبرة وفيه ثقة بالنفس في وجه التصريحات التركة المقابلة، حيث إعتبر أنقرة بأنها “عدو”، وسيعمل وقواته على “تطهير ليبيا من رجسه”، في وقت رجحت فيه العديد من الأوساط المتابعة بأن قوة حفتر الحالية تنبع من توقعات أساسها شكل السياسة الأمريكية الجديدة خصوصاً مع وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى سدة الحكم، وهو الذي أدلى بتصريحات كثيرة معبراً فيها عن سخطه من تركيا وتحديداً من الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث رد الأخير أيضاً بأنه سيمدد لقواته العاملة في ليبيا، ما يعني أنه لن تكون هناك إنسحابات تركية من ليبيا على المدى المنظور. لذا، قد تلتقي تصريحات حفتر مع سياسة بايدن الجديدة لجهة التشارك في العداء لتركيا.
فعلى الرغم من أن العلاقات الأمريكية – التركية، في فترة رئاسة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، كانت في أوجها لكن يُتوقع أن إصطدامها مع سياسة خلفه بايدن حتمية. من هذا المنطلق، إذا إستطاع المشير إستمالة الولايات المتحدة إلى حدٍّ ما، فإنه من الممكن إحداث تغييرات ما في شكل المشهد الليبي الحالي لا سيما بعد أن أثبتت قيادة المنطقة الشرقية أنها خصم يجب التفاوض معه، وأن ما من قرارات ستنفذ من دون موافقتهم، وهذا ما لوحِظ جلياً في “ملتقى تونس” الأخير، خصوصاً بعد أن أثبتت الوقائع عجز حكومة “الوفاق”.
من هنا، يمكن القول بأن تصريحات حفتر، التي سبقت زيارة وزير التركي، كانت عبارة عن رسالة شديدة اللهجة لا يمكن أن تخرج لولا أن هناك تنسيقاً معيناً في هذا الجانب.
قد تتلاقى وبعد عشر سنوات من عمر الأزمة الليبية أخيراً تطلعات المشير حفتر من خلال حلفائه وعلاقاتهم الجيدة مع واشنطن، من خلال إستثمار هذه العلاقات لكبح جماح أنقرة في ليبيا، فالتبدلات تبدو كثيرة والتحالفات تتوسع، يقابل ذلك، أن السياسة التركية التي إنتهجتها وخلال نفس المدة، لم تترك لها حليفاً وصديقاً، رغم تمددها، وخسارتها مؤكدة، لكن هذا سيتحقق في وقته وحينه.
مصدر الصور: موقع عين ليبيا – أرشيف سيتا.
موضوع ذا صلة: ليبيا.. تبادل الأدوار وكشف الأوراق