تعريب (بتصرف): مركز سيتا

في مقاله المنشور بجريدة “جابان تايمز” اليابانية، يرى الكاتب براد جلوسرمان وجود إنتعاش بعد نجاح جو بايدن في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن ذلك مرتبط بمدى قدرة الإدارة الجديدة على “تحويل الخطاب إلى نتائج”، وقدرتها على تحقيق تقدم في مكانة البلاد لا سيما على صعيد النفوذ الدولي.

من جهته، يقول الكاتب إن التطورات الأخيرة تصلح لأن تكون أرضية للتفاؤل، لكنها مجرد بداية ولا شيء يمنع من أن تنحرف الأمور عن مسارها. ولكن في جميع الأحوال، لا يجب التخلي ابداً عن واشنطن خصوصاً بعد أن قام الرئيس بايدن بتصحيح بعض الأخطاء التي اقترفها سلفه دونالد ترامب، مثل الخروج من “إتفاقية باريس للمناخ” وتعليق العضوية في منظمة الصحة العالمية، والتخلي عن الاتفاقية النووية الاستراتيجية مع روسيا، والعمل على إصلاح بعضها، إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني. هذا على جانب.

على الجانب الآخر، لم ينسَ الرئيس بايدن تطمين الحلفاء، لا سيما الأوروبيين، واصفاً الدفاع عنهم بأنه “تعهد لا يتزعزع”، مؤكداً للمواطنين الأوروبيين بأن الجهود “لتأمين السلام والدفاع عن قيمنا المشتركة وتعزيز سيكون ازدهارنا عبر المحيط الهادئ من بين أكثر الجهود التبعية التي نبذلها.”

أيضاً، يشير الكاتب إلى العمل الدؤوب الذي قام به فريق بايدن، قبل توليه لمنصبه حتى، لا سيما تجاه الحليف الباسيفيكي، أي اليابان، حيث أجرى إتصالاً مع رئيس الوزراء، يوشيهيديه سوغا، ومن ثم أعاد إلتزامه بالدفاع عن جزر سينكاكو/دياويو حيث تم التوصل إلى “صفقة سريعة” بشأن دعم طوكيو للقوات الأمريكية واتبع ذلك بإتفاق باتفاق مماثل مع كوريا الجنوبية.

في نفس السياق، أكد وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، للكونغرس أهمية هذين الحليفين، حيث جاء ذلك بعد جاء هذا التعليق بعد إصدار “التوجيه الاستراتيجي المؤقت”، وهي وثيقة أعدها فريق الرئيس للأمن القومي، التي تطمئن اليابان لناحية الصين (التي تعتبر المنافس الأول لواشنطن في جميع المجالات) بشكل “حازم”. كما أجرى أيضاً وزير الدفاع، لويد أوستن، مراجعة فعلية للقوات الأمريكية للتأكد من استعدادها لدعم أولويات السياسة الخارجية في المحيطين الهندي والهادئ.

وبعد الحديث عن “ناتو آسيوي” والذي يعتبره “مضحكاً”، يذكر جلوسرمان بأن هناك زيارة مرتقبة لوزيري الخارجية والدفاع إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية حيث سيجريان مشاورات استراتيجية ضمن محادثات 2+2، بالإضافة إلى إمكانية إستضافة الرئيس بايدن لسوغا في قمة أبريل/نيسان، إذا ما سمحت ظروف “كوفيد 19″، وبذلك يعتبر “أول زعيم أجنبي يلتقي بالرئيس الجديد شخصياً”.

فيما يخص الإجتماع بين قادة الدول الأربع، يرى الكاتب أنه كان منتجاً لا سيما لجهة شراكة اللقاحات والمناخ التقنيات الحرجة والناشئة.

وفيما يخص الوضع العالمي، تظهر أحدث التوقعات الاقتصادية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – OECD أن فاتورة النمو العالمي ضربت حيث وصلت النسبة إلى 5.6%، العام 2021، بزيادة قدرها 1.4% عن توقعات ديسمبر/كانون الأول 2020 (4.2%).

لكن هذه المؤشرات تعكس، على الرغم من سلبياتها وفي جزء كبير منها، مراجعة تصاعدية كبيرة لتقديرات النمو الأمريكية من 3.2%، ديسمبر/كانون الأول، إلى 6.5%، مارس/آذار. وإذا كان هذا الأمر صحيحاً، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ 45 عاماً التي ينمو فيها الاقتصاد الأمريكي بمعدل يساوي أو يزيد عن الصين. في هذا الإطار، عدل بنك “غولدمان ساكس” توقعاته للناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة صعوداً حيث توقع أن يصل النمو إلى نسبة 8%، العام 2021، للربع الرابع مقارنة بالربع نفسه من العام 2020، وإنخفاض معدل البطالة من 4%، نهاية العام 2021، إلى 3.2%، العام 2023. هذا على صعيد أول من صُعد الثقة.

على صعيد ثقة ثانٍ، يستند الكاتب في المؤشرات إلى حملة التلقيح الناجحة والكبيرة، 71 مليون شخص، التي ستسمح بإعادة فتح الاقتصاد الأمريكي من جديد.

على صعيد ثقة ثالث، يبرز حدث لقاء كل من بلينكن ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، مع وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، وسلفه يانغ جيتشي في أنكوراج – آلاسكا، بعد اجتماعات شمال شرق آسيا، حيث وصفت الصين الاجتماع بأنه “حوار استراتيجي”، وهو وصف رفضه بلينكن بشكل قاطع عند التحدث إلى الكونغرس؛ وبدلاً من ذلك، وصف بلينكن المحادثات بأنها فرصة لتحديد “المخاوف الرئيسية التي لدينا بشأن تصرفات بكين وسلوكها والذي يتحدى الأمن والازدهار وقيم الولايات المتحدة وشركائنا وحلفائنا.”

برأي الكاتب، إن إصرار بكين على الحوار مع الولايات المتحدة يشير إلى أن الصين تشعر بالقلق؛ فاعتبار الدردشة على أنها “حوار استراتيجي” يعتبر أحد المؤشرات على أنها قلقة، وهو ما يعني أن فريق الرئيس بايدن “يحرز تقدماً”.

في الختام، يقول الكاتب إن أيام الرئيس الجديد لا تزال في بدايتها لكن المؤشرات تبدو جيدة إلى حد الآن، آملاً بأن تظل الولايات المتحدة على “المسار الصحيح”، بحيث ستنضم اليابان إليها في التفكير الإبداعي وإعادة الترتيبات المؤسساتية المطلوبة للحفاظ على السلم والأمن والإزدهار في تلك المنطقة والعالم.

المصدر: Japan Times.

مصدر الصور: DW – روسيا اليوم.

موضوع ذا صلة: “الناتو الآسيوي”.. تحالف جديد لتقويض قدرات الصين

براد جلوسرمان

نائب مدير وأستاذ زائر في مركز استراتيجيات صنع القواعد في جامعة تاما طوكيو / مستشار أول (غير مقيم) في “منتدى المحيط الهادئ” – اليابان