إن استفادة أي شخص من التمتع بالأمن يعني عدم توقيفه أو احتجازه تحكمياً أو تعسفياً ما لم يكن مرتكباً لجناية أو جنحة تحتاج التوقيف، وفي حرية التنقل يجب أن يتمتع الإنسان بالأمن خلال عملية تحركه أو انتقاله.
إن حق الإنسان في تحركه وتنقلاته لا بد من أن يكون آمناً خلالها، ولكن هذا الأمن المطلوب لا بد أن يأخذ معه في الحسبان ضرورات الحياة الاجتماعية والردع والقصاص، إذ لا يضير بالأمن كل حرمان من الحرية إلا عندما يكون هذا الحرمان تعسفياً؛ وفي عجالة، إن عملية تطور حماية الإنسان من التعسف كان يلاحظ فيها نوع من الخوف من مسألة التعسف، الذي كان أحد الاهتمامات الكبرى للرأي العام منذ القرن الـ 18، لدرجة أن كلمة الأمن ذاتها كان تعريفها صعب جداً.
مثلاً في فرنسا، ربما كان نظامها متسامحاً “حيث بقيت الأوامر بالحبس أو النفي نافذة”، وهذا يتعارض مع القانون الانكليزي وبخاصة منه أصول الأمر بإحالة الموقوف للقضاء، حيث أن هذه الأصول تتيح لكل شخص يعتقد أنه أوقف بشكل غير قانوني أن يطلب من قاضٍ من القضاء الأعلى أن يأمر، تحت طائلة العقاب القاسي، من يتولى حراسة الموقوف تقديمه للقضاء، وأن يوضح أسباب توقيفه؛ عندئذٍ، يمكن للمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه على الفور.
واتباعاً للمثال الانكليزي، فإن واضعي مبادئ إعلان حقوق الإنسان الفرنسيين، كانوا قد وضعوا فيه، مبادئ الأمن، وهي:
أولاً، مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات بحيث “لا يجوز توقيف أي إنسان أو اتهامه أو حبسه إلا في الحالات المحددة بالقانون وحسب الأشكال التي ورد النص عليه كما المادة /7/”.
ثانياً، عدم رجعية القوانين الجزائية، في المادة /8/.
ثالثاً، مبدأ قرينة البراءة “كل شخص يفترض أنه بريء إلى أن يثبت أنه مذنب”، المادة /9/.
هذه المبادئ تفترض أن احتكار إيقاع القصاص يعود إلى السلطة القضائية، وهكذا يمكن ضمان الدعوى الجزائية، من جهة، وفقدان الحجز التعسفي، من جهة أخرى. كما أن أهداف ووسائل العدالة الجنائية كانت موضوعاً لمناقشات عملية وكتابات عديدة زمناً طويلاً، وكذلك الحال بالنسبة لوظائف بعض أنظمة العدالة.
وبالتالي، إن حماية حقوق الإنسان لم تنل فيما مضى الاهتمام الكافي من جانب إدارة العدالة الجنائية؛ وإذا كانت هذه الحماية قد حظيت باهتمام في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن شمول البحث للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان هو أسلوب جديد بعض الشيء، إذ أنه يكشف عن الاعتماد المتبادل الواضح لهاتين الفكرتين، وإمكان أن يثري كل منهما الآخر.
اخيراً، يقول بعض رجالات القانون “حقوق الإنسان هي أساس العقاب الجنائي وهي التي تقرر شرعيته، وأن العقاب الجنائي يشكل ضمانة أساسية لحقوق الإنسان تتمثل في فرض العقوبة على العدوان عليها، فالتحريم يدعم القيم الاجتماعية التي تحميها حقوق الإنسان.”
مصدر الصورة: جريدة الأخبار اللبنانية.
موضوع ذا صلة: تنوع مفاهيم حقوق الإنسان وتقسيماتها
مستشار قانوني – الكويت