إعداد: مركز سيتا
يشتهر قطاع غزة بزراعة وتصدير الحمضيات، حيث يشكّل هذا الموسم دخلاً اقتصادياً كبيراً وصل إلى حد وصفه بـ “العصر الذهبي” للحمضيات، خصوصاً بعد أن انخفضت كميات التصدير في الفترة الممتدة ما بين عامي 1994 و2006 بنسبة تزيد على 90%.
يأتي ذلك في وقت يعاني فيه قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق، سواء لجهة التصدير أو الاستيراد، ما ينعكس على عمّال هذا القطاع الحيوي بشكل سلبي وأحياناً مأساوي.
جودة عالية
تنتشر أشجار الحمضيات في غزة ضمن مناطق تسمى بـ “البيارات”، حيث تمتاز حمضيات القطاع بجودتها العالية، خصوصاً في منطقة خان يونس، بالإضافة إلى أن أشجارها تعطي كميات جيدة من الثمار إذا ما تم الاهتمام بها جيداً؛ وبين الفينة والأخرى، ينجح مزارعو غزة بتصدير كميات صغيرة من منتجاتهم الزراعية للخارج، فضلاً عن تسويقها بالضفة الغربية. فبسبب جودتها العالية، تصدر الحمضيات الفلسطينية إلى عدة أسواق في العالم، حيث تذهب إلى الأردن ومنها إلى الدول الخليجية والأوروبية.
يبدأ موسم جني الثمار في منتصف فصل الخريف، ويستمر حتّى نهاية الشتاء. أما أشهر أنواعها، فهي البرتقال، والكلمنتينا (اليوسفي في السعودية ومصر، والمندلينا في شمال إفريقيا)، والليمون، والبوملي، والجريب فروت. ويشير أحد الخبراء إلى أن المساحة المزروعة بالحمضيات كانت – في نهاية السبعينات وبداية الثمانينيات – تقدر بـ 67 ألف دونم، ووصل إنتاجها حدود الـ 200 الف طن سنوياً.
متنفس اقتصادي
يوفر موسم الحمضيات سنوياً فرص عمل مؤقتة لمئات العاطلين عن العمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة داخل غزة، في حين تصل مساحة الأراضي المزروعة إلى 20 ألف دونم (الدنم يعادل حوالي ألف متر مربع) مقارنة بـ 14 ألف دونم، العام 2019، بحيث أدت زيادة مساحة الأراضي المزروعة بالحمضيات إلى زيادة في الإنتاج، كما أن غالبية المساحات المزروعة تتركز في مناطق شمال قطاع غزة حيث عذوبة المياه والتربة الملائمة.
ما تجدر الاشارة إليه هنا أن القطاع الزراعي – عموماً – يمثل القاعدة الإنتاجية الأساسية للاقتصاد المحلي جنوب فلسطين، إذ يعمل فيه ما نسبته 10% من إجمالي القوة العاملة في غزة، كما أنه يساهم بنسبة جيدة في الناتج المحلي للقطاع. وبالنسبة إلى المحصول، فإنه يعتبر من المحاصيل الأساسية في فلسطين وقد أطلق عليه قديماً إسم “الذهب الأصفر”.
هذا المنتج، يجلب دخلاً سنوياً يساعد في التخفيف من معاناة السكان مادياً. وضمن إحصاء رسمي لوزراة الزراعة الفلسطينية، تبين أن مجموع الإنتاج وصل إلى 13751 طن العام 2018. وفي العام 2020، بلغت الكمية المنتجة حوالي 40 ألف طن.
المعوقات واعتداءات
يتأثر هذا القطاع بالعديد من العوائق والتحديات، ويتمثل أبرزها في الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي الزراعية ومنع التصدير، بالإضافة إلى قيام إسرائيل باتباع سلوك ممنهج يقضي بتدمير القطاع الزراعي من خلال تجريف الأراضي الواقعة قرب الحدود مع القطاع أو استهدافها بالقصف ورش المبيدات.
في استكمال لما سبق، قام الطيران الحربي باستهدتف عدد من المنشآت التي تعمل على تصنيع عصير البرتقال، حيث استهدفت أهم 5 منها. وبحسب بعض العاملين في أحدها، تضم المنشأة 100 عامل، ما يعني أن حوالي الـ 100 عائلة كانت تعتاش من هذا الدخل. وبعد تدميرها، اصبح العامليون فيها من دون مورد رزق لكونها أصبحت خارج الخدمة.
ومع فرض إسرائيل لحصارها على غزة، منعت بشكل كامل تصدير المنتجات بأنواعها المختلفة إلى خارج القطاع، لكنها تقوم أحياناً بالتخفيف من إجراءاتها بشكل بسيط وجزئي وعلى فترات متباعدة، ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى تحسين صورتها أمام العالم بأنها تساعد الغزاويين ولا تحاول الاطباق على مصادر معيشتهم وارزاقهم.
تلك السياسات، أدت إلى تقلّص مساحة الأراضي المزروعة بالحمضيات، فضلاً عن انخفاض كميات المحصول، ما تسبب في تحوّل غزة – في وقت من الأوقات وضمن بعض المواسم – من مصدّر إلى مستورد؛ وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن إسرائيل – منذ العام 2000 – باتت تتبع سياسة مُمنهجة لتدمير القطاع كونه يشكّل مصدر دخل لا بأس به للمزارعين.
أما على الصعيد المحلي، هناك أمر الخطير يجب لفت النظر إليه وهو تضاؤل القدرة على تعويض المساحات التي كانت تُزرع قبل عقدين من الزمن أو أكثر وذلك بسبب تقلّص مساحة الأراضي الزراعية واتجاه العاملين في هذا القطاع إلى زراعة المحاصيل الموسمية الأخرى سريعة الإنتاج، بحيث انخفضت المساحات المزروعة بالحمضيات بسبب حالة التذبذب في الإنتاج من عام إلى آخر، ناهيك عن وجود العديد من العوامل الطبيعية المؤثرة وأبرزها ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة وشح المياه وملوحتها.
أخيراً، رغم المعوقات والظروف التي تحيط بفلسطين من كل الاتجاهات، وبخاصة قطاع غزة، لكن تبقى الزراعة هي الرابط المباشر بين الفلسطيني وأرضه، ويبقى “الذهب الأصفر” ذا قيمة عالية بالرغم من المعاناة التي تصيب العاملين في هذا القطاع خصوصاً وأنهم عازمون ومصممون على زيادة الإنتاج وإستمرار العمل فيه.
على الجانب الحكومي، يبدو أن من الأهمية بمكان تقديم ما أمكن من دعم للابقاء على هذه الزراعة حيّة ومنتجة، وذلك من خلال استصلاح الأراضي واعادة تأهيلها وزراعتها، لما في ذلك من دور بارز في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل لسكان قطاع غزة المقفل من جميع الجهات.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: راديو الشباب – حركة فتح.
موضوع ذا صلة: الزيتون.. ذهب تونس الأخضر