مركز سيتا

اتفق قادة دول حلف شمال الأطلسي – الناتو، في القمة الأخيرة التي جمعتهم، على مشروع دفاعي جديد، وعلى أجندة للحلف بحلول 2030، وركز خطاب الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ على ضرورة مواجهة التحديات التي تفرضها الصين وروسيا.

وبعد 4 أعوام من العلاقات العاصفة عبر ضفتي الأطلسي خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، سيتعرف القادة الأوروبيون على رؤية الرئيس بايدن، الذي تعهد بتجديد تحالفات واشنطن التقليدية، من خلال العمل مع شركاء الولايات المتحدة لمعالجة القضايا العالمية الكبرى، مثل: تغير المناخ، وتنظيم التكنولوجيا، ومواجهة صعود الصين، وعدوانية روسيا.

مواجهة التنين الصيني

سعت قمة الناتو الأخيرة إلى طي صفحة التوترات خلال إدارة دونالد ترامب والتركيز بدلاً من ذلك على التهديدات الخارجية وعلى رأسها الصعود المطرد للصين كقوة عظمى جديدة، ودعا الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ زعماء دول الحلف، إلى وضع سياسة مشتركة أقوى لمواجهة الهيمنة المتزايدة للصين. وقال ستولتنبرغ: “إن الصين تملك ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم وأكبر بحرية وتستثمر بشكل هائل في المعدات العسكرية الحديثة”، وهذا “يؤثر على أمننا”. وأضاف “الصين لا تشاركنا قيمنا. نرى ذلك في طريقة قمعها للاحتجاجات الديموقراطية في هونغ كونغ واضطهادها أقليات مثل الأويغور” في غرب الصين، وكذلك في استخدامها التكنولوجيا الحديثة لمراقبة سكانها “بطريقة غير مسبوقة”.

وقال الأمين العام للحلف إن الصين توسع ترسانتها النووية بشكل سريع مع رؤوس نووية متطورة، وهي تقترب من الحلف في المجال السيبراني، وتتوسع في أفريقيا والمحيط المتجمد الشمالي، مشدداً على أن توسع نفوذ الصين يمثل تهديدا لأمن الحلف، وأضاف أن قادة الحلف اتفقوا على الحاجة إلى التصدي للتهديدات الصينية.

وخلص ستولتنبرغ إلى أن كل هذا “يجعل من المهم لدول حلف شمال الأطلسي تطوير سياسة تجاه هذه التحديات وأيضاً تعزيز سياستنا عندما يتعلق الأمر بالصين”. وأقرّ ستولتنبرغ في مقابلته بأنّ من المهم للدول الأخرى أن تتعامل مع الصين بشأن المشكلات المشتركة مثل التغير المناخي والحد من التسلح. لكنه ندّد باستمرار احتجاز بكين المواطنين الكنديين مايكل كوفريغ ومايكل سبافور بتهم تجسّس، واصفاً الأمر بأنه “غير مقبول على الإطلاق”. وتعتبر أوتاوا احتجاز الرجلين بأنه “تعسفي” وانتقام لاعتقال كندا مسؤولة تنفيذية في شركة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات بناء على طلب من الولايات المتحدة.

قمة عابرة

استضافت بروكسل قمة للناتو، هي الأولى لجو بايدن منذ تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة. ذكر المشاركون في المنتدى أن الحلف يدخل في زمن جديد. فبدلاً من عاصفة الإرهاب العالمي غير محددة المعالم، سيتعين على الحلف مواجهة روسيا والصين، استغرق اجتماع قادة دول حلف شمال الأطلسي ساعتين ونصف فقط، وهي فترة قصيرة بشكل غير عادي لمثل هذا الحدث. كانت القمة عابرة جداً، لأنها جرت بانتظار حدث أكثر أهمية من جميع النواحي، هو المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي جو بايدن في جنيف.

وكان من المفترض أن يناقش رؤساء دول الحلف مع الرئيس الأمريكي موضوعات محادثته مع الزعيم الروسي وأن يعبروا عن رغبتهم بخصوصها، وقد تضمن جدول الأعمال الرسمي للقمة الموافقة على تقرير استراتيجية التحالف حتى العام 2030. وهذا التقرير يشكل أساس التصور الاستراتيجي لدى الحلف، وهو نوع من العقيدة العسكرية للناتو، وتذكر فيه الأهداف والغايات. وعلى وجه الخصوص، يشار هناك إلى أن العلاقات مع روسيا والصين يجب أن تتغير جذرياً. فالناتو ينظر إلى كلا البلدين الآن بوصفهما قوتين يجب مواجهتهما. ففي البيان الختامي للقمة، وصفت الصين في البيان الختامي بأنها “تحد منهجي للنظام العالمي القائم”.

كما أن الأمريكيين، على الأقل في الوقت الحالي، يناسبهم أن لا يتوسع حلف الناتو. وكان الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا قد حذّر، قبيل القمة، من التراجع عن الوعود التي قُطعت سابقا لأوكرانيا وجورجيا بشأن انضمامهما إلى الحلف.

الملفات الساخنة

التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاثنين، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش قمة حلف الناتو، في أول لقاء لهما منذ تولي بايدن الرئاسة، وقال الرئيس الأمريكي إنه عقد “اجتماعاً جيداً للغاية” مع نظيره التركي، ورفض بايدن تقديم أي تفاصيل أخرى بشأن لقائهما، لكن المتوقع أنهما بحثا ملفات عديدة أبرزها سوريا وليبيا وأفغانستان خاصة بعد أن ساومت أنقرة واشنطن مؤخراً حول بقاء قواتها في أفغانستان لحماية مطار كابول مقابل إتمام صفقة “إس -400” الروسية.

وقال أردوغان: (نحن جاهزون، لا يمكننا القيام بإهمال طالبان في أفغانستان، جاهزون للتعامل معهم إذا ما حصلنا على دعم الولايات المتحدة وكذلك دول أخرى… من أجل إحلال السلام للشعب الأفغاني، لا توجد مشاكل أو عراقيل)، وأشار إلى أنه نقل وجهة النظر التركية بشأن شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية اس 400، التي سبق أن أثارت خلافا بين البلدين.

كما طرح أرودغان تعثر صفقة حصول تركيا على طائرات اف 3، موضحاً: “قمت بعرضها على رئيس الولايات المتحدة مرة أخرى”.

النتائج

1- لأول مرة في تاريخ الناتو، اتفق قادة الدول الأعضاء على ضرورة التطرق للتأثير الأمني للتغير المناخي، إذ سيقوم الحلف بإجراء تقييمات دورية لوقع التغيرات المناخية على العمليات العسكرية للناتو وعلى منشآته وبعثاته، مع دمج التغير المناخي في مناورات الحلف، ومشترياته، وعمله الدفاعي بصفة عامة.

واتفق قادة الحلف على أن يتحقق في العام 2050 الهدف المرسوم بشأن مواجهة التغير المناخي، وهو تصفير نسبة الانبعاثات الغازية المتسببة في الاحتباس الحراري، والتي ترتبط بأنشطة الحلف.

2- اللقاءات الجانبية لقادة الدول الأعضاء في الناتو كانت أهم من القمة نفسها، لأنها انطوت على إيصال رسائل مختلفة، ومنها لقاءات الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة دول أوروبا الشرقية، مثل رومانيا وبلغاريا ولتوانيا وإستونيا، وكلهم جيران لروسيا.

3- وجه الرئيس بايدن رسائل طمأنة لقادة الدول الأعضاء في الحلف، والتي تتجاور في حدودها مع روسيا، وذلك بالتعهد بتعزيز قدراتها الأمنية في مواجهة التحديات الروسية.

وقال بايدن: (أعتقد أن خلال السنتين الماضيتين، أصبح هناك إدراك متزايد أن لدينا تحديات جديدة. لدينا روسيا التي لا تتصرف بالطريقة التي كنا نأملها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصين)، كما أشار إلى الحاجة إلى تنسيق أكبر بين الدول الأعضاء في الحلف.

4- إقرار أجندة الحلف للعام 2030.

5- عقد اجتماعات مقبلة خلال الفترة القادمة لوزراء دفاع الحلف للاتفاق على كيفية تنفيذ الخطة الجديدة، سواء من ناحية ميزانية الإنفاق الدفاعي، أو الاستعداد للمخاطر المرتبطة بروسيا وإمكانية مهاجمتها لأحد أعضاء الحلف.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: CGTN + الحقيقة بوست.

موضوع ذا صلة: حلف الناتو في العام 2030.. والتكيف مع عالم جديد