هناك أشخاص إضافة إلى الدول والمنظمات الحكومية الدولية في منظومة القانون الدولي، الذين لا يمكن وصفهم بصفة دقيقة كأشخاص كاملي المعنى، مثل الدولة التي هي في طور البناء والتشكيل، كما الفاتيكان والمدن المضطربة.
وذلك يعني، القيادة الذاتية لهذا الشكل من المدن سياسياً، وعادة ما يمتلك هذا الشكل وضعه الشرعي، بموجب معاهدة دولية، تسمح له بموجبها الاشتراك بمختلف العلاقات الاقتصادية والثقافية، أما الاشتراك في العلاقات السياسية الدولية، فهي غالباً ما تكون محددة، إذ أن وجود مثل هذه المدن يُعتبر ظاهرة محددة، ومرد ذلك، الضرورة التي تفرضها حقيقة الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي.
من هنا، إن الوثيقة الحقوقية الأهم والأثمن لوجود مثل هذه المدن تُعتبر معاهدة دولية، تحدد الشخصية الدولية الخاصة بتلك المدن.
الفاتيكان
هي الدولة أو المدينة القائمة على خدمة المركز الدولي لرئاسة الكنيسة الكاثوليكية، ومن خلال التجربة الدولية المطلوبة، نجد أن الفاتيكان يمتلك خصائص الشخصية الشرعية الدولية، من خلال القوة العرفية التي يمتلكها، ومن المصادف في الواقع العملي للعلاقات الدولية أن هناك كثير من الدول التي تعتقد مع بعض المنظمات الدولية أن دولة الفاتيكان هي مركز دولي مقدس يمتلك الشخصية الدولية، ولا ينظرون على أنه مركز للكنيسة الكاثوليكية فقط.
بالتالي، إن الفاتيكان يشارك في الكثير من المعاهدات الدولية وبكثير من المؤتمرات الدولية، ويقيم علاقات دبلوماسية مع أكثر من تسعين دولة حول العالم، وما زال الرقم في ازدياد، كما أن الفاتيكان يمتلك علاقة مع منظمة الأمم المتحدة، كمراقب، ويُعتبر عضواً في العديد من المنظمات الدولية مثل منظمة الثقافة العالمية – اليونسكو، ومنظمة الأغذية والزراعة – الفاو، ومنظمة الطاقة الدولية، وفي بعض المنظمات الدولية الأخرى.
أما عن مشاركة الفاتيكان في المعاهدات الدولية، فعادةً ما تتم بأشكال مختلفة، وعلى سبيل المثال، فإننا نجد مشاركة الفاتيكان في المعاهدة الخاصة بحظر انتشار السلاح النووي، ونجد أنه خرج بتصريح رسمي ومن شخصية رسمية لديه قبيل التوقيع، يقول فيه: (إن هذه المحاولة يجب أن تكون مرتبطة بالرغبة الحقيقية بالامتناع معنوياً عن دعم انتشار هذا النوع من الأسلحة بشكل يعزز ويعكس المضمون الأساسي لهذه المعاهدة).
وبالنظر إلى العديد من المراجع العلمية، نجد العديد من الأسئلة المطروحة حول إمكانية وجود أشخاص آخرين في القانون الدولي، مثل الشعب أو القومية أو الشركات الدولية العملاقة، ولكن بقيت هذه الأسئلة دون إجابات دقيقة أو تطوير أو تحديد، على الصعيدين النظري والعملي، أما النظرية المطالبة والمعتقدة بضرورة وإمكانية منح الأفراد، الشخصية الشرعية الدولية، لاقت رواجاً وتأييداً واسعاً، ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاقتراح كان قد دفع ومهد الطريق أمام ظهور نظرية جديدة ضمن الدولة الواحدة، أي لتنظيم العلاقة بين الأفراد والدولية.
كما ان هناك من يقترح منح الوجه الحقوقي أيضاً سمة الشخصية الدولية وصفتها، وفي هذا السياق، إن المعهد الأمريكي للقانون يدعم النظرية القائمة على منح الشخص الحقوقي ضمن الدولة الشخصية الشرعية الدولية، مع التحفظ على الأفراد والشركات العملاقة التي تمتلك وضعاً مستقلاً في القانون الدولي.
مصدر الصورة: سبوتنيك.
موضوع ذا صلة: مفهوم الدولة في القانون الدولي
مستشار قانوني – الكويت