محمد نبيل الغريب البنداري*

أعلنت السلطة الفلسطينية عن رفضها بالجملة لـ “صفقة القرن”، بل وصفها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في خطابه في مجلس الأمن أنها “خطة صهيونية لا أمريكية” لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني. بالتالي، إن الرئيس الفلسطيني، بإعتباره الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، لم يُبدِ تجاوباً مع هذه الخطة كمثل بعض الحكومات العربية التي حثت الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للنظر في مطالب هذه الخطة على الرغم من أنها تقضي على الحقوق الفلسطينية المتمثلة في حق العودة والمقدسات والمستوطنات والمياه، ويكفي أن في بنود الصفقة بند ينص على يهودية القدس.

هناك خط سياسي يسير عليه الرئيس الفلسطيني، ليس فقط منذ إعلان “صفقة القرن” من قبل الولايات المتحدة، ولكن من قبل ذلك ويتمثل هذا في:

1.العودة إلى مخرجات إتفاق “أوسلو” وتطبيقها على الأرض وعدم الخلط بين المدن المقسمة على حسب الإتفاقية وهي منطقة أ – ب – ج في الضفة الغربية، وهي مناطق وظيفية لكل من الإحتلال والسلطة الفلسطينية.

2.التأكيد على أن السلطة الفلسطينية مستعدة لأي حوار وحلول سياسية مع الجانب الإسرائيلي وذلك من خلال كلمة الرئيس عباس في مجلس الأمن حيث قال “الشعب الفلسطيني مستعد لوضع حلول سلام مع إسرائيل ولكن دون المساس بالقدس ومقدساتها فهي لنا والقدس الغربية لهم وسيكون هناك تعاون دائم بين العاصمتين.”

3.التعويل على المنظمات الدولية المختصة لكسب شرعية دولية تجاه إسرائيل ولكن أعرب الرئيس الفلسطيني أمس أن ذلك لا فائدة له وأكد على أنه داخل أكبر مؤسسة دولية، الأمم المتحدة، ولا تستطيع ردع إسرائيل.

بالتالي، فإن السلطة الفلسطينية قد جاءت بموقف مغاير لبعض الأنظمة العربية والتي أبدت تباين من تلك الصفقة.

مضمون الخطاب

1.القدس والمقدسات: أشار الرئيس عباس إلى الإعتداءات الإسرائيلية على المقدسات ليست فقط المقدسات الإسلامية ولكنه أشار أيضاً إلى الإعتداء على المقدسات المسيحية، وهذه إشارة واضحة للدول ذات الطابع الديني للعب دور أكبر في حل القضية الفلسطينية.

2.حق تقرير المصير: طالب الرئيس الفلسطيني بحق تقرير المصير مؤكداً على ذلك في خلال معرض حديثه عن إتفاق “أوسلو” حيث أقر الكيان، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، بأن هناك إعترافاً رسمياً متبادلاً على أن إسرائيل معترفة بقيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967، وأن منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن هناك إعترافاً من قبل السلطة الفلسطينية على قيام دولة إسرائيل.

3.الوضع الفلسطيني والمساعدات الأمريكية: توجه الرئيس عباس بالحديث عن خطوات واشنطن في تقليص المساعدات للسلطة الفلسطينية، وتقليص المساعدات لوكالة “الأونروا” وسمي هذا بـ “الحصار”، كما أكد على أن هذه الخطوات ليست خطوات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في إشارة واضحة إلى وقوف الليكود الصهيوني في الولايات المتحدة وراء كل هذه الأحداث.

ولقد أنهى الرئيس الفلسطيني خطابه بدعوة الرباعية الدولية، الإتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة، إلى لعب دور أكبر في عملية التسوية مؤكداً على أن الشعب الفلسطيني لن يسمح مرة أخرى بالتفاوض مع الولايات المتحدة منفردة، بل طالب بمظلة دولية تشرف على تلك المفاوضات وتنفيذها على الأرض.

ملاحظة على الخطاب

في خطاب الرئيس عباس أمام مجلس الأمن، نلاحظ أن لا جديد في هذا الخطاب؛ فكل هذه المبادئ التي تحدث عنها، كان قد باح بها الرئيس الفلسطيني مراراً وتكراراً في مناسبات عدة قبل الإعلان عن الصفقة وبعدها. بالتالي من وجهة نظري، يحتاج الرئيس الفلسطيني إلى تغيير اللهجة العاطفية في خطاباته إلى لهجة شديدة أمام المجتمع الدولي قائمة على التعنيف وتفعيل دور المقاومة المسلحة أمام إسرائيل.

*باحث سياسي مصري.

مصدر الصورة: فرانس 24.

موضوع ذو صلة“صفقة القرن” والعودة إلى ما قبل التقسيم