إن الأسباب الرئيسية لحالة عدم الاستقرار التي نشهدها اليوم في الاقتصاد الدولي الحديث، مردها الاساسي هو التقصير الحاصل في عملية بناء منظومة عصرية للاقتصاد الدولي، وإن كان تحقيق ذلك في الوقت الحالي من المستحيل، في مثل هذه المرحلة الحرجة من الواقع المعقد والصعب للعلاقات الاقتصادية الدولية.

إن بناء مثل هذه المنظومة الاقتصادية الدولية يكل خطاً دفاعياً هاماً وضماناً قوياً يقف في وجه الأزمات الاقتصادية الدولية، التي من الممكن أن تحصل في أي وقت وزمان ومكان، لتعصف بالإنسان والمجتمع والدولة دون استثناء، كالأزمة الاقتصادية في أمريكا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، والأزمة الاقتصادية الدولية في يومنا هذا جراء جائحة “كورونا” وهي أزمة عالمية أضرت باقتصادات كبرى الدول، فكيف بالدول النامية والفقيرة؟

بالتالي، مثل هذه الأجواء الاقتصادية المعقدة والصعبة في أيامنا هذه، تحتم على جميع أفراد الأسرة الدولية العمل على تفعيل دور القانون الدولي العام والقوانين الوطنية في عملية بناء منظومة اقتصادية عالمية متطورة وحديثة لتكون نواة للانطلاق والبدء في تصحيح وبناء سليم لمجمل العلاقات الاقتصادية الدولية الحديثة.

ويشكل القانون الاقتصادي الدولي فرعاً مهماً من فروع القانون الدولي العام، فهو عبارة عن منظومة متكاملة من القواعد الدولية التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الاقتصادية الدولية بمختلف أشكالها وألوانها ولجميع أشخاصها، وعليه، تكون الوظيفة الأساسية للقانون الاقتصادي الدولي كامنة في قيامه وبشكل دقيق وفعال في تنظيم العلاقات الاقتصادية الدولية على مختلف أشكالها للتعاون في مجال التجارة الخارجية وفي مجال الصناعة، التكنولوجيا، ومختلف المجالات العلمية والاقتصاد الزراعي وغير ذلك.

كما أن العلاقات الاقتصادية اليوم غدت أكثر غنىً وتوسعاً وأصبحت تضم أشخاصاً مهمين إلى جانب الحكومات، مثل منظومات دولية حكومية وخاصة، الشركات الدولية العملاقة، الأفراد، هذا التطور والتوسع يؤكد على أهمية الترابط القائم والانسجام بين منظومة القانون الدولي العام والخاص، كما أن تعميق وتطوير وتحديث مثل هذا الانسجام المتبادل من شأنه أن يعزز الثقة المتبادلة ويسهم مساهمة فعالة في عملية استقرار وازدهار الحياة الاقتصادية الدولية.

وبالنظر إلى النظام الأساسي للأمم المتحدة فإننا نجد أن أهم وظائفه تقوم على معالجة الوضع الاقتصادي الدولي وإعادة النظر في حل جميع الخلافات والمشاكل التي يمكن أن تحدث في العلاقات الاقتصادية الدولية الحديثة، كمنظمة التجارة الدولية التي تلعب دوراً مهماً وفعالاً في عملية بناء وتنظيم هذه العلاقات، كذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للتطوير الصناعي، الصندوق الدولي للتطوير الزراعي، صندوق النقد الدولي، وأيضاً البنك الدولي للإعمار والبناء.

مصدر الصورة: راديو صوت العرب.

موضوع ذا صلة: الإرادة الحرة للاتفاق بين الدول

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت