رغم ان الأردن لم يُصنف على أنه من محور أصدقاء سورية لأسباب عديدة، إلا أن المصالح الملحة والضرر الكبير الذي لحق بالعاصمة عمّان اقتصادياً بالدرجة الأولى كان له أثر كبير في دفع البلاط الملكي هناك لتحريك المياه العربية الراكدة منذ ما قبل عيد الأضحى المبارك فيما يخص الملف السوري.

ولم تكن تصريحات الملك الأردني عبد الله الثاني الأخيرة للوفد الإعلامي المرافق له خلال زيارته لواشنطن، سوى نتيجة لما أجراه خلال فترة سابقة من اتصالات بالأوساط العربية تمهيداً لزيارة الولايات المتحدة ، والتي كان فيها ثقل كبير للملف السوري بحسب بعض التسريبات.

كلام الملك الأردني حول سعي بلاده حل الأزمة السورية بالتعاون مع العرب وإعادة دمشق لما أسماه بالحضن العربي، كان تتمة لمساعي إماراتية ومصرية وعراقية، حيث يدخل الأردن الآن بقوة إلى التشكيلة العربية الأساسية الساعية لإعادة سورية إلى الجامعة بعد أن كان على دكة الاحتياط السياسية، ويلتزم الصمت أو الحياد في كثير من المواقف مراعاةً لجميع الأطراف ومعها ايضاً مراعاةً لمصالحه.

في هذا السياق يقول مصدر مطلع من العاصمة الأردنية عمّان: لقد اعتاد الأردن على البضائع السورية من الخضراوات والفاكهة بل وعلى الكهرباء والمياه أيضاً، كل ذلك تأثر بسبب الحرب السورية، وما تخللها من بعض التوترات بين الجانبين الأردني والسوري، والذي تُرجم بإغلاق معابر حدودية وفرض ضرائب.

ويتابع المصدر بالقول: هناك تقارير رفعتها الأجهزة الاستخبارية والبحثية للملك عبد الله، تحذر فيها من تزايد السخط الشعبي بسبب تردي الأوضاع المعيشية وما سببته العلاقات الباردة مع سورية إزاء ذلك، حيث بات حديث جزء كبير من الشارع الأردني يحمل الحكومة الأردنية كيفية التعاطي السلبي مع دمشق، ويطالبون بضرورة تحسين العلاقات معها لأن ذلك سيُترجم في تحسن ملحوظ على معيشتهم لجهة أسعار السلع ، حيث تتميز البضائع السورية بجودتها ورخص أسعارها وفق رأيهم، وهذا أحد الأسباب التي دفعت بالملك للتحرك واحتواء أي استياء، إذ تبين أنه لا يمكن الاستمرار بذات التعاطي مع سورية .

فيما قالت أوساط محسوبة على البلاط الملكي بأن الملك تعرض خلال السنوات السابقة لضغوط هائلة من أجل اتخاذ موقف أكثر سلبيةً وعلنية من دمشق، لكنه لم يوافق وحاول جاهداً أن يكون على مسافة واحدة من الجميع بمن فيهم سورية وفق قولهم.

بينما يرى آخرون بأن زيارة وزير الخارجية الصيني إلى دمشق وتوقيع اتفاقية استثمارية حيوية جديدة بين دمشق وبكين، ثم حديث الرئيس الأسد خلال خطاب القسم عن التوجه إلى الاستثمار في حقول توليد الطاقة البديلة كل ذلك أثار اهتمام الجانب الأردني، وأعطى إشارات إلى أن تحسين العلاقات مع سورية يمكن أن يساعد الأردن في مجال الطاقة والمياه بل و إنعاش الأسواق الأردنية أيضاً.

كذلك فقد ربط معنيون بالملف السوري والشرق أوسطي مبادرة الملك الأردني بفكرة الحلف الشامي، الذي يضم كلاً من الأردن والعراق ولبنان ، وبطبيعة الحال سورية ستكون المحور، ودونها لا يمكن لهذا التكتل الاقتصادي أن يتحقق، ولعل زيارة الملك عبد الله إلى واشنطن وسعيه ضمن البيت العربي إلى استقطاب دمشق يصب في هذا الهدف أيضاً.

مصدرة الصورة: إذاعة مونت كارلو الدولية.

موضوع ذا صلة: مبادرة الشرق الجديد.. مشروع إقتصادي بأهداف سياسية

علي مخلوف

محلل سياسي وصحفي – سوريا.