ثالثاً: التحفيز الانتخابي

أما النوع الآخر من العلاقات الأكثر انسجاماً بين نوع السلطة ونوع المشاركة (النوع الخامس)، فهو يتعلق بالمسألة التحفيزية النفعية، وهي التي تتحقق عملياً من خلال الإجراءات التي تتخذها بعض البلدان بشأن تمويل الأحزاب من الخزانة العامة للدولة من أجل ضمان التعددية السياسية ومنع احتكار أحزاب طليعية للمشهد السياسي. ورغم أن هذه المسائل تتم من خلال إجراءات قانونية، إلا أن فلسفة هذه الإجراءات ونتائجها العملية لا تزال محل شك من قبل الكثيرين الذين يرون أن الحكومات – التي تأتي أحزابها على رأس هرم السلطة – قد لا تكون مؤهلة لأن تكون الحكَم الذي يقرر تحفيز النشاط السياسي من خلال العوائد المالية المباشرة أو غير المباشرة. وسواء كان هذا الدعم بشكل متساوٍ لكل الأحزاب، أو وفقاً لحجمها السياسي في الدولة من حيث مستوى تمثيلها في المجالس النيابية، تظل المشكلة تتمثل في أن المحصلة النهائية لعملية التمويل هي أن الأحزاب الغنية أصلاً تزداد قدرة على ممارسة أنشطتها السياسية بينما لا تستطيع الأحزاب الأفقر مادياً أن تستفيد كثيراً من هذا الدعم لمجاراة أو مضاهاة الأحزاب الأغنى المنافسة لها.

وعلى مستوى الناخبين أنفسهم تظل الفوارق الاقتصادية مشكلة المشاكل في تحقيق مبدأ المواطنة أولاً خاصة حينما تتحول الأمة الواحدة إلى أمتين: أمة الأغنياء وأمة الفقراء، وفي تحقيق مبدأ المشاركة ثانياً عندما يكون السعي من أجل لقمة العيش الهم الأول والأخير لملايين الفقراء الذين تكون المشاركة السياسية في ذيل اهتماماتهم بحكم الضرورة لا بحكم الإختيار، من هنا يمكن لنا أن نتفهم النداء الذي وجهته ماينا كياي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة، حول الحقوق والحريات المرتبطة بالتجمّع السلمي وتكوين الجمعيات والذي يقضي بضرورة التوقف عن نعت الدول بأنها “ديمقراطية” لمجرد إلتزامها بعقد انتخابات دورية وهو ما يتطلب العمل على تقييم الديمقراطيات بناءً على المدى الذي تعمل فيه على خدمة الفئات الأضعف والأفقر في المجتمع.(1)

وبالنظر إلى التكاليف المرتفعة للحملات الإنتخابية والرئاسية خاصة وعْد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في أول مؤتمر صحفي له تاريخ 13 ديسمبر/كانون الأول 2019، بأن تتولى الدولة مستقبلاً تمويل حملات الترشح للشباب من أجل ضمان مشاركتهم الانتخابية كمترشحين وليس فقط كناخبين، وقد أتى ذلك في إطار أدنى نسبة للمشاركة الإنتخابية سجلت في تاريخ الانتخابات في الجزائر والتي بلغت 39%، أي بواقع 10 ملايين ناخب من أصل أكثر من 24 مليون مسجلين في القوائم الإنتخابية. لكن وعداً مثل ذلك الذي أطلقه الرئيس الجزائري يحتاج إلى أطر قانونية لتنفيذه، وهو ما يعني خوض صولات وجولات بين مختلف الأحزاب والتيارات السياسية.

بيد أن الواقعية السياسية تشير إلى صعوبة قيام الحكومات بتمويل الحملات الانتخابية لمترشحين يسعون إلى إخراجها من السلطة والحلول بديلاً عنها؛ لذا، يكون لزاماً التفكير في أُطر جديدة لضمان تعددية المنابر السياسية من جهة، وضمان توسيع قاعدة الناخبين والمترشحين من جهة أخرى؛ إذ ليس هناك ما يضمن أن تتولى الحكومات أو رجال الأعمال تمويل حملات انتخابية بعيداً عن المصلحة السياسية لأي منها؛ فالسياسة كما عبر عنها هارولد لاسويل تتمحور حول تساؤلات رئيسية تتمثل في “من؟ يحصل على ماذا؟ متى؟ وكيف؟”، وهو ما يعني ضرورة التفكير في بدائل أفضل للعلاقات السياسية النفعية، ولربما يكون ضمن إطار الحل إيجاد وقفيات سياسية مستقلة تؤسّس وفقاً للقوانين الوطنية تتولى استلام ما تخصصه لها الحكومات إضافة إلى تبرعات رجال الأعمال والمواطنين العاديين من أجل تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين الأقل دخلاً وفقاً لبرنامج منح أو قروض.

رابعاً: المسؤولية الإنتخابية

جدل الحرية والمسؤولية جدل قديم جديد، ولكن ما يميز هذا النوع من الجدل ارتباطه بالجانب الأخلاقي بالمعنى العام للأخلاق، أي القيم والأسس والمبادئ والتقاليد وأنماط الثقافة والممارسة التي ترتبط بأحكام ورؤى قيمية، كما أن السلطة المرتبطة بهذه الأمور هي في أغلبها سلطة أدبية لا علاقة ضرورية لها بالقمع أو التحفيز المادي. وفي إطار الدراسات التي أجراها عالم الإجتماع الأمريكي، إيريك فروم، كانت هناك محاولات علمية جريئة من أجل معرفة الأسباب التي تكمن وراء التخلي عن المسؤولية والخوف من الحرية لدى بعض الجماعات البشرية في بعض الأزمان، وكان تفسيره لذلك منصباً على أن الطبيعة البشرية لا يمكن النظر إليها باعتبارها كياناً جامداً، بل من خلال التناقضات الدراماتيكية في الوجود الإنساني ثقافياً ونفسياَ وبيولوجياَ.(2)

ذلك يعني أن الحرية والمسئولية فيما يتعلق بالانتخابات أو بغيرها من المجالات ورغم الأبعاد الأخلاقية لهما يمكن أن تكونا محكومتين بشروط وظروف ومعطيات قد تؤثر عليهما سلباً أو إيجاباً، زيادة أو نقصاناً. لكنه في كل الأحوال، تعتبر المسؤولية هي أساس الحرية، والإنسان حر لأنه مسؤول، أي أن الإنسان لم يخلق حراً ثم أصبح يبحث أو يُبحث له عن المسئولية، بل العكس هو الصحيح، أي أن الإنسان مسؤول، ولذا أعطي الحرية لكي يستطيع أن يتحمل هذه المسؤولية، ولكي يصبح مبدأ المحاسبة ممكناً. الإنتخابات مسؤولية لأنها تمثل إحدى دعائم تأكيد الإرادة السياسية للمواطنين، ولذا لا بد أن تكون هذه الإنتخابات حرّة لكي تجسد حرية الإرادة السياسية.

وعلى غرار جدل الحرية والمسؤولية يكون جدل المواطنة والمشاركة؛ ذلك أن أفضل أنواع التفاعل بين الإثنين يتمثل في تحقيق مواطنة المشاركة أو المواطنة القائمة على المشاركة التي تجسد مسؤولية الأفراد خلال عمليات اتخاذ القرار، وليس المواطنة بمعناها المحايد القائم على قواعد ونصوص دستورية أو قانونية جامدة. وعلى الرغم من أن المشاركة الحرّة والمسؤولة هي أداة لتكوين السلطة الديمقراطية، فإن الانتخابات في حد ذاتها ليست سلطة، بل قاعدة إجرائية لتكوين السلطة، وفي رأي شومبيتر فإن الناخبين عادة لا يملكون حتى سلطة التحكم في القادة الذين انتخبوهم والسبيل الوحيد هو إستبدالهم إنتخابياً بقادة آخرين، ويترتب على ذلك أن المشاركة تتطلب فقط توفر عدد كافٍ من الناخبين لضمان استمرار عجلة الآلة الإنتخابية في الدوران.(3)

وفي مقابل ذلك، إن المشاركة في هذه القاعدة الإجرائية – أي الانتخابات – هي مبدأ ومسؤولية تجاه الوطن والمواطنين الآخرين، كما أن أغلب الحقوق الإنسانية تمثل في حقيقتها شروطاً للمشاركة الفاعلة في بناء المواطنة. الحديث هنا إذاً هو عن المواطنين ومشاركتهم الفاعلة والمسؤولة، بيد أن هؤلاء المواطنين ينضوون ضمن هياكل ومؤسّسات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ومعرفية تؤطر مشاركتهم؛ الأمر الذي يعني إشكالية تأثير الوسائط البيروقراطية على مسألتي المواطنة والمشاركة؛ فالبيروقراطية – كما لاحظ الكثيرون – يمكن لها أن تسود ولكن لا يمكن لها أن تقود. هذه الوسائط البيروقراطية يمكن إدارتها ولكن لا يمكن حكمها رغم تأثيرها البالغ على السلطة ومسألة اتخاذ القرار وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، ذات مرة بقوله أن أمريكا يحكمها الجمهوريون والديمقراطيون والبيروقراطيون.

أما أبرز الحقوق الجماعية في اتخاذ القرار، فهو حق تقرير المصير الذي قد تشكل الانتخابات أداة فاعلة لتجسيده سياسياً، ولتأكيد القدرة على التصحيح الذاتي للقرارات الجماعية، ولتحقيق التثقيف الذاتي حول السياسة وشؤونها وشجونها، وهنا تتداخل مسألة المواطنة مع مسألة تقرير المصير من حيث أن التمتع بحق المواطنة شرط أوّلي لممارسة حق تقرير المصير، الذي هو فعل يستطيع ممارسته كل مواطن شرط امتلاكه القدرة على ممارسته.

ولكي يتجسد الطابع الديمقراطي لمثل هذه الممارسات للحقوق والحريات، فإن جهدا كبيراً لا بد له أن يبذل لترسيخ الثقافة السياسية القائمة على مبدأ المواطنة المبادرة عبر مختلف الأشخاص والتنظيمات كي لا تتحول الانتخابات والاستفتاءات إلى مجرد ردود أفعال حول ما تطرحه السلطات الوطنية على المواطنين الكرام من قضايا وشؤون تكون استجابات الجمهور المطلوبة إزاءها مربوطة بخيارات وبدائل محدودة معدودة، بل قد تتقلص إلى حفنة من المترشحين أو تختزل في كلمتي نعم أو لا.

ولعل أبرز ما تتسم به عدد من الساحات السياسية – التي تشهد حركات احتجاجية شعبية عارمة – يتمثل في عدم القبول بالخيارات التي تطرحها السلطات القائمة، واللجوء بدلاً من ذلك إلى خيار رفض هذه الخيارات الجاهزة المعلبة وطرح خيار “ليس أياً من الخيارات السابقة” بالطريقة التي تعكسها هتافات المتظاهرين الذين يريدون إزاحة جميع رموز السلطة السابقة من أجل خلق مناخات سياسية أكثر ارتباطاً بالناس وبطموحاتهم وتطلعاتهم.

خامساً: الحالة الليبية

لم ترتبط المواطنة بالمشاركة السياسية بشكل كامل في الحالة الليبية عند تحقيق استقلال البلاد في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951؛ إذ نص أول قانون انتخابي صدر في البلاد، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1951، في مادته الأولى على أنه يعتبر ليبيّاً كل شخص يقيم في ليبيا وليس لديه جنسية أخرى، ولا يكون من رعايا بلد آخر إذا ما استوفى شرط أن يكون هو أو أحد والديه قد ولد في ليبيا، وأنه أقام في ليبيا مدة لا تقل عن 10 سنوات. ولكن المادة الثالثة في نفس القانون تشترط لممارسة الحق الانتخابي أن يكون الناخب ليبيّاً ذكراً قد أكمل واحداً وعشرين عاماً ميلادياً.(4)

وبهذا، تكون المرأة الليبية قد تم شمولها بالمواطنة ولكن تم استبعادها من المشاركة الانتخابية. ولم يكن هذا الموقف القانوني إزاء المشاركة السياسية للمرأة حكراً على ليبيا، إذ شهد تاريخ بلدان أخرى إجراءات مماثلة حيث نص دستور العام 1791 في فرنسا مثلاً على استثناء النساء من حق الانتخاب، ومن حق ترشيح ممثلين للمرأة في المنتديات الثورية وفي كومونة باريس(5)؛ بيد أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسات دولية مقارنة عن مسألة التطور التاريخي لعلاقة النوع البشري بالحقوق السياسية عموماً وحق الانتخاب بشكل خاص.

وفي كل الأحوال، فإن الممارسة الانتخابية الليبية معدودة محدودة بشكل لا يتيح المجال لتحقيق راسخ لثقافة المشاركة؛ فمنذ استقلال البلاد العام 1951 لم يتم اجراء سوى خمسة انتخابات برلمانية خلال العهد الملكي في تواريخ: 19/2/1952، و7/1/1956، و17/1/1960، و10/10/1964، و8/5/1965، ثم انتخابات المؤتمر الوطني العام بتاريخ 7/7/2021، وانتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بتاريخ 2/2/2014، وانتخابات مجلس النواب بتاريخ 25/6/2014. وبالرغم من أن المعيار الأبرز في عملية الإنتخاب لا يتمثل فقط في عدد مرات إجرائها بل أيضاً في مدى أهمية القرارات التي تتخذ من خلالها، فإن مسألة مدى المشاركة تمثل عنصراً هاماً من عناصر الفعل الديمقراطي.

فإذا تجاوزنا الانتخابات البرلمانية الخمسة التي أجريت خلال العهد الملكي باعتبار أن المشاركة فيها انتخاباً وترشحاً كان حكراً على الذكور؛ فإن الانتخابات الثلاثة التي جرت خلال عامي 2012 و2014 شهدت انحساراً في نسبة المشاركة التي وصلت إلى حوالي 62% خلال انتخابات المؤتمر الوطني العام العام 2012 ثم تراجعت إلى حوالي 45% في انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور العام 2014 وازدادت تراجعاً إلى حوالي 42% في انتخابات مجلس النواب في شهر يوليو/تموز من نفس العام (2014).

لم تكن مرحلة التحوّل الديمقراطي عبر الانتخابات في ليبيا سهلة ولا مريحة؛ إذ شهدت الانتخابات البرلمانية التي عقدت العام 1952 مشاحنات حول نتائجها، حيث حصل داعمو الملك على عدد 37 مقعداً من أصل 55، بينما لم يحصل حزب المؤتمر الوطني، بزعامة بشير السعداوي، إلا على 8 مقاعد؛ الأمر الذي أدّى إلى وقوع اضطرابات بسبب ما ذكره حزب المؤتمر الوطني عن وجود تلاعب في النتائج الانتخابية مما قاد إلى إعلان الملك ادريس السنوسي إلغاء الأحزاب السياسية، وأرغم بشير السعداوي على الخروج إلى المنفى بمصر، في 22 فبراير/شباط 1952، أي بعد 3 أيام فقط من تاريخ عقد هذه الإنتخابات.(6)

ولربما كان شاعر الوطن أحمد رفيق المهدوي قد استشعر مبكراً مصدر الصعوبات التي قد تواجه العمليات الإنتخابية الليبية عندما رشحته الجمعية الوطنية (جمعية عمر المختار) لعضوية مجلس نواب برقة حيث نشرت على ورقة الدعاية الانتخابية لحملتها صورة شخصية له مرفقة مع بيتين له من الشعر(7):

حكم ضميرك (أنت حر) وانتخب                                     خير الرجال لمجلس النواب
لا يمنعنك من أداة شهادة                                           حب القبيلة أو هوى الأحزاب

ففي الوقت الذي تغيب فيه الثقافة السياسية الواعية، تصبح احتمالات استخدام القبيلة التي هي كيان اجتماعي سياسياً، والسعي إلى تقديم المصالح الحزبية الضيقة على مصلحة الوطن عائقاً أمام القرار الانتخابي الوطني الحر، لأن إدلاء المواطن بصوته – كما يراه الشاعر- يمثل شهادة مثل الشهادات التي تقدم لدى المحاكم، والتي يجب وفقاً لقواعد الشرع والأخلاق أن تتسم بأعلى درجات المصداقية والنزاهة.

بيد أن منطق الحل في مثل هذه المسائل لا يمكن له أن يتمثل بطبيعة الحال في تجاوز القبائل أو إلغاء التنظيمات السياسية؛ بل في الحرص على تأصيل ثقافة الحوار ونبذ الأصولية والإقصاء، لأن التواصل والحوار يرتبطان دائماً بمبدأ التعددية والسعي الحثيث نحو توفير أقصى قدر ممكن من المعلومات والمعارف من أجل تكوين آراء مستنيرة ناضجة يمكن من خلالها الوصول إلى القرارات الصائبة لمصلحة الوطن والمواطن.

ولقد أشارت دراسة أجرتها المؤسّسة الدولية للنظم الانتخابية في ليبيا عام 2018 إلى موافقة 54% من الليبيين الذين شملتهم عينة الدراسة على مبدأ أن الانتخابات تعطي المواطن العادي الفرصة للتأثير في عمليات اتخاذ القرار في ليبيا، كما أشارت نفس الدراسة إلى أن 84% منهم يرون أن الانتخابات مسألة مهمة يجب أن يشارك بها كل ليبي(8)، وهو ما يعني أنه رغم الإحباطات التي عاناها الليبيون من قبل الأجسام السياسية التي أنتجتها هذه الانتخابات، فإنهم لا يزالون يثقون بأنفسهم وبقدرتهم على تغيير مجرى الأمور في البلاد عبر الأساليب الديمقراطية. كل ذلك يقود إلى ضرورة ترسيخ ثقافة الديمقراطية من خلال الممارسة، والسعي إلى التصويب المستمر لأية أخطاء قد تحدث خلالها؛ إذ لا يمكن أن تتوقف عجلة البناء الديمقراطي بسبب أخطاء ترتكب، ولا يمكن تأجيل هذا البناء إلى حين توفر الشروط المثالية لتشييده.

أما الإعلام، فبإمكانه أن يسهم في تسريع إنجاز هذا البناء اذا ما التزم الاعلاميون فيه بأن تكون المنابر الإعلامية الليبية منابر مشتركة لكل الليبيين. فالإعلام يحتاج إلى أن يصبح وسيلة الأفراد لتحقيق ذواتهم، وأداة لتطوير المعرفة واكتشاف الحقيقة، والوسيط القادر على تحقيق مشاركة الناس في اتخاذ القرار، وإيجاد مجتمع مستقر قادر على تجاوز الفساد الانتخابي، وفضح كل ما تريد السلطة الحاكمة إبقاءه بعيداً عن مسامع الناس وأنظارهم، أي باختصار كل مظاهر سوء استخدام السلطة، ومظاهر تهديد المؤسسات الديمقراطية. الإعلاميون في خضم المنافسات السياسية ليسوا مرشحين لأي موقع سياسي، وليسوا أداة بيد أي تيار سياسي أو جسر عبور لأي من تلك التيارات من أجل الوصول إلى السلطة، وليسوا طرفاً سياسياً على مسرح السياسة، لأن الإعلامي المهني بهذا المعنى ليس المؤلف المسرحي، ولا مخرج المسرحية، بل هو الشخص المؤتمن من قبل الناس على تجهيز قاعة المسرح لكي يستخدمها كل من يرغب في عرض أي من أعماله خدمة للوطن والمواطنين.

المراجع:

(1) أنظر:
Cited in: Anika EleniHeinmaa. No Democracy Without Accountability: Celebration of the International Day of Democracy 2019, www.idea.int.
(2) أنظر:
Cited in: Pavel Gurevich. Humanism: Traditions and Paradoxes, Novosti Press Agency Publishing House, Moscow 1989, p. 92.
(3) أنظر:
Cited in: Carole Pateman. Participation and Democratic Theory. Cambridge University Press, 1970, p.5.
(4) أنظر:
Adrian Pelt. Libyan Independence and the United Nations: A Caseof Planned Decolonization, Annex III: The Electoral Law For the Election of the Libyan Federal House of Representatives; Center for Libyan Studies, Libya Institute for Advanced Studies, Kalam Research and Media 2016, p. 922.
(5)أنظر:
Joan B. Landes, “The Performance of Citizenship: Democracy, Gender, and Difference in the French Revolution”, in S. Benhabib. Democracy and Difference: Contesting the Boundaries of the Political. Princeton 1996, p.301.
(6) أنظر:
University of Central Arkansas. Political Science Series, No. 25 (Libya). www.uca.edu.
(7) سالم الكبتي. ليبيا. مسيرة الاستقلال. وثائق محلية ودولية، الجزء الأول: خطوات أولى، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت 2012، ص 174.
(8) أنظر:
IFES. Survey on Voters’ Intent: Libya: A Nationwide Survey Exploring Public Opinion of the Political Situation in Libya and Voter Intentions to Participate in Future Elections (2018), www.ifes.org<files.

مصدر الصور: إرم نيوز – رايو سوا.

موضوع ذا صلة: ليبيا تبدأ مرحلة جديدة.. هل يكتب لها النجاح؟

أ.د علي المنتصر فرفر

جامعة طرابلس – ليبيا