نادراً ما تم تقديم مقدمة كافية عن تاريخ الليبرالية الفكري، لأن الليبرالية المعيارية وضعت جانباً لفترة طويلة في العلاقات الدولية، إذ غالباً ما يتم تجاهل دراسة مجموعة القيم والأخلاق، حيث يعود السبب في ذلك جزئياً لأن الواقعية رفضت الأخلاق على أساس أن لا علاقة لها بالدراسة الصحيحة للعلاقات الدولية.

تصف الليبرالية أشكال التراث الفكرية الغنية والمتنوعة جداً التي تعزو القيمة الحقيقية للنزعة الدولية في الفكر السياسي الدولي، وتلعب الأخلاق بالنسبة للمفكرين الأساسيين في هذا التراث دوراً أساسياً في التفكير السياسي، ذلك أنه في نهاية المطاف، الأفراد وليس الدول، هم الأهم في العلاقات الدولية.

وللنظريات التي تقع ضمن هذا التراث الواسع أسباب مختلفة جداً لنزعتها الدولية، كما أن نتائج مختلفة جداً تنتج عن مواقفها، حيث ينادي بعض الليبراليين بالتطور التقدمي للقانون الدولي، في حين ينادي بعضهم الآخر بإعادة ترتيب مسؤوليات العالم السياسية وفق خطوط ديمقراطية وعالمية، أما فريق ثالث فيدفع باحترام أكبر باتجاه حقوق الإنسان، والعدالة الاقتصادية العالمية، وما يزال هناك فريق آخر ينادي بـ “السوق الحرة”؛ لذلك، إن رفض كل الحجج الليبرالية بوصفها طوباوية يعني رفض نطاق معقد من الحجج التي تظهر في تاريخ الأفكار المتعلقة بالفكر الدولي والسياسي.

كما أنه يمكن للحجج الكلاسيكية التي تشكل الأساس للعديد من المواقف ضمن هذا التراث أن تكون مختلفة جداً، والشاهد على ذلك، أن العديد من المقدمات عن الليبرالية يضم نظرية القانون الطبيعي كما عند جون لوك، الذي يرى أن “قانون الطبيعة – القانون الأخلاقي – موجود قبل السياسة لأنه هبة الله”، وحقيقة أن الله جعلنا متساوين تعني أن بإمكاننا معرفة المبادئ الأساسية للسياسة، مثل الحقوق الطبيعية في أن نكون احراراً من أية سلطة لم تُستشر في اختيارها أو تكون لنا ملكية خاصة بنا.

هذا القانون مطلق ويتفوق على الضرورة السياسية؛ فالقوانين الأخلاقية، تظل فاعلة حتى عندما لا يكون هناك من يطبقها، هذه الليبرالية استخدمت للدفاع عن حقوق الإنسان، وكذلك التوزيع العالمي للثروة من القلة الأغنياء إلى الفقراء جداً على أساس أنه لا حق ببساطة للأغنياء في الاستحواذ على الثروة.

مصدر الصورة: The Nation.

موضوع ذا صلة: الواقعية الجديدة في مواجهة الليبرالية

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت