مركز سيتا

وسط مخاوف غربية واسعة وفي مقدمتها تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، من استمرار نهج إيران في تطوير برنامجها النووي، يبدو بأن الأجواء الأخيرة القادمة من فيينا تبعث على التفاؤل خصوصاً مع العديد من التصريحات الإيجابية لمسؤوليين إيرانيين، وهذه اشارة جيدة بأن تصدر الإيجابية من جانب طهران ما يعني أن مطالبها باتت على الطاولة التفاوض – على أقل تقدير – وأن الأمور تسير بالإتجاه الصحيح.

بين الترحيب والبدائل

بالنسبة للولايات المتحدة، يبدو من تصريحات المسؤوليين فيها – خصوصاً وزارة الخارجية – بأن الأمور تسير بين الترحيب والتفاؤل والدعوة إلى اتمام الصفقة، وبين التفتيش عن بدائل في حال انهيار المفاوضات.

الإتجاه الأول عبّر عنه المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، حيث قال إن بلاده “مهتمة بشكل أكبر في كيفية عودة إيران للمفاوضات مقارنة مع موعد عودتها”، مضيفاً أن طهران لا تزال رافضة للانخراط في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة وأن الوقت “يضيق” أمام المفاوضات النووية معها، موضحاً بأن واشنطن لا تزال تؤمن بأن “الدبلوماسية هي الخيار الأفضل والأكثر قابلية للاستمرار، لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي”، مشيراً إلى أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع إيران، حيث أن العودة المتبادلة للامتثال للاتفاق النووي خيار قابل للتحقيق.

أما الإتجاه الثاني فقد سبق وان عبّر عنه وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، حيث قال إن بلاده تُحضّر بشكل “نشط” مع حلفائها “بدائل” للاتفاق النووي الايراني في حال فشلت مفاوضات فيينا الرامية إلى انقاذه، مضيفاً” قريباً يفوت الأوان، ولم تنخرط ايران بعد في مفاوضات حقيقية”، مضيفاً “ما لم يحصل تقدم سريع.. فإن الاتفاق النووي الإيراني سيصبح نصاً فارغاً”.

تبدد المخاوف

تبددت المخاوف الغربية مع الوصول إلى توافقات واضحة في هذا الشأن، حيث أعلن وزير الخارجية الايراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن التوصل الى اتفاق جيد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال ملتقى سفراء ورؤساء ممثليات الجمهورية الإسلامية الايرانية في الدول الجارة المنعقد في طهران منذ عدة أيام، حيث أشار عبد اللهيان إلى كيفية التعامل بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن هذه المنظمة “استخدمت الأداة الفنية في بعض المراحل للتأثير السياسي على مفاوضات فيينا”، موضحاً أن الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية “يمكنه تبديد بعض الهواجس المزعومة حول البرنامج النووي السلمي الإيراني وان يتبعه استمرار المزيد من التعاون المتبادل مع الوكالة”.

إن الوصول إلى هذه النقطة من التفاهم يعتبر مؤشراً واضحاً على أن مفاوضات فيينا الجارية الآن، سيكتب لها النجاح في القريب العاجل، فرغم محاولات تل أبيب تعطيلها – والتي اصطدمت مؤخراً بخلاف مع واشنطن التي رفضت النهج الإسرائيلي الرامي إلى التعطيل وعدم تأييدها بالتهديد بعمل عسكري ضد إيران – يبدو أن الجميع متفق على إنجاح هذه المفاوضات، هذا من جهة.

من جهةٍ أخرى، بدد التوافق أيضاً مخاوف كل من بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا قد أعربتا عن مخاوفهما من مماطلة إيران في هذا الخصوص، واعتبرتا أن هذه المفاوضات هي “فرصة طهران الأخيرة”، وليس هناك أي تمديد جديد للوقت، في محاولة منهما للضغط على إيران من أجل تقديم تنازلات تُفضي إلى الإسراع بإتمام الاتفاق كما يريده الجميع.

بارقة أمل

أكد وزير الخارجية الايراني أن “أطراف التفاوض الأخرى في فيينا قبلت أن تكون نصوص مقترحات إيران الجديدة على الطاولة أيضاً”، وهذا يسقط كل الذرائع التي كان يتجج بها الغرب الأوروبي، سواء في قمة ليفربول للدول السبع الكبار أم في أروقة مجلس الأمن؛ بالتالي، إن الأمور تسير وفق المسار المخطط لها، وهذا كان متوقعاً في ضوء كون إنجاح المفاوضات مطلباً للجميع.

من جانبه، أعلن المتحدث باسم الخارجية الايرانية، سعيد خطيب زادة، عن “إحراز تقدم في المحادثات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك”، وتابعاً “إن المحادثات بين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، ورئيس منظمة الطاقة الذرية الايراني محمد اسلامي، أدت إلى تضييق الفجوات في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بالتالي، من المتوقع التوصل إلى تفاهمات قريباً.”

أخيراً، يبدو بأن كل الضغط الغربي على إيران كان منصباً في اتجاه واحد، وهو الإسراع بإيجاد تفاهمات تغلق هذا الملف، خاصة وأن طهران لم يكن لها سوى شرط واحد وهو رفع العقوبات الغربية عنها، وهذا يبدو أنه قاب قوسين أو أدنى من التحقيق، لا بل قد يكون هو السبب الرئيس في الوصول إلى هذا الإعلان المهم، إلى جانب ضمانات أخرى تتعلق ربما بـ “الانسحاب من سوريا، والضغط على الحوثيين في اليمن لإنهاء الحرب”، ومصالحات خليجية قريبة، لتكون مدة ولاية الرئيس الأمريكي، جو بايدن، المتبقية هي فترة “الاستثمار الإيراني الناجح”، لكن – وحتى هذه اللحظة – من غير المعروف إذا ما كانت إسرائيل ستعمل على تعطيل المفاوضات بتنفيذ تهديدها العسكري الذي قد يعطل كل هذه النجاحات المرحلية ويعيدها إلى المربع الأول.

مصدر الصور: العرب – البيان.

موضوع ذا صلة: موقف إيران حازم وواضح.. فماذا تفعلون في فيينا؟