على الرغم من أن مصطلح التكنوقراط استُخدم في العديد من المناسبات، إلا أن الفضل يعود بإحياء هذا المصطلح إلى المهندس الأمريكي هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في “المجتمع الفاضل”؛ بالتالي، التكنوقراطية هي مصطلح سياسي نشأ مع اتساع الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي، وهو يعني “حكم التكنولوجيا” أو حكم العلماء والتقنيين.
وقد تزايدت قوة التكنوقراطيين نظراً لازدياد أهمية العلم ودخوله جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية منها، كما أن لهم السلطة في قرار تخصيص صرف الموارد والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي في الدول التكنوقراطية، وقد بدأت حركة التكنوقراطيين العام 1932 في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت تتكون من المهندسين والعلماء والتي نشأت نتيجة طبيعة التقدم التكنولوجي.
ويُعتبر أصل كلمة التكنوقراطية يوناني المنشأ، فهو مصطلح مكون من كلمتين، وهما تكنو وتعني “الفن” وقراطوس وتعني “الحكم”؛ وبالتالي، يكون معنى الكلمة “الحُكم الفني”، أي الذي يرتبط بمجموعة من الأشخاص المتخصصين في مجال ما – مثل الاقتصاديين والأطباء والأدباء وغيرهم – عن طريق تأسيس حكومات يكون وزرائها من المختصين؛ فتسمى حكومة تكنوقراطية أو حكومة الكفاءات.
من هنا، يمكن القول بأن التكنوقراطية هي مذهب سياسي يمنح أهل العلم والاختصاص “التكنوقراطيين” نفوذاً سائداً على حساب الحياة السياسية نفسها.
وبناءً على ما سبق، فإن الحكومة التكنوقراطية هي شكل من أشكال الحكومات حيث يتم اختيار صانعي القرار لسُدَّة الحكم استناداً إلى خبرتهم التقنية وخلفيتهم. وبذلك، تكون الحكومة التكنوقراطية مختلفة عن الحكومة الديمقراطية التقليدية في اختيار الأفراد المنتخبين لدور قيادي من خلال عملية تؤكد على مهاراتهم ذات الصلة وأداءهم المثبت، في مقابل ما إذا كانوا يملكون مصالح الأغلبية للسكان أم لا. وتستند القرارات التي يتخذها التكنوقراطيون إلى معلومات مستمدة من المنهجية العلمية بدلاً من الرأي العام، ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، ما حدث مؤخراً من تعيينات في الحكومة اللبنانية على أساس التكنوقراطية للبعض.
ولعل مفهوم حكومة التكنوقراط يعد من أهم المفاهيم المستحدثة بُغية خلق حكومة مختصة تنهض بالدولة من أزمات ضاقت بها، فكان استخدام مفهوم التكنوقراط للإشارة إلى تبني وتطبيق المنهج العلمي في حل المشاكل الاجتماعية المتعلقة برفاهية المواطنين، من خلال اختيار الأفراد الذين يمتازون بالمهارات التقنية والقيادية التخصصية والأداء الحسن؛ لدراسة الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية والزراعية والصناعية، بالإضافة إلى دراسة مجمل الظواهر المختلفة الناشئة في المجتمعات، بغية إستخلاص قوانين تستخدم في الحكم.
مصدر الصورة: Constitutional Technocracy.
موضوع ذا صلة: النيوليبرالية.. هيمنة اقتصادية على حياة الشعوب
مستشار قانوني – الكويت