زيارة ستكون “فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة جمعاء”. بتلك العبارة، لخّص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، النتائج المتوقعة من زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
رسائل مهمة
اختار الرئيس الأسد زيارة الإمارات كأول محطة عربية منذ بدء الحرب على سوريا، والتي ستعكس أهمية كبيرة على المدى القريب، لعل أبرزها أن أبو ظبي ستكون محطة تدشين العلاقات العربية – العربية، خاصة مع المملكة العربية السعودية ومن ثم قطر، في ضوء السياسة الإماراتية الأخيرة التي انتهجتها لتصويب مسار السياسة الخارجية بعد أعوام من القطيعة إن كان مع سوريا أو تركيا وكذلك الأمر مع إيران؛ فثقل الإمارات ووزنها السياسي والاقتصادي يبدو أنه قد بات محل ثقة للقادة حول العالم، وما اختيار الرئيس الأسد لهذا البلد إلا باكورة سيليها زيارات كثيرة من الجانب السوري والعربي.
إقرأ أيضاً: الزيارة الإماراتية إلى دمشق.. مستقبل واعد أم خطير؟!
ضمن السياق ذاته، نادت الإمارات بوحدة الأراضي السورية وشددت على أهمية خروج القوات الأجنبية من البلاد – وهو موقف يتطابق مع دمشق – إلى جانب دعمها للحل السياسي للأزمة السورية، كما بات هناك إدراك سوري واضح من أن حجم ومكانة وثقل دولة الإمارات – التي تترأس حالياً مجلس الأمن الدولي لشهر مارس/ آذار 2022 – في المجتمعين الدولي والعربي قد يكون صوت دمشق الذي يرفض الغرب الاستماع إليه، خاصة أن هناك إدراك سوري بأن أبواب أبو ظبي المشرّعة قد بداية لفتح الكثير من أبواب الدول العربية من أجل دعم التضامن العربي وحل الأزمة السورية، إذ أن سياسة دولة الإمارات دائما ما تكون ملهمة للعديد من الدول العربية التي تثق فيها.
توقيت دقيق
منذ فترة، قام وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، بزيارة إلى روسيا، وذلك بعد يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي كان يأمل في أن يحصل على إدانة إماراتية ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وزيادة في إنتاج النفط لتعويض النقص في الإمدادات الروسية، لكنه عاد خالي الوفاض، ففي هذا تأكيد جديد على أن حكومة أبو ظبي باتت تعمل على بناء سياسات خارجية خاصة بها، والتي تتطلب منها التوزان في تحالفاتها، ومنها روسيا والآن سوريا، وهذا أمر بمثابة رسالة إماراتية أيضاً للغرب، بأنها مستقلة القرار ولا تخضع للإملاءات الخارجية.
أيضاً، تزامنت زيارة الرئيس السوري مع اقتراب ذكرى اندلاع الثورة السورية، فضلاً عن أنها جاءت كذلك قبل بضعة شهور من موعد القمة العربية، وهو ما قد يهيئ الأجواء لحضور سوريا رسمياً فعاليات القمة. زد على ذلك، ففي أكثر من محفل دولي، أكدت الإمارات أن الحل السياسي هو المدخل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية، وشددت على أهمية إيجاد دور عربي فاعل في جهود الحل السياسي ومساعدة سوريا في العودة إلى محيطها العربي.
احتفاء حار
توجت زيارة الرئيس السوري باستقبال حار من قبل المسؤولين الإماراتيين، فقد حرص الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، خلال المباحثات مع الرئيس الأسد على نقل رسائل إنسانية وسياسية تؤكد دعم بلادهما للشعب السوي والدفع قدماً بحل أزمته.
في هذا المجال، أعرب الشيخ محمد بن راشد عن خالص أمنياته لسوريا الشقيقة وشعبها الكريم، متمنياً أن يعم الأمن والسلام كافة أرجائها، وأن يسودها وعموم المنطقة مقومات الاستقرار والازدهار بما يعود على الجميع بالخير والنماء.
إقرأ أيضاً: دبلوماسية “أبناء زايد”.. هل تنجح الإمارات بضبط إيقاع المنطقة؟
أخيراً، لا شك بأن هذه الزيارة مهمة جداً لكلا البلدين، فيجب التنبه إلى أن سلة الدول “المطبعة” مع دمشق ستكون مليئة في مرحلة إعادة الإعمار، وأن قطاف هذا الأمر مرتبط بتغيير موقف الولايات المتحدة للبدء فيه، لكن التعامل العربي – وحتى بعض دول الغرب مع سوريا اليوم – يؤكد أن الجميع بات بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب وطي صفحتها نهائياً لا سيما في ظل الفوضى الدولية، وخاصة مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي ككل، فقد أثبتت سوريا أنها “رقم صعب” رغم كل ما عانت منه.
انطلاقاً من ذلك، تدرك دمشق أن حل أزمتها بشكل منفرد لن يتم، فهي بحاجة شركاء موثوقين لمساعدتها في تخطي هذه الظروف، وعلى ما يبدو لها فإن الإمارات ستكون شريكاً موثوقاً لدمشق، ما قد يفتح أبواباً أوسع لعودة العلاقات مع من الدول، لعل قطر من ضمنها.
مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية.