مركز سيتا

دخلت الحرب الروسيبة – الأوكرانية يومها الـ 84، وخلال هذه الأيام تكشفت كل الدوافع الغربية، وتباينت مواقفهم من هذه الأزمة، بين من قطعَ العلاقات مع روسيا، وبين من انتهج الحياد، وبين من قرر الإبقاء على تحالفاته مع روسيا.

لا يمكن عزل الاقتصاد الروسي

رغم العقوبات غير المسبوقة على الاتحاد الروسي، والذي من شأنه أن يقوض اقتصاد كبرى الدول، إلا أن موسكو، التي تأثرت حكماً، لكن هذا التأثير جاء مترافقاً مع تدابير احترازية، ليس آخرها التعامل في المعاملات التجارية بالروبل، خاصة على مستوى الطاقة، لنجد تراجع في المواقف الغربية، وخاصة الأوروبية، وقبولها التعامل بالروبل الروسي، كان آخرهم، شركة “إيني” الإيطالية، التي تعد أكبر شركة إيطالية في مجال الطاقة، والتي تلقت بالمقابل مؤخراً تحذيراً من المفوضية الأوروبية، على اعتبار أن قرار روما، هو انتهاك للعقوبات.

وفي سياق هذه الإجراءات غير المسبوقة، تبين أنه لا يمكن عزل روسيا على المستوى العالمي، خاصة وأنها تحظى بتحالف قوي مع الصين والهند، أكبر دولتين تجاريتين عالمياً، وهذا من جهة، من جهة أخرى، عزل روسيا يعني عزل للعالم، وفق ما وصفه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه “انتحار اقتصادي”، لأن هذا الأمر سيرفع أسعار الصناعات خاصة في أوروبا، وسيرفع الضرائب وقد يتسبب ذلك بأزمة اقتصادية كبيرة، التي بدأت مع الأيام الأولى للحرب الروسية في أوكرانيا.

تصلب غربي

بما يتعلق بمنطقة البلطيق، ليس خافياً على أحد محاولات المنطقة إلى خلق حالة عزلة بين تلد الدول ومحيطها الروسي، إلا أن مولدوفا على سبيل المثال، أعلنت مؤخراً، استمرار نهجها المحايد عملاً بدستور البلاد، رغم يقينها بأن هناك أطراف تسعى لجرها إلى الدخول في الحرب، لكنها أكدت مجدداً أن مسألة الحياد هي قرار شعبي قبل أن يكون سيادياً، على عكس جورجيا التي تريد الانضمام إلى الناتو، مستغلة الظروف الراهنة، على غرار السويد وفنلندا.

لكن الموقف الأخطر مما سبق، هو محاولة الضغط على صربيا، في ظل ثباتها على موقفها من الحرب الروسية – الأوكرانية، وعدم فرض عقوبات على روسيا، رغم إدانتها للعملية، إذ يبدو موقفها نابعاً من تجربتها المريرة في فترة التسعينيات خلال حربها وما فعلته قوات حلف شمال الأطلسي – الناتو بشعبها، خاصة وأن الناتو قدّم دعوة مفتوحة لها للانضمام إلى الناتو، كذلك الأمر بما يتعلق بعضويتها في الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لم يلقَ اهتماماً منها، بل على العكس عززت من تحالفاتها مع المعسكر الشرقي، وبخاصة الصين، من خلال اتفاقيات عسكرية، أقلقت الغرب تحت ذريعة عسكرة المنطقة وتطور الأمور لاحقاً.

إلا أن المستجدات الأخيرة حول الموقف الغربي للتأثير على بلغراد جاء في سياق تلقي الحكومة ما يقارب 90 رسالة تهديد إلكترونية، تتضمن معلومات عن مواقع مدراس ومنشآت أخرى سيتم تنفيذ أعمال إرهابية فيها، الأمر الذي اعتبرته صربيا ضغطاً أوروبياً لتغيير موقفها من مسألة العقوبات، وللتصويت على سحب عضوية روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

بالتالي، التأثيرات العدائية من الغرب ضد روسيا، لا شك بأنها ألقت بظلالها على الاقتصاد الروسي، ولكن بنفس الوقت، هناك ردود روسية تأتي في سياق الرد بالمثل على كل نهج غربي ضدها، لتكون العملية عبارة عن محاولات عزل روسيا عن محيطها، وتدمير اقتصادها، وبالتالي تدميرها، يقابل ذلك، إلحاق ضرر كبير بهيكلية المنطقة غربياً خاصة صناعياً، لأن حسابات الغرب وإن بنيت على الاستقلال عن الوارادت الروسية من الطاقة، لكن هذه الأمور تحتاج إلى مليارات الدولارت فضلاً عن الوقت الطويل لتحقيقها، وحتى يحين ذلك، قد تسقط حكومات ويٌقال رؤساء، إن لم يحدث انتفاضات شعبية جراء مواقف حكوماتهم المتصلبة.

مصدر الصورة: تويتر.

موضوع ذا صلة: “أغبياء” أوروبا يحاربون روسيا بالنيابة عن الولايات المتحدة