من خلال تسارع الأحداث، نجد أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي – الناتو قد أعاد تعزيز طرح الفكر الواقعي من جديد، والذي لم ولن يزول وهو القائم على مفهومي المصلحة والقوة كمحددان للعلاقات الدولية، وذلك بالنظر إلى الأسباب والدوافع التي أتى في ظلها هذا الحدث.

فبالنظر إلى السياق الذي جاء فيه هذا الطلب، يمكن القول بأنه أتى في ظرف دولي خاص والمتمثل بالحرب الروسية – الاوكرانية وهذا سياخذنا إلى افتراض أساسي في النظرية الواقعية وهو أن الدول عندما تشعر بأن أمنها مهدد تسعى لزيادة قوتها إما عن طريق التحالف أو التوسع، فالحلف باتخاذه هذه الخطوة وانتهاجه لسياسة “الباب المفتوح” يأتي في إطار رغبته بتعزيز الأمن العسكري وتحقيق الحماية ضد روسيا؛ وبالتالي، الحفاظ على البقاء من أجل مجابهة التهديد الروسي للأمن الأوروبي وتعزيز الموقف العسكري ومحاصرة موسكو واضعافها.

وهناك سؤال آخر مطروح وهو: ما الذي دفع كلاً من فينلندا والسويد للانضمام إلى الخلف في ظل العلاقة الإيجابية – كما وصفها بعض الخبراء والمختصين في الشؤون الاستراتيجية – بينهما وبين روسيا؟

إقرأ أيضاً: تمدد الناتو.. مشروع حرب على روسيا أم خطوة الضرورة؟

سأنطلق من قول لجون ميرشايمر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو وأحد المنتمين إلى المدرسة الواقعية، وهو التالي: “كان من الصعب جداً أن نعرف ماذا كان يدور برأس نيكيتا خروتشوف أو (ميخائيل) غورباتشوف في ذلك الوقت بالتحديد، وفي حقيقة الأمر لم تكن تعلم أصلاً من كان صاحب القرار، إذ كيف يمكن أن تتوقع سلوك الاتحاد السوفيتي.”

من خلال قوله، يمكن الوصول إلى استنتاج هو أن نوايا الدول غير قابلة للاثبات ويمكن أن تتغير في أية لحظة؛ وحتى وإن كان في بعض الأحيان التنبؤ بنوايا بعض الدول، لكن لا يمكن أن نتوقع نواياها في المستقبل وهذا ما يسمى بـ “المأساة المروعة”.

لذلك، يمكن القول إن كلاً من فنلند والسويد اتخدتا هذه الخطوة تهيأً لأي ظرف طارئ وللحفاظ على القوة؛ وبالتالي، ضمان بقائها.

مصدر الصورة: رويترز.

بختة نعمة

طالبة في العلاقات الدولية / جامعة مستغانم – الجزائر.