كان اللاجئ في الخمسينات هو الفلسطينيين في المنطقة العربية. ثم أصبح طوائف من العرب لاجئين من العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، بل ومصر. وسبب اللجوء الفلسطيني هو إرهاب إسرائيل؛ ولذلك، انتشر اللاجئون الفلسطينيون في الدول المجاورة، ثم في جميع دول العالم. وكانت منظمة التحرير واثقة من حق العودة، ولذلك طلبت من الدول العربية ألا توافق على توطين الفلسطينيين لديهم أو منحهم جنسياتهم.

كما أعلنت المنظمة عدة مرات أن مهمتها هي التركيز على القضية الفلسطينية، ولا يجوز توريط الفلسطينيين في نزاعات داخلية، كما لا يجوز للدول العربية توجيه المواقف الفلسطينية لمجرد تقديم معنوية للمنظمة. وبالطبع، فإن هذا الخط لم يفلح في تركيز الدول العربية على القضية، لتبدأ الأخيرة بنغمة مفادها أنهم يقبلون ما تقبله القيادة الفلسطينية؛ وحيث أن الساحة منقسمة وإسرائيل تقهر الفلسطينيين، فإنهم عجزوا عن بلورة كلمة موحّدة تواجه العرب، وإنما فرض العرب على الفلسطينيين انقساماتهم.

ولذلك، عندما أبرم الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات، اتفاقية صلح منفرد، أي ما عرف بـ “كامب ديفيد”، تصدى له الفلسطينيون وموسكو وطهران وعواصم عربية كانت متأثرة بالموقف السوفيتي في مواجهة الموقف الأمريكي – الإسرائيلي.

أما طوائف اللاجئين الآخرين، فهم من مناطق النزاعات أو بسبب فشل الحكومات في التنمية. ومقصد اللاجئيين بصفة عامة هي أوروبا. أما اللاجئنون اليهود إلى فلسطين، فقد جلبتهم الوكالة اليهودية بالتنسيق مع سلطات الانتداب البريطانية في إطار المشروع الصهيوني.

أما حق العودة بالنسبة لكل اللاجئين، فهو حق من حقوق الإنسان التي تتمثل في أن يعود اللاجئ إلى وطنه بعد أن يتعافى الأخير وتخف أسباب اللجوء والنزوح. أما اللاجئ الفلسطيني، فقد كان لجوؤه مؤقتاً، وبعضهم لا يزال يحتفظ بمفاتيح بيته ولم يدرك أن وطنه قد تم سلبه وإحلال المهاجرين اليهود محله؛ ولذلك، يختلف حق العودة الفلسطيني عن حق العودة بالنسبة لطوائف اللاجئيين الآخرين.

إقرأ أيضاَ: شروط ومتطلبات الدولة العربية الديمقراطية في فلسطين

فإسرائيل قامت على جزء من فلسطين، معظم الأراضى، ثم تحايلت بالاستيطان والاحتلال لكي تنزع ملكية أصحاب الأرض وتحل محلهم ما يسمى بـ “المستوطنين” في إطار برنامج لتفريغ فلسطين من أهلها لإقامة إسرائيل الكبرى.

لهذا السبب، اكتسب حق العودة طابعاً خاصاً في حالة فلسطين، خاصة وأن الفلسطينيين لم يغادروا أرضهم طوعاً وفراراً من الاضطراب، كما حدث في بلاد أخرى مثل أوكرانيا والعديد من دول إفريقيا التي نزح منها ملايين بسبب الصراعات العرقية والقبلية وضعف الدولة فيها. أما اللاجئون العرب، فقد فروا من بلادهم بسبب الفوضى التي تسبب فيها الغرب في دول عدة، أبرزها اليمن وسوريا وليبيا، ومع ذلك ظهر الغرب وهو يستقبل الضحايا العرب بمظهر “المحسن رقيق القلب” والحريص على حقوق الإنسان.

وعندما احتفل العالم يوم 21 يونيو/حزيران بـ “اليوم العالمى للاجئين”، تجاوزت الأرقام المليونية للاجئين الـ 250 مليوناً، وكان يتعين في هذا اليوم العالمي بحث أوضاع اللاجئين السياسية والإنسانية وحفظ كرامتهم، وكذلك البحث في معالجة أسباب تدفق اللاجئين، ومعلوم أن الهجرة تختلف عن اللجوء ولكل تنظيم قانوني دولي، كما أن اللاجئين الفلسطينين لهم وضع خاص، حيث صدر القرار 194 / 1948 بعودتهم إلى وطنهم ومنازلهم، وأنشئت لهم وكالة الأونروا خصيصاً لإغاثتهم وتشغليهم في الشرق فى الشرق الأدنى. ومع أن اختصاص الوكالة محدد بالموضوع والإقليم، لكن طريقة تمويلها تقوم على مبدأ التبرعات التي باتت تضعف يوماً بعد يوم، ولذلك صارت أداة إذلال للفلسطينيين، وبداية لتصفيتها وذلك كمقدمة لخطة تصفية الفلسطينيين أنفسهم.

مصدر الصورة: العربي الجديد

د. عبدالله الأشعل

سفير سابق ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ محاضر في القانون الدولي – مصر