أدى الصراع حول توزيع مياه النيل بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى، إلى زيادة تكثيف نقاش طال أمده في المجتمع الدولي حول مشكلة المياه. لقد ولّت منذ زمن بعيد تلك الأيام التي كان يُنظرُ فيها إلى المياه على أنها نوع من أنواع الموارد التي لا تنضب. لكنها، في الوقت نفسه، وزعت كما يبدو بطريقة غير عادلة، فبعض الدول لديها فائض كبير، ولدى البعض الآخر نقص حاد في وفرتها. وتشتد المنافسة، حتما، وتبرز النزاعات، عندما يدور الحديث عن الأنهار العابرة للحدود، وتتفاقم مشكلة توزيع مواردها في ظروف ازدياد أحجام استخدامها للاحتياجات الاقتصادية (الري الصناعي، وبناء السدود لإنشاء محطات الطاقة الكهرومائية، وما إلى ذلك).

وكما هو معلوم، هناك نقص في الموارد المائية بالشرق الأوسط، ما يولد التوتر وزعزعة الاستقرار بين دول هذه المنطقة. يقول فيتالي نعومكين، رئيس “معهد الاستشراق” التابع لأكاديمية العلوم الروسية: “كنت قد شاركت قبل 50 عاماً تقريباً، بصفتي مترجماً شاباً، ضمن محادثات في بغداد بين وفد سوفياتي رفيع المستوى والقيادة العراقية. في ذلك الوقت كان رئيس العراق أحمد حسن البكر ونائب الرئيس صدام حسين. أتذكر كيف أنني لم أستطع تصديق أذني عندما سمعت كيف تحدث قادة ‘البعث’ العراقي بقسوة عن زملائهم السوريين بشأن مشروع بناء سد الفرات الذي يتم إنشاؤه بمساعدة موسكو. بل كان هناك تلميح إلى أنه إذا لم يتم إيقاف المشروع، سينظر العراق في إمكانية توجيه ضربة لسوريا. لحسن الحظ، لم يحدث هذا. لكن بعد ذلك شعرت بمدى أهمية قضية المياه في النظام الأمني لدول الشرق الأوسط. على الرغم من أن معرفتي بمنعطفات الصراع العربي – الإسرائيلي ودور عامل المياه فيه كانت قد أعطتني فكرة جيدة عن ذلك.”(1)

اذا كان موضوع اقتسام المياه مؤهلاً للإنفجار بين دولتين كانا يحكمان بمبادئ حزب واحد (الحزب العربي الإشتراكي) عقيدة وسدة حكم، فالوضع بين الدول العربية والدول الأخرى المجاورة، إن لم ينفجر حتى اليوم، فمرد ذلك ليس بسبب عدم التوزيع العادل للمياه العابرة للحدود، مثال نهري دجلة والفرات في المشرق ونهر النيل في الشمال الإفريقي، وما يعانيه العراق من جه إيران، والأردن من جهة العدو الإسرائيلي، بل الموضوع لا يخلو من التدخلات السياسية من الدول الطامعة والتي لا تعير اهتماماً للقوانين الدولية، وأخرى – كالعدو الإسرائيلي – تناصر الدول الطامعة وتوظف الموضوع المائي في محاصرة الدول العربية. مسألة وقت واستعدادات ومهل قد تنفذ عند امتلاك عناصر القوة اللازمة للدول المجحف بحقها.

سوف نستعرض في هذا البحث مسألة المياه في الوطن العربي بمشرقه ومغربه وتطور الأزمات المائية والتوقعات المستقبلية، في محاولة لرسم بعض اقتراحات الحلول على صعيد الوطن العربي.

أولاّ: مسألة دجلة والفرات بين تركيا وسوريا والعراق

ينبع نهرا دجلة والفرات من أعالي جبال طوروس(2)، الفاصل الطبيعي بين مجتمعي بلاد ما بين النهرين وبلاد الأناضول، وينحدرا باتجاه سوريا والعراق باعثين الحياة والخصب فيهما ومانعين التصحّر عنهما، ثم يلتقيان في شط العرب كانهما يهنئان بعضهما على بعث الخير والجمال بشعب أجاد استعمالهما خلقاً وابداعاً وحضارة.

يتكون الفرات بعد أن يلتقي نهري فره صو ومراد صو في حوض ملاطية. يبلغ طول النهر 2330 كلم، يسير منها حوالي 442 كلم حتى يصل إلى الحدود السورية الحالية. تقدر طاقة النهر بحوالي 31,7 مليار متر3 ينبع 95% منها من جبال طوروس و5% من روافد في سوريا (جدول – 1) أهمها نهر الخابور. أما نهر دجلة فمساره أقصر من الفرات ويبلغ 1900 كلم (منها 400 كلم داخل تركيا) لكن طاقته المائية أكبر لكثرة روافده (الزاب الأكبر، الزاب الأصغر، العظيم، ديالة) وتصل إلى 49 مليار متر3. مصادر مياه دجلة هي 58% من جبال طوروس و12% من جبال زغروس اللذان يقعان تحت السيطرة التركية والايرانية، و30% من روافد في شمال شرق العراق (جدول – 1). إذا نظرنا لدجلة والفرات والروافد كمنظومة مائية واحدة فمصادر المياه موزعة بنسبة 72% في تركيا و7,4% في إيران 20.6% في سوريا والعراق.

معدل تدفق المياه موسمي ويختلف من شهر إلى شهر؛ فبعد فصل الشتاء تذوب الثلوج من أعالي طوروس وتنحدر مياهها بغزارة إلى دجلة والفرات بين شهري أذار وأيار، ومن ثم تشح تدريجياً حتى شهر تشرين الأول قبل البدء بالتصاعد ثانية(3). هذا التدفق الموسمي جعل دول النهر تبني السدود لتخزين المياه واستعمالها للري في موسمي الصيف والخريف الزراعيين ولتوليد الكهرباء.

أ. المشاريع التركية على نهري دجلة والفرات

فكرة استغلال مياه دجلة والفرات بدأت منذ أيام اتاتورك في العشرينات من القرن الماضي بعد ان رسمت معاهدة لوزان العام 1923 الحدود السورية – العراقية مع تركيا وايران على منحدرات جبال طوروس وزغروس بدل أعالي هذه الجبال، كما ترسم الحدود الدولية عادة، مما أفقد سوريا والعراق السيطرة على دجلة والفرات وروافدهما وأصبحا تحت رحمة تركيا وإلى حد ما ايران. في العام 1936، نضجت فكرة استغلال النهرين في تركيا بعد تأسيس ادارة الدراسات الكهربائية التي قدمت دراسة سد كيبان الذي نفذ في العام 1974 على الفرات. هذه الدراسة تبعتها دراسات أوسع وأشمل بعد تأسيس “مشروع جنوب شرق الاناضول” (“غاب – GAP” كما يعرف عالمياً) الذي اقترح إنشاء 22 سداً و19 محطة توليد كهرباء لري 1,7 مليون هكتار وتوليد 7500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية(4). كلفة المشروع قدرت بـ 31 مليار دولار أميركي، وستحتاج إلى حوالي 17 مليار متر3 من مياه الفرات و8 مليار م3 من مياه دجلة(5) وستسبب نقصاً حاداً في دول المصب وخاصة العراق.

أهم هذه المشاريع التي شملها “غاب” هو سد اتاتورك على الفرات الذي يعتبر خامس أكبر سد في العالم، والذي انتهى العمل فيه في العام 1990، ويروي 872,4 الف هكتار ويولد 2400 ميغاوات من الطاقة في تركيا. المشروع الآخر المهم هو منظومة سدي أليسو وجزرة على دجلة الذي سيخزن 10,4 مليار متر3 لتوليد 1200 ميغاوات من الطاقة والذي سيروي 121,000 هكتار من الاراضي الحدودية التركية بكلفة 1,68$ مليار. بدا العمل بهذا المشروع في العام 2006، لكنه توقف في ديسمبر/كانون الأول 2008 بعد اعتراض الجمعيات البيئية والاجتماعية وضغطها على حكوماتها الالمانية والنمساوية والسويسرية التي ألغت في يوليو/تموز 2009 الضمانات لتمويل المشروع. أهم أسباب الالغاء هو تسبب بحيرة السد بفيضان قرية حسن كاييف الاثرية واجبار 10000 من السكان المحليين على هجرة منازلهم.(6)

إقرأ أيضاً: مبررات الأمن القومي العربي في مجال المياه

رغم وقف التمويل الخارجي، أصرت تركيا على اكمال المشروع وانتهى العمل بالمشروع وبدأ التخزين في يوليو/تموز 2019 ووصل إلى 5 مليار م3 في أبريل/نيسان 2020. أمام هذا الواقع أصبحت تركيا مسيطرة على أعظم مصدري مياه للمشرق السوري – العراقي ومؤهلة لبسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على المنطقة.

1. في القانون الدولي

دعا مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” العام 1994 في المادة 5 و6 إلى تقسيم المياه المشتركة بالتساوي والمنطق بين دول المصدر والمصب لضمان استمرارية النهر ومصالح الدول المتشاطئة. العوامل التي يجب الأخذ بها بعين الاعتبار لضمان المساواة هي العوامل المناخية والايكولوجية وحاجة البلدان الاجتماعية والاقتصادية والحاجات الانسانية للسكان الذين يعتمدون على الحوض. كذلك، دعت توصيات المؤتمر في المادة 7 منها إلى عدم قيام أية دولة بأية مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهر الاخرى، وضرورة التشاور معها قبل بناء هذه المشاريع. الجمعية العمومية للأمم المتحدة أقرت مسودة توصيات هذا المؤتمر، العام 1997، بالاجماع ما عدا 3 دول من بينها تركيا، ولكن لم تصادق عليها، إلا 21 دولة من مجموع 35 دولة يجب أن تصادق عليها لكي تدخل في اطار الاتفاقات الدولية. في 17 أغسطس/آب 2014 وبعد انتظار دام 17 عاماً، صادقت الدولة الـ 35 على الاتفاقية وبذلك أصبحت الاتفاقية قيد العمل والتحكيم والمرجعية القانونية الدولية.(7)

2. تركيا وعدم الإلتزام بالقانون الدولي

رفضت تركيا هذا القانون الدولي لإتباعها استراتيجية تتلخص بشعار “البترول للعرب والمياه لتركيا”، وباعتبار نهري دجلة والفرات “نهران وطنيان تركيان”. جاء ذلك في عدة تصاريح ومواقف اهمها تصريح لرئيس الوزراء الراحل ترغت اوزال، العام 1988، حيث قال “ادعاء سوريا والعراق بحقوق في مياه تركيا (يقصد دجلة والفرات) هو شبيه بادعاء تركيا بحقوق في بترول سوريا والعراق. المياه امر سيادي ويحق لنا ان نفعل ما نشاء فيها، فهي ثروة تركية كما هو البترول ثروة عربية ولن نسمح بمشاركتنا ثروتنا المائية ولا نريد مشاركتهم ثروتهم النفطية.”(8)

جدول رقم – 1

هذا الموقف لم يتغير عملياً بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية ذي الميول الاسلامية إلاَّ في الشكل. المشاريع المائية سارت وتسير حسب خطة “غاب” المرسومة من العلمانيين ومن دون اي تنسيق مع دول الجوار؛ فالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دشن مشروع سد أليسو العملاق على نهر دجلة، أغسطس/آب 2006، وأكمل بناؤه بتمويل تركي، وبدأ التخزين العام 2019.

المواقف كذلك لم تتغير في الجوهر فعندما كانت العلاقات جيدة مع سوريا رفض وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، تانر يلديز، في اجتماع مسؤولي البلدان الثلاثة في 3 أيلول 2009 في أنقرة توقيع اتفاق شامل وملزم، ووافق فقط على زيادة مؤقتة لكمية مياه الفرات المتدفقة إلى سوريا إلى 520 متر3/ثانية لمدة شهرين، وادّعى ان تركيا تعطي “أكثر من التزاماتها”.

الجدير بالذكر ان تركيا – تاريخياً – تقاسمت المياه المشتركة مع جيرانها الآخرين، فوقعت معاهدات مع روسيا، العام 1927، قسمت فيها استعمال المياه على 4 أنهر مشتركة بين البلدين (كورو، كورا، اريا، اراس)، ومن ثم وقعت معاهدات اخرى في السبعينات. الشيئ نفسه تكرر مع اليونان، العام 1950، عندما وقع البلدان معاهدة لوزان.

عندما يُسأل الأتراك عن سبب عدم تكرار هذه المعاهدات مع جيرانهم المسلمين، يقولون إن الأنهر بين تركيا وروسيا واليونان هي انهر دولية لانها تفصل تركيا عن البلدين الآخرين، بينما دجلة والفرات نهران “عابران للحدود” ولا يشكلان حدوداً فاصلة!(9)؛ لذلك، فهم يعتبرونهما نهرين تركيين، ويرفضون توقيع أية معاهدة طويلة المدى تلزمهم بنسبة معينة من المياه. هذه البدعة التركية نقضها مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” التي صدقت على توصياته الأمم المتحدة، العام 2014، وهي توضح انه “لا يوجد اي اختلاف جوهري حول مفهوم الانهار الدولية والانهار العابرة للحدود”.

3. أهداف سياسية تتحكم بالموقف التركي من اقتسام الثروة المائية

يكتب محمد رقية، في موقع “الحوار نيوز”، أن الأسباب الرئيسية لتفاقم أزمة المياه بين دول حوض نهر الفرات ودجلة ( تركيا – سوريا – العراق ) وعدم التوصل لحلول عقلانية خلال 4 عقود من الزمن، يعود لربط ازمة المياه بملفات لا تمت بصلة للمياه وبشكل خاص الملفات السياسية والأمنية. وتعتبر تركيا ازمة المياه وملف المياه “كرة ضغط” وسلاح تحارب به كل من سوريا والعراق والمنطقة بمجملها، وكذلك من أسباب تطور الازمة عدم اعتراف تركيا بالصفة الدولية لنهر الفرات وتعده نهراً وطنياً عابراً للحدود، وأنه ثروة قومية خاضعة لسيادتها مثل النفط العراقي، وكذلك رفضها التوقيع على اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية لعام 1997، فضلاً عن استمرار أنقرة في انشاء مشاريعها المائية على النهرين من دون مراعاة حقوق سوريا والعراق وحصصهما المائية، واستمرار التعاون التركي – الإسرائيلي الذي كانت أول بوادره العام 1986 بسبب خط “أنابيب السلام” إلى الكيان المحتل ومنطقة الخليج، الذي أوقفته سوريا، والمأخذ الأساسي على تركيا أنها تمتلك فائضاً مائياً يزيد عن حاجتها الأساسية في منطقة الأناضول مقابل عجز مائي تعاني منه كل من سوريا والعراق.

ويبدو واضحاً الدور الإسرائيلي في هذا الشأن، فقد قدّمت بعض الدول دعما لمشروع الغاب ومن بينها: إسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، وفرنسا… وقد اخذت تركيا قروضاً من إسرائيل لتنفيذ هذا المشروع؛ فإسرائيل طلبت من تركيا شراء أراضي في منطقة جنوب شرق تركيا، ولعل السبب الرئيس وراء هذا الطلب هو الحصول على المياه؛ وبالتالي، التحكّم بالمياه والضغط على طل من سوريا والعراق، علماً أن مشروع الغاب تم تصميمه بأيدي خبراء إسرائيليين، منهم خبير الري شارون لوزوروف والمهندس يوشع كالي. أما المشروع التركي الثاني الذي تم بمساعدة مالية من إسرائيل فهو مشروع سد أتاتورك.

الجدير بالذكر أن 67 شركة ومؤسسة اسرائيلية تعمل في مشروع الغاب منذ العام 1995، وتقوم بشراء الأراضي على ضفاف نهر مناوغات الذي تطمح اسرائيل في شراء مياهه من تركيا لتلبية احتياجات المستوطنات اليهودية. وتقوم مؤسسة “مشاو” الإسرائيلية للتربية والتعليم بنقل التكنولوجيا الزراعية وإنشاء وادارة الحقول إلى المزارعين اليهود في هذه المنطقة الواسعة التي تضم 4 محافظات في جنوب شرق تركيا.(10)

بـ. الموقف الرسمي العراقي

1. ما قبل وما بعد الغزو الأميركي

لمواجهة هذا الواقع، حاولت حكومتا العراق وسوريا وقف العمل في هذه المشاريع المدمرة لشعوبها واقتصادها ولكن دون أية نتيجة مهمة حتى الآن. “عراق صدام حسين” تفرّغ – في الثمانينات – لحربه مع إيران التي عمقت خلافه مع “سوريا حافظ الأسد”، فإعتمد على تركيا اقتصادياً لتصدير النفط عبر المتوسط، ولم يكن في موقع يستطيع فيه مجابهة أي من المشاريع التركية. وما كادت تنتهي حرب إيران، حتى شنَّ حرباً عبثية أخرى على الكويت في التسعينات أدت إلى اضعاف جيشه وفرض عقوبات قاسية همشت العراق كبلد، ومن ثم جاء الغزو الأميركي، العام 2003، وتبعته الانقسامات المذهبية والعرقية التي شلت العراق كلياً وسمحت لتركيا بالاستمرار بمشاريعها دون اي مقاومة عراقية تذكر.

العراق، ما بعد الرئيس صدام حسين، من جهته، طوّر علاقته الاقتصادية مع تركيا أيضاً بإبرام معاهدة التبادل التجاري البالغة 16 مليار دولار، العام 2019، ويسعى البلدان إلى ايصال التبادل التجاري إلى 20 مليار في الأعوام القادمة. وجل ما حصل عليه العراق عندما لوح بإلغاء هذه المعاهدة، حسب السيد حسن الصفار معاون مدير المعهد الوطني في إدارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية، هو ادراج جملة في وثيقة المعاهدة تقول “إن للعراق حقوقاً في مياه نهري دجلة والفرات”. بموازاة كل ذلك، تستمر المشاريع المائية التركية حسب الخطة المرسومة والتي كان آخرها سد أليسو على دجلة، وتُنفد السدود المتبقية من مشروع “غاب” (5% – 10%) حسب الخطة المرسومة، وتزداد الكوارث الاقتصادية على الشعبين السوري والعراقي عام بعد عام.(11)

2. تداعيات تعبئة سد أليسو وتشييد وتشغيل سد جزرة على العراق

من المحتمل البدء بتشغيل سد جزرة العام 2024 وإلى ذاك الوقت يكون قد تم ملء سد أليسو، فإن أسوا الحالات التي يمكن ان تنعكس على سد الموصل تتلخص بما يلي:
– سينخفض متوسط التدفق السنوي المتوقع إلى حوالي 119 م3/ثانية أي أنه سينخفض إلى 22% من متوسط التدفق السنوي لـ 30 عاماً الماضية (553 م3/ثانية). الجدير بالذكر أن معدل التدفق سيكون بمستوى أو أقل من “التدفق البيئي (60 م3/ثانية)” لمدة 5 أشهر، وهذا عملياً سيخرج سد الموصل من الخدمة.
– سيبلغ معدل التدفق التراكمي للعام بأكمله في حوالي 4.6 مليار متر3 أي أكثر بقليل من ما يسمى بـ “المخزون الميت” في سد الموصل وتمثل 42% من طاقة تخزين السد التي تصل إلى 11 مليار متر3، وهذا سيؤدي إلى انخفاضٍ كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية، بسبب تـأثر محطتي سـدي الموصـل وسامراء، اللذين سيتعذر عليهما إمداد المصانع ومحطات ضخ المياه وبقية المؤسسات الأخرى بما تحتاجه مـن طاقـة ضرورية لتشغيلها.
– ازدياد نسبة الملوحة في حوالي 600 – 700 ألف هكتار من أجود الأراضي الزراعية وخاصة الشمالية، وزيادة الأراضي الجرداء المتصحرة بـ 3 ملايين دونم (7,500 كلم) في الوسط والجنوب حسب الخبراء، سيتسبب بخروج 25% – 35% من الأراضي الزراعية من الخدمة.

3. ايران وبناء السدود على نهر دجلة

من الناحية الانسانية، يقدر الخبراء ان نسبة قد تصل إلى 5 ملايين عراقي ستضطر للهجرة إلى المدن أو الدول المجاورة طلباً للرزق بسبب شح مياه الشرب والتصحر، إذ لا يكفي هذا البلد المنكوب أمنياً من مآسي سياسية. كما ستتفاقم المسألة المائية وتزداد سوءاً من جانب إيران التي تسيطر على 6 ملايين متر3 (15%) من المياه المتدفقة للعراق حالياً، حيث تقوم بدورها ببناء السدود وتحويل الانهار إلى داخل الاراضي الإيرانية على روافد دجلة في الشمال (الزاب الاصغر، ديالة) وعلى نهري الكارون والكلخ في الجنوب قرب شط العرب. إلى جانب الاحتمال الكبير لانهيار السدود التركية بفعل الزلازل، فهناك علاقة سببية مؤكدة علمياً بين وقوع الزلازل بسبب السدود العملاقة وبحيراتها، وعلاقة أخرى بين انهيار السدود بسبب الزلازل في المناطق الناشطة زلزالياً، حسب الخبير طلال بن علي محمد مختار، أستاذ علوم الجيوفيزياء في احدى الجامعات السعودية.(12)

جـ. الموقف الرسمي السوري

1. انعكاس المسألة المائية على العلاقات السورية – التركية

في تسلسل تاريخي شمل تسعينات القرن الماضي، كتبت الباحثة السورية آلاء دياب، تعليقاً على مقالة راجي سعد(13)، للتذكير بـ “بعض المعلومات عن التقاطعات التاريخية؛ العسكرية والسياسية التي تدل على أن الماء سيصبح له ثقل مؤثر في قرارات المنطقة وخصوصاً في العلاقة مع إسرائيل”، وادرجت تداعيات القرارات التركية وردود الفعل السورية عليها في مواضيع ناتجة عن ملف المياه:
– في العام 1980، أصدرت رئاسة الأركان التركية تقريراً جاء فيه إن الخطر قادم من الجنوب، وإن العدو الأكبر لتركيا هو سوريا.
– في العام 1983، نصبت تركيا بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية صواريخ “بيرشنغ” على حدودنا بحجة مواجهة الصواريخ السوفيتية في سوريا.
– في العام 1987، وقِّعت معاهدة سلام بين سوريا وتركيا كانت أول اتفاقية سلام متعلقة بمسألة النزاع على المياه، لكنها لاقت انتقاداً واسعاص في تركيا بحجة أنها تضر بمصالحهم.
– في العام 1989، بعد اجتماع أوجلان بالسوفيتين في دمشق، ردت تركيا بقطع مياه نهر الفرات الجاري إلى سوريا، فقامت طائرات “الميغ” السورية باسقاط طائرة مسلحة تركية وقتل 5 أشخاص.
– في العام 1990، قطعت تركيا المياه الجارية بحجة ترميم سد أتاتورك، فرد الرئيس حافظ الأسد بحضور لمراسيم احتفالات حزب pkk في وادي بيكا.
– في العام 1992، أعلن الرئيس التركي الراحل سليمان دميرل – عند افتتاح سد أتاتورك – أنه لاحق لسورية والعراق في الأنهار المائية.
– في العام 1993 ومع استمرار هجمات حزب العمال الكردستاني، زار دميرل دمشق، فتعهد بضمان جريان المياه بعيداً عن أية اتفاقية ملزمة؛ وفي نفس الوقت، بدأ مشروع تطوير جنوب الأناضول –GAP، وهو عبارة عن 22 سداً و 19 مصنعاً لتوليد الطاقة الكهرومائية و 17 نظاماً للري.
– في العام 1995، اتهمت سوريا تركيا بأن مياه نهر الفرات ملوثة إلى حد كبير، وتقدمت بالشكوى إلى الجامعة العربية واجتمعت دول مجلس التعاون الخليجي وصدر “إعلان دمشق” الذي تضمن انتقاد واسع لأنقرة.
– في العام 1998، أعلن رئيس الأركان التركي أن بلاده في حالة حرب غير معلنة مع سوريا، وتم عقد اتفاق أضنة حتى بدأ التقارب بين البلدين.

خلصت الباحثة إلى أن التقاطعات التاريخية السياسية العسكرية تطول، لكن الفكرة الأساسية أن مسألة المياه ستكون ورقة بيد تركيا ضد دول الجوار، محاولة لكسب دور سياسي في صناعة القرار الإقليمي في المنطقة؛ فتركيا، تعتقد أنها تستطيع أن تخفف حدة التوتر بين دول الجوار وإسرائيل إذا قدمت عرضاً لحل مشكلة المياه، فإسرائيل تسيطر على نهر اليرموك ومرتفعات الجولان وحوض الأردن مما يرفع حدة التوتر مع فلسطين والأردن وسوريا، لذلك قدمت أنقرة عرضاً بنقل مياه سيحان وجيمان باستخدام أنابيب كلفتها 5 بليون دولار، حظي هذا العرض بترحيب من إسرائيل وبرفض الدول الباقية.(14)

2. الإستراتيجية السورية بين النجاح والفشل

تبقى الإلتزامت التركية عرضة للتغيير حتى بشخص من أصدرها؛ ففي العام 1987، وقّع البلدان “بروتوكولاً امنياً” حصلت سوريا بموجبه على وعد تركي بضخ 500متر3/الثانية من الفرات في مقابل الأمن على الحدود بين البلدين. هذا الوعد لم يكن كل ما تريده سوريا التي سعت إلى اتفاق ملزم. ومع ذلك حاول الرئيس دميرل التهرب من “الوعد” بقوله إن “القرار التركي باعطاء سوريا 500 متر3 كان عشوائياً”.

قطعت تركيا مياه الفرات عن دول المصب لمدة شهر لتعبئة بحيرة أتاتورك، فزادت سوريا دعمها لحزب العمال الكردستاني الذي حاول تخريب بعض السدود وتاأخير العمل في بعض المشاريع. هذه الاستراتيجية السورية لم تنجح على المدى البعيد وأًجْبرت سوريا على ترحيل عبد الله اوجلان، زعيم حزب العمال، لتفادي حرب غير متوازنة مع تركيا، العام 1998. حصلت سوريا أيضاً على بعض الدعم العربي عبر الجامعة العربية في التسعينات، لكن دون أي تأثير يذكر على المشاريع التركية.(15)

بعد تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم وغزو اميركا للعراق في العام 2003، وجدت سوريا نفسها مطوقة من كل الجهات ومهددة بعدوى التقسيم الطائفي والعرقي السائد في العراق، فبدأت بتمتين العلاقات السورية – التركية ووقعت، العام 2004، اتفاقاً للتبادل التجاري الحر، وتبعها تأسيس مجلس استراتيجي وإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين حتى تخطى التبادل التجاري بين البلدين 2 مليار دولار العام 2009. ولكن كل هذا، لم يجدي نفعاً في اجبار تركيا على توقيع اتفاق مائي ملزم. بعد العام 2011، تدهورت العلاقات وانقطعت الاتصالات بسبب الدعم التركي للميليشات المسلحة في سوريا، ووصلت إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة لكن المحدودة والتي انحصرت في ادلب.

ثانياً: مصر – إثيوبيا وسد النهضة

أ. أخطار سد النهضة على الأمن القومي المصري

تشير أغلب الدراسات، إلى أن محاولات إثيوبيا التهوين من أخطار السد يتم بمشورة الخبراء الإسرائيليين، فعلى موقع وكالة التعاون الدولي الإسرائيلية ماشاف – MASHAV “على موقع “فايسبوك” تاريخ 3/12/2019، بالإشارة إلى أن 20 خبيراً إسرائيلياً في مجال المياه والزراعة يشاركون في تقديم الخبرات لإثيوبيا في هذا المجال(16)، لكن النسبة العظمى من الخبراء المصريين وغيرهم يؤكدون المخاطر الكبرى المحتملة على مصر، وتتمثل في الآتي(17):

1. قيام السد على منطقة فالق زلزالي، فإن احتمال انهياره لاحقاً تحت تأثير زلزال يزيد عن 4 درجات على مقياس ريختر قد ينتهي إلى إغراق مساحات واسعة من مصر والسودان (التي يبعد السد عن حدودها نحو 40 كم فقط)، مما قد يقود لخسائر بشرية كبيرة من المصريين والسودانيين. ووفق المخططات الأمريكية للمشروع، والتي بدأت لفترة تعود للعام 1964 من خلال مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي – US Bureau of Reclamation، فإن المنطقة التي سيقام فيها السد تتسم بالهشاشة الجيولوجية التي تجعلها أقل قدرة على تحمل تخزين أكثر من 11 مليار متر3، فهي امتداد لما يسمى الأخدود الإفريقي أو حفرة الانهدام الكبير -Great Rift Valley(18)، ولعل ذلك هو ما دعا الخبراء المصريين إلى دعوة إثيوبيا لتقليص التخزين من 74 مليار متر3 إلى أقل من 30 مليار متر3.

2. تعتمد مصر بنسبة تتراوح بين 80% – 85% من حصادها المائي على النيل، ويقدر الخبراء أن ملء سدّ النهضة خلال فترة ما بين 3 – 5 أعوام سيقود إلى تراجع 20% من حصة مصر البالغة 55.5 مليار متر3، طبقاً لاتفاقيتي 1929 و1959، وعليه يتراجع نصيب الفرد المصري من المياه من 2,500 متر3 سنوياً إلى 600 متر3.

3. إن ملء سد النهضة قد يقود إلى أن يبقى السد العالي فارغاً لمدة 12 عاماً طيلة فترة الملء الإثيوبي، وهناك خلاف بين مصر التي تطلب أن يتم ملء السد خلال 10 أعوام، وإثيوبيا التي تسعى لملئه خلال 3 أعوام فقط، وهو ما قد يقود إلى سلسلة من النتائج السلبية الكبرى أهمها(19):
‌- جفاف الري عن مساحة واسعة من الأراضي الزراعية، مما سيؤدي إلى تقليص المزروعات التي تحتاج كميات كبيرة من المياه مثل الأرز، حيث يقدر أن تنخفض المساحة المخصصة لهذا المحصول الأهم لسلة الغذاء المصري من 1.8 مليون فدان إلى 724 ألف فدان، أي نحو 40% من حجم المساحة الحالية في العام 2020.
– انخفاض منسوب المياه الجوفية وخسارة مصر ما بين 11 – 19 مليار متر3 من المياه، وتداخل مياه البحر مع المياه في الدلتا المصرية مما يقود إلى ارتفاع نسبة الملوحة في التربة وجعلها أقل صلاحية للزراعة، والتلوث وتهديد الثروة السمكية، بالإضافة إلى تراجع الطاقة الكهربائية في مصر بين 25% – 40%.

4. إن مواصلة إثيوبيا لمشروعها قد يغري بقية دول الحوض الأخرى لبناء سدود مماثلة مما يفاقم الأخطار السابقة الذكر على مصر والسودان، ويغرق الشرق الإفريقي ومنطقة حوض النيل في نزاعات عميقة ومدمرة.

بـ. الإسهام الإسرائيلي في مشروع سدّ النهضة الإثيوبي

لم يكن نهر النيل بعيداً عن الفكر الاستراتيجي الصهيوني منذ البداية، إذ إن فكرة إنشاء مشروعات صهيونية بهدف إيصال مياه النيل إلى إسرائيل بدأت العام 1903 من خلال دعوات طرحها بشكل واضح ثيودور هرتزل – Theodor Herzl، وعادت الفكرة للظهور بشكل واضح خلال الفترة 1964 – 1974، وتجددت مرة أخرى في فترة التسعينيات من القرن العشرين.

ومعلوم، أيضاً، أن موضوع إيصال مياه النيل إلى النقب في فلسطين المحتلة كان ضمن بنود المناقشات المصرية – الإسرائيلية في مفاوضات كامب ديفيد – Camp David Accords، عامي 1978 – 1979، وبدأت هذه المناقشات بشكل واضح مع دراسة اليشع كالي – Elisha Kali عام 1974، ومشروع شاؤول أرلوزوروف – Shaul Arlozorov الذي عرف بمشروع “يؤر” العام 1977(20)، وكلاهما من خبراء هيئة المياه الإسرائيلية. وترتب على هذه الأفكار طرح مشروع قناة جونجلي – Jonglei Canal، في جنوب السودان، كوسيلة لتعويض مصر عن المياه التي ستذهب للنقب طبقاً لذلك، وهو ما أفرز مشكلات عديدة في جنوب السودان(21)، أسهمت في نهاية المطاف مع عوامل أخرى في تأجيج النزاع في السودان لينتهي بانفصال الجنوب وتحوله إلى إحدى الدول الإفريقية الأكثر تقارباً مع إسرائيل، هذا من جانب.

من جانب آخر، يبدو ملفتاً الاهتمام الواضح في الجامعات الإسرائيلية بالمياه في إفريقيا خصوصاً تلك التي لها صلة بأقطار عربية، وفي مقدمتها دول حوض النيل، وهو ما يعني أن إسرائيل ترى في النيل مصدراً إما للضغط على مصر – من خلال مساندة مشروعات دول الحوض بشكل يؤثر على حصتها من مياه النهر – أو لفتح مجال تطبيع معها من خلال مشاريع مشتركة تسهم خطوة للأمام في تحويل الصراع العربي – الصهيوني إلى صراع “غير صفري – non-zero sum game”.

وتقف إثيوبيا على رأس الدول الإفريقية التي تحظى بإهتمام الدوائر السياسية الإسرائيلية، سواء لما تروجه الدعاية الإسرائيلية لجذور تاريخية وأخرى حديثة ومعاصرة، سواء زمن الامبراطور هيلا سيلاسي – Haile Selassie (أسد يهوذا)، أم الإبعاد التي ركز عليها رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو – Benjamin Netanyahu، في خطابه عام 2016 أمام البرلمان الإثيوبي (مشيراً إلى الملك سليمان)، أم من خلال الإشارة للروابط السكانية (يبلغ عدد اليهود الإثيوبيين في إسرائيل نحو 140 – 150 ألف نسمة)، ناهيك عن تطور العلاقة الإثيوبية – الإسرائيلية، خصوصاً الدعم العسكري والتقني الإسرائيلي في فترة الصراع الإثيوبي – الأرتيري، وفي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وهو ما يؤكد الاهتمام الإسرائيلي الكبير بتطوير العلاقة بين تل أبيب وأديس أبابا.(22)

وعند متابعة الدور الإسرائيلي في تأجيج موضوع سد النهضة بين مصر وإثيوبيا خلال الفترة 2011 – 2020، سنتوقف عند الملاحظات التالية التي تستحق التأمل وفهم دوافعها(23):
1. تؤكد مصادر مختلفة وجود طابق كامل في مبنى وزارة المياه والكهرباء الإثيوبية يقيم فيه خبراء المياه الإسرائيليون، وهم يقدمون الخبرة التفاوضية والفنية للفرق الإثيوبية، وأكد ذلك وزير الري والمياه المصري السابق، محمد نصر علام، وكرره مسؤولون سودانيون من ذوي العلاقة بالمؤسسات الخاصة بالري والمياه. كما أعاد ذكره نائب رئيس الأركان المصري محمد علي بلال، ماير/أيار 2013، متحدثاً عن وجود أعداد كبيرة من الإسرائيليين يعملون في السد الذي يتم بناؤه بتمويل غربي وأمريكي (البنك الدولي، وإيطاليا، وبنك الاستثمار الأوروبي)، وبنك التنمية الإفريقي، والصين، وإسرائيل.

2. نشاط الشركات الإسرائيلية، لا سيّما تلك التي لها علاقة باحتياجات بناء سدّ النهضة الإثيوبي، حيث تتواجد بشكل فاعل الشركات الإسرائيلية مثل: شركة سوليل بونيه – Solel Boneh للإنشاءات في كل من كينيا، وإثيوبيا، وأوغندا، إلى جانب شركة أغروتوب – Agrotop للزراعة، وشركة كور – CORE للإلكترونيات، وشركة موتورولا الإسرائيلية – Motorola Israel للكهرباء والماء، وشركة كارمل – Carmel للكيماويات.

كما رفعت إسرائيل من حجم استثماراتها في قطاع الطاقة، العام 2018، بقيمة 500 مليون دولار من خلال شركة جيجاوات جلوبال – Gigawatt Global، وهي شركة لها علاقات مع 10 جامعات إثيوبية، وهناك 10 مؤسسات أخرى إسرائيلية تعمل في إثيوبيا. كما أكد النائب المصري، أحمد العضوي، أن النشاط الإسرائيلي في إفريقيا، وخصوصاً في إثيوبيا، يستهدف التأثير على المصالح المصرية وأبرزها حصة مصر من النيل من خلال الدعم الإسرائيلي لمشروع سد النهضة.(24)

3. بعد تصاعد الخلاف بين إثيوبيا ومصر حول آثار السد الإثيوبي، تواترت تقارير إسرائيلية، وغربية، وعربية، العام 2019، عن قيام إسرائيل بنصب نظام دفاع جوي من نوع “سبايدر إم آر – Spyder-MR” حول سدّ النهضة الإثيوبي يمكنه من إسقاط الطائرات الحربية من على بعد 5 – 50 كم، وقد قامت 3 شركات إسرائيلية، وهي شركة رفائيل – Rafael المتخصصة في الصواريخ وفرع إم.بي.تي – MBT للصواريخ التابع للصناعات الجوية الإسرائيلية وشركة أنظمة إلتا – Elta المتخصصة في الرادارات، بإنجاز هذا النظام الدفاعي لإثيوبيا.

إقرأ أيضاَ: حرب السدود في الشرق الأوسط

4. هناك ترابط بين المساندة الإسرائيلية لإثيوبيا في موضوع سدّ النهضة وتنامي العلاقات المختلفة بين الطرفين؛ ففي الجانب الاقتصادي يصل حجم التبادل التجاري بين إثيوبيا وإسرائيل، حتى العام 2019، نحو 300 مليون دولار(25)، ويصل عدد المشاريع الإسرائيلية العاملة في إثيوبيا إلى 187 مشروعاً أغلبها في الزراعة، حتى العام 2017.(26)

من جانب آخر، تزايد التنسيق الأمني بين الطرفين بعد حادثين هما تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام العام 1998 من ناحية، والهجوم على أحد المتاجر اليهودية الكبرى في كينيا من قبل مجموعة “الشباب” الصومالية العام 2013. وتدرك إسرائيل أهمية إثيوبيا لتطل منها على المحيط الهندي والبحر الأحمر الذي تمر منه 20% من تجارتها الخارجية، ناهيك عن الأطلال على منابع النيل، وتتعزز كل هذه الجوانب بالتعاون في التصنيع والتدريب العسكري.

5. التحريض الاعلامي والسياسي على مصر؛ فقد أشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن السياسات المائية المصرية أضرت بالمصالح الإثيوبية، فقد ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل – The Times of Israel في أحد مقالاتها إلى أن “عواقب هذه السياسات المصرية قد أضرت بشدة بإثيوبيا على مدى عقود، وإن إثيوبيا، الغنية بالمياه، مكبلة باتفاقيات ملزمة قانوناً بعدم استخدام مواردها المائية لتوفير الشراب لسكانها البالغ عددهم 90 مليون نسمة، أكبر من سكان مصر، وهو ما جعلها تعاني فترات طويلة من الجفاف والمجاعة”.

وبناء عليه، يجب على صانعي السياسات والممارسين والباحثين في العالم العربي تركيز الإهتمام على دور المياه، واعتماد السياسات التي تحول إدارة وتخصيص الموارد المائية إلى قوة تربط المجتمعات بعضها ببعض، إذ ستبقى السدود التي تبنى على منابع نهر النيل، في إثيوبيا، ونهري دجلة والفرات، في تركيا، خطراً حقيقياً إضافياً يهدد الأمن المائي العربي، الذي يشكل خطراً يضاف إلى الأخطار الكبرى التي تهدد الأمن القومي العربي اليوم.

يستخلص الدكتور وليد عبدالحي في دراسته أن إسرائيل معنية بإضعاف أيّ دولة عربية “أكثر” من عنايتها بإضعاف الأنظمة العربية مع أهمية إضعاف الأنظمة، ويعتقد بأنها تدرك مركزية المكانة المصرية في النظام الإقليمي العربي؛ وعليه، فإن تغير النظام في مصر إلى نظام معادٍ لها سيكون له مخاطر أمنية كبيرة علىيها إذا كانت مصر قوية، وعليه لا بدّ من إبقائها ضعيفة سياسياً (بإضعاف مركزيتها الإقليمية والدولية)، واقتصادياً (بحرمانها أو التأثير على مواردها المركزية ومنها النيل)، وعسكرياً (بإغراقها في مواجهات داخلية في سيناء)، وعلى حدودها مع ليبيا والسودان (حول حلايب وغيرها)، ومع إثيوبيا…إلخ.(27)

جـ. استعدادات عسكرية وامنية لمواجهة العواقب المحتملة

في تصعيد واضح لسقف خياراتهما في أزمة سد النهضة، مع اقتراب إثيوبيا من الملء الثاني للسد على نهر النيل، نظمت مصر والسودان مناورة عسكرية ضخمة تحت اسم “حماة النيل”، وبمشاركة قوات برية وبحرية وجوية. أهداف التمرين – وفق المتحدث بإسم الجيش المصري – تشمل “تأكيد مستوى الجاهزية والاستعداد للقوات المشتركة، وزيادة الخبرات التدريبية للقوات المسلحة لكلا البلدين.ويأتي هذا التمرين استمراراً لسلسلة التدريبات السابقة ‘نسور النيل 1’، و‘نسورالنيل 2’.”

بعد الأخذ بعين الإعتبار “تلويح” وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بردِّ فعل مصري – رفض أن يحدده – في حال تجاوز أديس أبابا الخطوط الحمراء في الأزمة، فإن الموضوع مفتوح على احتمالات لا تلغي الخيار العسكري، فهل يشكل هذا التمرين وسيلة للضغط المعنوي على إثيوبيا لتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، أو أن الهدف من تواجد القوات المصرية هو حماية السودان من أي رد فعل إثيوبي، في حال توجيه القوات الجوية المصرية ضربة عسكرية لسد النهضة.

ثالثاً: الإدارة الفعالة للموارد المائية في العالم العربي مفتاح النمو المستقبلي والاستقرار

توقع تقرير منظمة الأغذية الزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والبنك الدولي أن ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن تكون إما عاملاً مزعزعاً للاستقرار أو دافعاً يقرّب المجتمعات بعضها ببعض، حيث يعتمد الأمر على السياسات المتخذة للتعامل مع هذا التحدي المتنامي.

في العام 2018، حذّر أحد تقرير، بعنوان “إدارة المياه في النظم الهشة: بناء الصمود في وجه الصدمات والأزمات الممتدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، من أن عدم الاستقرار المقترن بضعف إدارة المياه يمكن أن يتحول إلى حلقة مفرغة تزيد من تفاقم التوترات الاجتماعية، مع التأكيد على أن الإجراءات اللازمة لكسر هذه الحلقة يمكن أن تكون أيضاً عناصر أساسية للتعافي وتعزيز الاستقرار.

وأضاف التقرير المشترك “تزداد تحديات المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شدة يوماً بعد يوم؛ فالطلب المتزايد وتغير المناخ والمنافسة فيما بين القطاعات والتوسع الحضري كلها تفاقم تحديات شح المياه القديمة قدم الدهر في المنطقة. وفي بعض بلدان المنطقة، يؤدي ضعف هياكل الحوكمة غير الملائمة والحوافز إلى ترك هذه التحديات دون معالجة إلى حد كبير، فضلاً عن عدم استمرار الإجراءات والسياسات. وقد أسفرت التشوهات الحالية في السياسات والمؤسسات عن نظام لا يدرك قيمة المياه.”

ويخلص التقرير الأممي إلى أن عدم التوصل إلى حلول لتحديات المياه “يزيد الهشاشة تفاقماً، فأزمات المياه تولد ضغوطاً على قدرة الأفراد والمجتمعات على الحفاظ على أمن سبل كسب العيش والاستقرار السياسي، والأوضاع الهشة – التي تتصف بضعف المؤسسات وعدم فاعليتها، والتاريخ الحافل بالصراعات، ونظم كسب العيش غير المستدامة، والبنية التحتية المتداعية أو المتضررة – تزيد التحديات تعقيداً في مواجهة الإدارة المستدامة للمياه.”(28)

في الخاتمة

إن هذا التنافس في حقيقة الأمر نابع من الخلفيات التاريخية للمنطقة التي اثرت على التوزيع الحالي للمياه؛ فالحكومات الاستعمارية المنتدِبة هي المسؤول الأول عن هذا التقسيم من خلال توقيع بعض الاتفاقيات بالنيابة عن بعض الدول (مثل مافعلت حكومة الانتداب البريطاني)، كما ان ضبابية المبادئ القانونية بشأن تقاسم مياه الأنهارالمشتركة جعلت من دول المنبع (كتركيا) تأخذ من المبادئ ما يتوافق مع مصالحها، مما يجعل تجدد النزاعات حول هذا المورد ليس بالأمرالمستبعد.

بعد هذه المحاولة لإسقاط “جيو – بوليتيك المياه” على حالتي دجلة والفرات ونهر النيل – من دون الدخول في الملف الأردني وتشعباته والذي سوف نستعرضه في دراسة على حدى – فمن خلال استعراض لأهم ديناميكيات الاطراف الرئيسية في كل قضية يمكن استخلاص بعض النقاط التالية:
1. تعنى جيو – بوليتيك المياه – عموماً – بدراسة النزاعات السياسية على المياه، مما يجعل منطقة الشرق الأوسط الأسيوية بمثابة نموذج حي لهذا الشأن. إن ذلك التناقض بين الحدود السياسية واتجاه تدفق الموارد المائية كالأنهار، يجعل من المنطقة عرضة لتجدد النزاعات حول المياه. وما يعزز النقطة السابقة، وجود الكيان الصهيوني الذي كرس شتى الوسائل لإستغلال المياه في المنطقة، وقد بدا ذلك من خلال مشاريعه المتواصلة لتغطية ومواكبة عمليات التوسعة في انشاء المستوطنات.

2. تعاني المنطقة من ضعف الاطارالقانوني خصوصاً في قضية مياه نهري دجلة والفرات، فالطرف التركي يأخذ من مبادئ القانون الدولي ما يتناسب ومصالحه، متجاهلاً بذلك الطرف العربي. ولقد أثبتت الملاحظة التاريخية للتنافس الإسرائيلي – العربي، أو التركي – العربي، أن هذا التنافس لم يقتصر على الطرفين فحسب، بل حتى داخل الطرف العربي أثيرت الكثير من التوترات والتي كادت ان تتحول إلى نزاعات.

في الخلاصة – نحو استراتيجية عربية للأمن القومي المائي

1. اقتراح انشاء مجلس اعلى للمياه في الجامعة العربية، للاشراف على وضع الخطط وتنفيذها والتفاوض كجسم واحد عن أية دولة معنية، سواء م تركيا أو مع إثيوبيا. هذا المجلس يمكن ان يستعين بكثير من الخبرات العربية في الوطن والمهجر، وأن يشمل عدة لجان تقنية تضع الدراسات القانونية والبيئية والتاريخية والاعلامية التي تدعم الحفاظ على الثروة المائية. ومن البديهي الدعوة إلى تمتين الروابط الاقتصادية بين الدول المعنية عبر زيادة التبادل التجاري والتعاون في مشاريع الطاقة كتطوير خط انابيب النفط بين كركوك وبانياس وطرابلس. ومن مهمات هذا المجلس المقترح التعاون الدولي مع الجمعيات البيئية والاجتماعية العالمية؛ فقد استطاعت تلك الجمعيات ان تضغط على حكوماتها الاوروبية لقطع الدعم المادي عن مشروع سد اليسو على نهر دجلة فأوقف الاتحاد الاوروبي التمويل وجُمد العمل فيه منذ العام 2008 كما ذكرنا سابقاً؛ لذلك، يجب ان لا يستهان بقدراتها التجييرية. كما ينبغي توجيه التحذير للشركات الهندسية والبنوك الدولية وصولاً إلى مقاطعتها اذا ما شاركت بأي من المشاريع المائية غير المتفق عليها بين الدول المتشاطئة حسب القانون الدولي.

2. تقديم الدراسات الموحدة في المشرق العربي ومغربه، في مجالات الاستشمار بالطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والهوائية داخلياً والابتعاد تدريجياً عن استعمال السدود لتوليد الطاقة واستعمال المياه للري والحاجات الانسانية فقط، فتوليد الطاقة يتطلب إطلاق مياه السدود في مواعيد لا تتناسب بالضرورة مع متطلبات الري وقد يؤدي ذلك إلى هدر للمياه. لقد تمكن المغرب من الإستفادة من المساحات الصحراوية الشاسعة لتوليد الطاقة الشمسية وبيع قسم منها إلى أوروبا، وبدأت دول الخليج واسرائيل الإستثمار في الطاقة الشمسية، فقد يعنى المجلس المقترح بتقديم المشورة إلى كافة الدول العربية لتوحيد الجهود، فالمساحات الشاسعة والمناخ الحار يجعلان هذه الطاقة بديلاً عملياً للمياه واستثماراً مربحاً على المدى البعيد.

3. تفعيل دور القانون الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة بتبني دراسة “حيادية” حول ظاهرة وقوع الزلازل في منطقة جنوب شرقي تركيا، ومدى تأثير ذلك علـى سدود المياه المقامة فيها. أيضا يجب الضغط على الجانب التركي على عدم القيام بإملاء سد أليسو واتاتوك وغيرهما بكامل طاقتهم التخزينية قبل إتمام الأمم المتحدة لدراستها، وذلك خوفاً من إحتمـال تعرضها لزلزال قوي قد يؤدي على الأرجح، حسب الخبراء، إلى انهيارات وتصدعات في السدود وتكون عواقبها وخيمة على العراق. وقد يعنى المجلس بإعداد ملفات تقنية تساعد الدولة المعنية بتقديم الشكاوى إلى المؤسسات، الدولية كمحكمة العدل الدولية ومجلس الامن، في حال تعنت الدول المجاورة وتمنعها عن الإلتزام بنصوص القوانين الدولية.

المراجع:

(1). فيتالي نعومكين،رئيس «معهد الاستشراق» التابع لأكاديمية العلوم الروسية/ موسكو في مجلة “الشرق الأوسط” بعنوان الماء والسياسة في 21 يوليو 2021 مـ رقم العدد [15576] على الرابط
https://bit.ly/3vPsaTZ
(2). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
http://en.wikipedia.org/wiki/Tigris%E2%80%93Euphrates_river_system
(3). لمزيد من التلافصايل، أنظر:
River Of Fire: Conflicts over water in the Middle East; Amon Soffer,1999
(4). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
http://en.wikipedia.org/wiki/Southeastern Anatolia_Project
(5). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Water Security in the Middle East: Growing Conflict Over Development in the Euphrates Tigris Basin; Peter MacQuarre,2004
(6). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Middle East Medea Desertification; Water Crisis in Iraq: The Growing Danger of 23 July 2009 Nimrod Raphaei; dr. Research Institute
(7). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
International Water courses; Unated Non-navigational Uses of Convention on the Low of Nations, 1997
(8). العرب والفرات بين تركيا واسرائيل – عايدة العلي سري الدين – 1997
(9). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Tigris-Euphrates River Dispute; http://www.l .american.edu/TED/ice/tigers.htm
(10).محمد رقية، موقع الحوار نيوز، مقالة بعنوان “السدود التركية على دجلة والفرات” تاريخ 1 – 6 –2021 على الرابط:
http://www.chamobserver.org/?p=24321
(11). العراق يواجه نقصاً في تدفق المياه بسبب مشروعات تركية، العربية نت، تموز 2020
(12). دراسة بعنوان “نهر دجلة: التأثير الهيدرولوجي لسد إليسو على سد الموصل” قام بها مؤخرا “معهد النشر الرقمي المتعدد التخصصات”،MDPI، في باسيل، سويسرا في آذار 2020
(13). راجي سعد، مهندس وباحث في شؤون المشرق على الموقع الإلكتروني “سرجيل”، مقالة بعنوان:هل سيموت الفرات ودجلة في العام 2040؟ المشاريع والسدود القاتلة التركية و(زوال الهلال الخصيب)!سبتمبر/ أياول 16, 2020 على الرابط:
https://bit.ly/3SDvJqm
(14). آلاء دياب. 18/9/2020. على الموقع الإلكتروني “سرجيل”.
(15). راجي سعد، مرجع سابق.
(16). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
https://www.facebook.com/MASHAVisrael/posts/welcome-to-israel-twenty-water-experts-from-kenya-and-ethiopia-are-participating/2634469419969660/
(17) خبير مصري: “سد النهضة” سينهار في غضون سنوات، موقع قناة روسيا اليوم RT، 31/10/2018، انظر:
https://bit.ly/2zi4Nok
(18). أحمد أمل (محرر)، “سد النهضة: المخاطر، المغالطات، الشراكة الممكنة،” ص 38 و41.
(19). أحمد أمل ، ص 13-14.
(20). اليشع كالي، المياه والسلام: وجهة نظر إسرائيلية، ترجمة رندة حيدر (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1991)؛ وباسم شعبان، النيل وأزمة توزيعه، مجلة الجيش، لبنان، العدد 397، تموز/ يوليو 2018.
(21) لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Ronald Bleier, “Will Nile Water Go to Israel? North Sinai Pipelines and the Politics of Scarcity,” pp. 113–124; and Phil Finnegan, Egyptians dispute Sadat bid to give Nile water to Israel, site The Christian Science Monitor, 21/1/1980, https://www.csmonitor.com/1980/0121/012150.html
(22). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Michael B. Bishku, “Israel and Ethiopia: From Special to Pragmatic Relationship,” Conflict Quarterly journal, vol. 14, no.2, 1994, pp. 38-56.
(23). أكد السيد هاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، والسيد حيدر يوسف وكيل وزارة الري السودانية، وجود طابق خاص للخبراء الإسرائيليين. انظر:
Walaa Hussein, Is Israel key to solving Renaissance Dam crisis?, site of Al-Monitor, 2016, https://www.al-monitor.com/pulse/fa/originals/2016/03/egypt-okasha-israel-ambassador-meeting-renaissance-dam.html;
(24). وليد عبد الحي: الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سدّ النهضة الإثيوبي– مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات، على الرابط:
https://bit.ly/3zLlZ4H
(25). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Site of International Policy Digest, 4/9/2019, https://intpolicydigest.org/2019/09/04/ethiopia-and-israel-s-pivot-to-africa/
(26). لمزيد من التفاصيل، أنظر:
“Israeli Penetration into East Africa Objectives and Risks,” site of Al Jazeera Centre for Studies, 29/9/2016, https://studies.aljazeera.net/ar/node/1485
(27). وليد عبد الحي: الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سدّ النهضة الإثيوبي
(28). تقرير منظمة الأغذية والزراعة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تاريخ28 أغسطس/ آب 2018، ستوكهولم – على الرابط:
https://www.fao.org/neareast/news/view/ar/c/1150771/

مصدر الصور: أوريانت 19 – سيرجل – أرشيف سيتا – وكالة الصحافة الفرنسية.

العميد م. ناجي ملاعب

باحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية / عضو الهيئة العلمية لمجلة الدراسات الأمنية – لبنان