تمكنت الجزائر من تحقيق تحولات إيجابية مست مختلف المجالات الاستراتيجية وأعطت فرصاً حقيقية وعملية لتطوير البلاد ولتحسين حال الشعب الجزائري، ولاسترجاع أدوار محورية عالمياً خاصة في إفريقيا وفي حوض المتوسط، حيث مكنت الجزائر لإيطاليا أوروبياً في سياق تعاقد استراتيجي سيكون له أثر كبير على مكانتها ضمن محيطها الأوروبي.
في مقابل ذلك كان هذا الاتفاق بمثابة نكبة ونكسة لدول أخرى لم تحسن ممارسة السياسة مع الجزائر باعتبارها القوة المتوسطية العائدة لرسم حدود وأسس معاملات مستقبل الطاقة والاقتصاد على ضفتي المتوسط مروراً بالعمق الأوروبي ووصولاً لأقصى اوروبا أين ستكون الطاقة والغاز معياراً لتقييم الحكومات واستقرار السياسات ومختلف المعاملات وبموازين المصالح الاستراتيجية التي لا يمكن الاستهانة بها ولا التهاون في خياراتها.
على غرار إسبانيا التي ضيعت عليها حكومة بيدرو شانسيز فرص شراكة واعدة مع الجزائر الدولة الموثوقة ذات المكانة الدولية من حيث المبادئ والقيم وصاحبة التاريخ الناصع في تمام التزامها بتعهداتها مهما كانت الظروف، لتضفي خيارات الجزائر خارجياً وداخلياً مكاسباً وإنجازات لا ينكرها إلا الجاحد.
أما داخلياً فقد وفى الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون بتعهداته التي التزم بها أمام الشعب الجزائري حين كانت أبواق الفتنة تشكك في الانتخابات وأهميتها وتقلل من قيمتها وتحارب كل من يدعوا للتمسك بالخيار الديموقراطي وبالبناء الدستوري للمؤسسات، فكانت الإنجازات أفضل رد لإسكات أصوات النشاز التي تمرست في الفتن وتدبير المكائد.
إنها الجزائر التي أصبحت فيها الحكومة ملتزمة بمتابعة تطورات الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطن وتجتمع بشكل دوري وبحركية لم تكن معهودة لدرجة أن القرارات السيادية والالتزامات الثابتة بسياسة اجتماعية رائدة وذات أبعاد اقتصادية اصبحت محل اهتمام وتثمين مؤسسات دولية ذات طابع اقتصادي على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي الذي خالف تقاريره وتوقعاته التي كانت سلبية قبل سنة.
كما تناول أيضاً خبراء منتدى دافوس الاقتصادي في نسخته 53 تطورات الاقتصاد الجزائري بإيجابية وباهتمام لافت وغير مسبوق في العقود الأخيرة، لتتوالى المكتسبات بوتيرة أفقدت أعداء نجاح الجزائر سيطرتهم على قراراتهم التي أبانت على شبهات ارتباط أغلبها بقوى تنشط خارج الوطن ممن تضررت مصالحهم وهم بالأساس من الأعداء التاريخيين للجزائر.
وآخر ما أزعجهم هو كشف مخابئهم التي كدسوا فيها أموال الشعب الجزائري وبمبالغ كبيرة تبين حجم المؤامرات المحاكة ضد الجزائر، وفي سياق انكشاف مخطط تكديس الأموال وجب الحديث عن أهم مؤسسة مالية في الجزائر التي يمكن اعتبارها محرك الكتلة النقدية في الاقتصاد الجزائري وهي مرتبطة مباشرة بمعيشة المواطن وبحياته اليومية، وفي ظل استرجاع الدولة للأموال المنهوبة، كان من المفترض أن مؤسسة بريد الجزائر ستنتعش اكثر وستكون فيها استجابة لتوجهات الدولة الرامية لدمج الأموال المكدسة في الدورة النقدية الرسمية، فلماذا كان خيار الإضراب سباقاً عن أي آليات أخرى تخدم الاقتصاد الجزائري؟
أم أن المقصود من الإضراب هو إضفاء التعطيل لقطاع حيوي بما لا يلبي نشوة وفرحة شباب الجزائر في مجالات مختلفة سواءً كانت رياضية أو اجتماعية واقتصادية، وآخرها نجاح الجزائر في إبرام اتفاقات استراتيجية مع إيطاليا؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى ألم يكن خطاب الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون واضحا بمنحه آخر إنذار لمن يكدسون الأموال في البيوت وفي الحاويات، فهل أزعجت هذه القرارات الرادعة الرامية لاسترجاع اموال الشعب الجزائري، خاصة المليارات التي اتضح أنها مكدسة في المنازل بشكل مقصود وبما لا يخدم التنمية الاقتصادية؟
أم أن اختيار تاريخ الإضرابات غير مهم، وقد يكون عفوياً وتزامنه مع منحة الشباب البطال الذي يعتز بوطنه وبما حققه من تحولات إيجابية لا يعبر بالضرورة عن رغبة الأعداء التاريخيين الذين يسعون إلى التعطيل والتشكيك في مكتسبات لم يسبق وأن تحققت من قبل؟
مصدر الصورة: DW.
إقرأ أيضاً: أوروبا على حافة الكارثة.. والجزائر باتت وجهة الساسة الأوروبيين
د. عمار إبراهيمية
كاتب وباحث – الجزائر