تعرض التلفزيونات العربية في رمضان برامج ومسلسلات مخصصة للشهر الفضيل لكنها تختلف من حيث المستوى والقيمة الفنية بحسب ما تتضمنه من رسالة هادفة او مواضيع تخدم مواكبة التطورات الاجتماعية، لكن تاريخ الانتاج التلفزيوني العربي في شهر رمضان كان في غالبية منتجاته يركز على التاريخ الناصع للأمة، فلماذا تغيرت الاهتمامات وتحولت فجأة لمعالجة قضايا غير اخلاقية ولا يقبلها المجتمع نفسه الذي من المفترض انها موجهة له؟
بالرغم من التبريرات التي يقدمها القائمون على انتاج ” مسلسل الدامة ” الا ان اللغط مزال مستمرا ضد عرض هذه السلسلة التي حملت حلقاتها مواضيع تعتبر مرفوضة اجتماعيا، خاصة عند متابعة الانتقادات الواسعة عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي اتسمت بالانزعاج المجتمعي من تناول مشاكل غير اخلاقية لا تليق بقيم المجتمع كمتاجرة بنت محجبة بالمخدرات والمهلوسات، وما اثار الجدل ايضا كان بروز كتاب بعنوان ” يهود الجزائر ” في مشاهد المسلسل.
هذا بالإضافة لعبارات اخرى كانت مكتوبة على الحائط في مشاهد مدروسة بالتأكيد لان اختيار موقع تصوير اي مشهد او لقطة لا يتم الا بعد ان تعالج الخلفية وما فيها من رسائل ضمنية او صريحة، والعبارة التي حيرت الجميع هي لمسمى منظمة ارهابية مكتوبة بحروفها الفرنسية، والتي تصنفها الدولة الجزائرية في خانة التنظيم الارهابي الذي يسعى عناصره الى زعزعة استقرار الوطن، فكيف تمرر رسائله في معرض مسلسل يروي احداث تدور حسب منتجيه في اعرق الاحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية؟
أيعقل ان تكون عفوية وفي سياق مغاير تماما لمحتوى المسلسل؟ لتستمر التبريرات في خانة ان الغرض من عرض هكذا عمل هو اثراء للإنتاج الاعلامي والتلفزيوني الجزائري من واقع المجتمع الجزائري نفسه، فهل تراجع المستوى الاجتماعي للمجتمع لدرجة التركيز على الحالات الشاذة من الأفكار الدخيلة؟
أليس للجزائر تاريخ زاخر بالبطولات التي تستحق صرف المليارات في انتاج تلفزيوني عمومي هادف لضمان تواصل المجتمع مع ماضيه الناصع لترسيخ مفاهيم الوطنية والدفاع عن القضايا العادلة؟ وليبقى العدو عدوا وإن تزين بلسان الناصح، ولتفهم الدروس بخصوص مقاصد افساد العلاقات الاجتماعية في مجتمع لم يقبل بمجرد ابراز عناوين كتب فيها ايحاء بالتطبيع مثلا او تسعى لتنويم المجتمعات عن قيمها واغفالها عن واجبها تجاه حقوقه ومواقفه مع القضايا الجوهرية.
مصدر الصورة: العربي الجديد.
إقرأ أيضاً: المؤسسات الصحية في الجزائر: من المقاربة القانونية إلى الخطاب الديني
د. عمار إبراهيمية
كاتب وباحث – الجزائر