إبراهيم ناصر*
في فعالية غير مسبوقة تعد الأولى من نوعها نُظمت بمدينة شرم الشيخ المصرية، شاركت وفود أكثر من 50 دولة فعاليات القمة العربية الأوروبية الأولى، والتي أخذت شعار “في إستقرارنا نستثمر”، إستهدفت الوفود المجتمعة فتح مرحلة جديدة من التعاون بين دول الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي، هاتان الكتلتان الإقليميتان الجارتان اللتان تشكلان قلب العالم في الماضي والحاضر وكذلك المستقبل.
وبناء على البيان الختامي الصادر عن القمة، ناقشت الوفود ملفات عديدة ذات إهتمام مشترك، منها الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن التباحث حول مستجدات أهم القضايا الراهنة في المنطقة العربية مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية وتطورات القضية الفسلطينية.
وفي هذا السياق رحبت العديد من الأطراف بعقد القمة، وتوقعوا بأن تأسس لشراكة إستراتيجية بين العالمين العربي والأوروبي، بالرغم من تباين وجهات النظر في ملفات حقوق الإنسان في الدول العربية، وأخرى كموقف الدول الأوروبية من النظام الإيراني، إذ تدعم دول الإتحاد الأوروبي، كألمانيا، البقاء في إتفاقية 5+1 النووية الموقعة مع طهران، وهذا أمر تعتبره الدول العربية، وخصوصاً الممكلة العربية السعودية، مضراً بمصالحها وتهديداً لأمنها القومي.
الأوروبيون بين الواقعية والمبادئ
في كثير من الأحيان، ينتقد الساسة الأوروبيون مسائل حقوق الإنسان والحريات في البلدان العربية، وفي أكثر من مرة أيضاً يطلق الساسة الأوروبيون تصريحات تدعم حقوق الشعوب، وهذا ما يتسبب في انزعاج الأنظمة العربية ويُأزم العلاقات مع الدول الأوروبية، ما يتسبب في إندلاع حرب كلامية بين الطرفيين.
إن إتخاذ بعض دول الإتحاد الأوروبي، كهولندا، لإجراءت حظر تصدير السلاح للمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، ما هي إلا خطوة تشكل موقفاً سياسياً حيال الأزمة اليمنية، مع العلم بأن أكبر الدول المصدرة للمعدات العسكرية كالمملكة المتحدة وفرنسا ليس بصدد مناقشة منع بيع السلاح للدول العربية. وبالتالي، نلاحظ بأن مواقف بعض الدول الأوروبية الناقدة لسياسات الأنظمة العربية هي بمثابة خطوات إنفرادية، ولا تمثل قرار جامع لدول القارة.
إن الدوافع خلف مشاركة الزعماء الأوروبيين، بقمة شرم الشيخ، يمكن وضعها في إطار الواقعية السياسية حسب الرؤى الأوروبية، لأن حالة عدم الإستقرار في الدول العربية، أضرت بالإندماج بين أعضاء الإتحاد الأوروبي، لأنها تسببت في تدقف اللاجئين بأعداد مهولة، وهذا ما أدى إلى نوع من الإنزعاج لدى شعوب دول القارة وخدم التيارات الشعبوية اليمينية المتطرفة المهددة للوحدة الأوروبية. لذا، يحاول القادة الأوروبيين إنهاء أزمات المنطقة العربية من خلال تأهيل زعمائها المنتهكين للحقوق الإنسان.
بالمجمل، إن الدول الاوروبية وبالرغم من عدم فعالياتها في العديد من ملفات المنطقة العربية، يأمل القادة العرب منها مشاركتهم في حل قضايا المنطقة، وخصوصاً بعد التحيز الأمريكي الكامل في الصراع الفلسطيني – الإسرئيلي لدولة الكيان الصهيوني، بجانب توافق الروئ بين الأنظمة العربية والدول الأوروبية بأن أخطاء سياسات واشنطن أضرت بأمنهما وإستقرارهما؛ فمن خلال تظافر الجهود بينهما، يحاول الطرفان تلافي الأضرار المترتبة من سياسة أمريكا الشرق أوسطية. وبالتالي، باتت الدول الأوروبية الآن بين خيارين. إما تغاضي النظر على ممارسات الأنظمة العربية، أو التمترس وراء مبادئها.
*باحث بالشأن الإفريقي.
مصدر الصورة: مجلة العربي.