شارك الخبر

مركز سيتا

خسر حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زعامته في الانتخابات البلدية للمرة الأولى منذ 22 عاماً، وفي 30 مدينة بالجمهورية، بما في ذلك إسطنبول وأنقرة، احتلت المعارضة مناصب رؤساء البلديات، بالتالي، إن نتائج التصويت، إلى جانب الأزمة الاقتصادية داخل البلاد، قد تدفع الرئيس التركي إلى إعادة النظر في نهجه تجاه السياسة الداخلية والخارجية، لكن من غير المرجح أن يكون لذلك تأثير قوي على العلاقات بين روسيا وتركيا، وكذلك على موقف أنقرة من الأزمة الأوكرانية.

المعارضة تفوز للمرة الأولى منذ 20 عاماً

خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الذي أسسه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، أمام المعارضة للمرة الأولى منذ 22 عاماً في الانتخابات البلدية التي أجريت في 31 مارس/آذار، وكان زعيم السباق هو حزب الشعب الجمهوري: فقد سيطر على 35 مدينة، وحقق حزب أردوغان نجاحاً في 24 مدينة فقط، وبناء على نتائج فرز 99% من الأصوات، يحتفظ حزب الشعب الجمهوري بأكبر المدن التركية، إسطنبول وأنقرة.

وكان رئيس بلدية إسطنبول، ممثل المعارضة أكرم إمام أوغلو، الذي يتولى منصبه منذ عام 2019، قد أعلن فوزه، وبالمناسبة، يعتبره الخبراء المنافس الأبرز لأردوغان في الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها عام 2028.

وأضاف: بناء على نتائج فرز 96% من المحاضر من مراكز الاقتراع، حصلنا على أكثر من 52% من الأصوات، أي أكثر من مليون صوت، وفزنا في الانتخابات.

وفي العاصمة التركية أنقرة، يحتفظ السياسي المعارض منصور يافاش أيضاً بمنصب رئيس البلدية، كما يشغل منصبه منذ عام 2019، وحصل في الانتخابات الأخيرة على 59% من الأصوات.

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل إن الناخبين اتخذوا الاختيار الصحيح نحو تغيير تركيا، وقال السياسي: “إن الناخبين يريدون فتح الباب أمام مناخ سياسي جديد في بلادنا بعد 22 عاماً (من حكم حزب العدالة والتنمية)”.

وقد اعترف رجب طيب أردوغان بهزيمة حزبه في الانتخابات المحلية ودعا إلى تصحيح الأخطاء التي ارتكبت: “نتائج الانتخابات اليوم ليست النهاية، بل نقطة تحول، والفائز في الانتخابات هو الديمقراطية والإرادة الوطنية، وقال الرئيس التركي: إن “الحزب سيعمل على تصحيح أخطائه”.

وبحسب المفوضية العليا للانتخابات التركية، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 78.11%، وفي المجمل، تم تسجيل أكثر من 61 مليون ناخب، وفتح لهم أكثر من 206 ألف مركز اقتراع.

أسباب هزيمة العدالة والتنمية

إن أحد الأسباب الرئيسية لهزيمة حزب العدالة والتنمية هو حقيقة أن أردوغان لم يفِ بوعوده التي قطعها خلال الحملة الرئاسية عام 2023 ولم يتمكن من حل المشاكل الرئيسية في البلاد المتعلقة بالوضع الاقتصادي الصعب، وفي هذا السياق، يمكن اعتبار التصويت للمعارضة بمثابة نوع من الاحتجاج.

لقد فضل المواطنون المعارضة لأنها ركزت بشكل خاص على الوضع الاقتصادي، كما إن الناخبين كانت لديهم توقعات عندما صوتوا لصالح أردوغان العام الماضي، والآن بعد أن تبددت آمالهم، قرروا التأرجح في الاتجاه الآخر .

بالإضافة إلى ذلك، أثبت رؤساء البلديات المعارضون في إسطنبول وأنقرة أنفسهم قبل فترة طويلة من فشل الناخبين والانتقادات على صفحات وسائل الإعلام الحكومية في التأثير على التصويت.

لقد ظل الوضع الاقتصادي في الجمهورية صعباً بالفعل في الآونة الأخيرة، وفي أوائل شهر مارس، وصلت الليرة التركية مرة أخرى إلى أدنى مستوى تاريخي مقابل الدولار الأمريكي، حيث وصلت إلى أكثر من 32 ليرة لكل دولار واحد، وفي الوقت نفسه، في عام 2024، فقدت العملة الوطنية 8٪، وفي عام 2023 انخفضت الليرة بنسبة 37٪، وبحسب البيانات الرسمية وحدها، بلغ معدل التضخم السنوي في البلاد نحو 67%.

كما أن عواقب الزلزال الذي وقع في 6 فبراير 2023 ليست ذات أهمية كبيرة، فقد بقي حوالي 700 ألف شخص بدون سكن وما زالوا في مساكن مؤقتة، وبحسب بيان أردوغان، فقد بلغ إجمالي خسائر هذه الكارثة ما يقارب 104 مليارات دولار.

وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا التطور في الأحداث، إلى جانب الأزمة الحالية، يعطي المعارضة بعض الأسباب للنظر في خيار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

لقد عزز أكرم إمام أوغلو موقعه بشكل جدي كمنافس لأردوغان بعد فوز آخر في انتخابات رئاسة البلدية في إسطنبول، وفي موجة الانتصار قد تدعو المعارضة بعد فترة إلى إجراء انتخابات مبكرة، لكن من غير المرجح أن أردوغان سيتخذ مثل هذه الخطوة .

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الاحتمال – إجراء انتخابات مبكرة – قد رفضه في السابق كبير مستشاري الرئيس التركي محمد أوكوم.

السياسة الخارجية

كانت الشكوى الرئيسية للمعارضة التركية من أردوغان دائماً هي المسار الذي اختاره للمشاركة في المشاكل الإقليمية والدولية بدلاً من حل المشاكل الداخلية، نحن نتحدث بشكل أساسي عن الوضع في سوريا، والأزمة مع مصر، والحرب في غزة، ومحاولات التوسط في حل الأزمة الأوكرانية.

بالتالي، إن نتائج الانتخابات قد تصبح سبباً مهماً للتركيز على حل الأزمة داخل البلاد ومن الممكن أن يصبح ذلك سبباً لمراجعة بعض مكونات السياسة الخارجية.

ولتحسين الاقتصاد، سيحتاج أردوغان إلى المساعدة من الغرب، ولا يمكن استبعاد أن تصبح سياسته فجأة أكثر تأييداً للغرب، وربما سيؤثر ذلك على العلاقات بين موسكو وأنقرة، لكن من عير المرجح أن يحدث أي تغيير جدي في الموقف من الأزمة الأوكرانية.

ولكن حتى لو نشأ بعض التوتر في العلاقات بين تركيا والاتحاد الروسي، فمن غير المرجح أن تنضم أنقرة إلى العقوبات المناهضة لروسيا، ومع ذلك، يمكن توقع لوائح أكثر صرامة فيما يتعلق بنقل البضائع الغربية من خلال الواردات الموازية.

أما فيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بالمشاكل الإقليمية، فإن الاتهامات الرئيسية لمعارضي الرئيس التركي الحالي تتلخص في عدم اتساقه وتباين تصريحاته وأفعاله، كما هو الحال على سبيل المثال في الحرب في قطاع غزة، على الرغم من تصريحات أردوغان القاسية بشأن تل أبيب، إلا أن تصدير المتفجرات والذخائر والأسلحة إلى إسرائيل لم يتوقف.

بالتالي من غير المستبعد أن يستجيب أردوغان لنداءات المعارضة ويركز على السياسة الداخلية، فالرئيس التركي، بشكل عام، بدأ في التعامل مع هذه القضايا، لكن “حتى الآن الأمر صعب للغاية بالنسبة له”.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: رويترز

إقرأ أيضاً: الانتخابات التركية.. توجه جديد للسياسة الخارجية


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •