حددت إسرائيل معياراً واحداً للنصر على المقاومة وهي إزالة حماس وإطلاق سراح الأسرى اليهود.
أما المعيار المقابل فهو عدم تمكين إسرائيل من تحقيق الهدفين، وطبعاً هزيمة إسرائيل هو انتصار للمقاومة. هذا بالمعيار الإسرائيلي. لا شك أن صمود المقاومة أمام الحشد الإسرائيلي الغربي الأمريكي وشجاعتها في المواجهة. ولا شك أن المقاومة بعملياتها يوم 7 أكتوبر حققت أهدافاً كثيرة في مجملها يعتبر انتصاراً ليس فقط للمقاومة وإنما انتصار للقضية التي تراجعت كثيراً هذا من الناحية السياسية والإعلامية، نقطة ثانية أن المقاومة ألحقت أضراراً بشرية كبرى في صفوف جنود الجيش حتى أن لواء النخبة غولاني اضطر بسبب خسائره ثم سحبه من غزة. نقطة ثالثة، كسرت المقاومة هيبة الأجهزة العسكرية والأمنية خاصة وأن المواطن يعتمد على حماية الجيش حتى يبقى في إسرائيل وبالطبع هذا الكسب قضى على صفقة القرن المبرمة بين إسرائيل والرئيس الأمريكي ترامب.
معايير النصر والهزيمة خاصة بين المقاومة وهي ميليشيات، فقد درجت إسرائيل على هزيمة الجيوش العربية ولكنها تواجه موقفاً جديداً وهو التصدي للمقاومة.
المعيار الأول: المعيار الاستراتيجي حيث حققت المقاومة نصراً استراتيجياً يتعلق بمصيرها ومصير صفقة القرن. فقد كسرت المقاومة هيبة الأجهزة العسكرية والأمنية وهي أساس وجود اليهود في إسرائيل ولذلك خرج من إسرائيل حوالي نصف مليون والنزيف مستمر لأن اليهود فقدوا المصطنع ثم أن المقاومة استولت على كنوز المعلومات التي نقلتها أمن نجائها. يضاف إلى ذلك أن معاملة المقاومة لأسرى إسرائيل رغم صعوبة الأوضاع وهذا يتجاوز الموقف إلى ساحة أوسع هي صورة الإسلام الذي كان عرضه ليهود العالم ضد غزة الأحزاب.
المعيار الثاني: وقد وضعت إسرائيل هدفاً استراتيجياً ولايزال الواقع بعيد جداً عن هذا الهدف. فقد كسرت إسرائيل أنها تريد التخلص من المقاومة حتى تستقر إسرائيل وتأمن في مكانها خاصة وأن المحيط العربي على الأقل على مستوى الحكام وأصبحت إسرائيل تخشى الوسط الشعبي العربي الذي قهره الحكام حلفاؤها وتعلم تماماً أن هذا وضع مؤقت.
المعيار الثالث: هو كشف سلوك اليهود في إسرائيل الذين كشف سلوكهم عن البلطجية ووهم السلام معهم. وهذا المعيار أخطر الهزائم بالنسبة لإسرائيل.
المعيار الرابع: أن الشعب الفلسطيني اندمج مع مقاومته وهذه مقدمة ضرورية للتقريب بين المقاومة والسلطة، ويترتب على ذلك أن أحد ألا يملك إملاء شيء على فلسطين.
المعيار الخامس: يبدو في الظاهر أن واشنطن تمنع الحكام العرب من أن يظهروا.
المعيار السادس: أن إسرائيل لديها القرار ولا يجرؤ حاكم عربي على تحديها ويدخل المساعدات، كما أن إسرائيل وواشنطن موقف واحد.
المعيار السابع: أسقطت المقاومة الحكومة المتطرفة في إسرائيل وسوف تستقيل بمجرد وقف القتال.
المعيار الثامن: أن إسرائيل تمارس القتل وليس القتال، والمفروض أن تحاكم على إبادة العرق الفلسطيني أمام المحكمة الجنائية الدولية.
المعيار التاسع: ظهر أن الحكام العرب أكثر ولاء لإسرائيل وأمريكا أكثر من تمسكها بقيم العروبة والإسلام، كما ظهر أن وحدة المصير بين إسرائيل وهؤلاء الحكام حقيقة بعد أن كانت افتراضاً.
المعيار العاشر: ظهر أن المواجهة بين المقاومة وإسرائيل مواجهة وجودية فإذا كانت إسرائيل تريد أن تستأصل المقاومة ولاتصبح غزة بؤرة تهديد، فإن إفشال المقاومة هذا الهدف الحاسم بالنسبة لمصير الرهائن وإسرائيل يعد انتصاراً استراتيجياً.
بالاضافة إلى هذه المعايير هناك معايير عسكرية خاصة بمهارات المواجهة المسلحة ولايرتجى نصر المقاومة أن تزيل إسرائيل فوراً وتستولي على أرض إسرائيل أما المعايير السياسية فقد صعدت القضية الفلسطينية إلى مستويات عالية من الرأي العالمي، كما أن ملحمة غزة كشفت أمام الشعوب تشدق حكومات الغرب بالقانون وحقوق الإنسان بينما سلوكها يناقض ذلك.
ومن المعايير السياسية أيضاً شبه التحام بين القيادات الإسرائلية وشبه التحام بين القوى السياسية الفلسطينية والتحام كامل بين المقاومة والشعب مقابل فقدان الشعب الإسرائيلي الثقة في جيشها وهمها الأول إطلاق سراح الأسرى وبعد ذلك يلتفتوا إلى قضية إقامتهم في إسرائيل.
أي هدنة مفيدة للجانب الفلسطيني لأنها تحفظ حياة الآلاف ولكن هذا الموقف ترفضه المقاومة وتريد بدلاً من ذلك وقفاً شاملاً للإبادة ولكن هذا الموقف يؤدى إلى زوال نتنياهو.
مصدر الصورة: أرشيف سيتا.
إقرأ أيضاً: تحديات الوساطة في الصراع بين إسرائيل والمقاومة
السفير د. عبدالله الأشعل
سفير سابق ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ محاضر في القانون الدولي – مصر